
أبحث عن نفسي تحت جفون السحابة، ووقت هطول المطر، كلما جاء الصيف وحنّ الرعد وسكبت أمزان السحابة، كلما تحركت الأشواق في نفسي لأبحث عني بين لمعان البرق وحنين الرعد.
جاء الصيف هذا العام محمّلًا بالحياة والمطر من تحت العرش على جناح السحابة بعد غياب طال، وغياب الأحبة يخلق حنينًا كحنين العيس، تتفجّر فيه الأرض شوقًا وتفيض، يستوي الزرع والطير والأنعام والإنسان والنمل وكل ما يدبّ ويتنفس، وفي المقدمة الأرض وترابها والجبال وصخورها.
كل شيء في هذه الحياة يحتفي بالمطر، فالمطر هو الرحمة التي تحتاجها الحياة، والغيث الذي يكسوها جمالًا ويجلب الطمأنينة والسكينة للريف والمدينة، للمزارع والمصانع والمداخن والمآذن.
المطر يحمل بين قطراته حكاية الإنسان وقصته المخلوطة بالفرح والحزن، واللقاء والفراق، والضحكة والدمعة، مختزلًا قصة الحياة الإنسانية منذ غربته القديمة، حيث الغريب المغترب من أجل مواراة سوأته ومداراة خطيئته الملازمة له.
يحملها باكيًا على نفسه ومن نفسه، كما حمل قابيل أخاه هابيل نادمًا حزينًا باكيًا كيف قتل أخاه بيده في هذا الفراغ المؤحش. وهل ضاقت الأرض بأخوين؟
مثلما كان الكِبْر فتنة إبليس، كان الحسد فتنة آدم، الذي يقف وراء خطايا بني آدم وتعاستهم.
لو تحرر الإنسان من الحسد، فقد تحررت روحه من أثقال التراب.
دعونا من هذه التفاصيل التي كُتبت على البشر، وعودة إلى المزن الهاطل والحياة الآتية بعد غياب وجفاف، والذي يحمل في أمزانه آيات الرحمن ورحمات ربي التي وسعت كل شيء.
فيه تتجدّد روح الأرض، ويستنشق التراب، ومن فوق التراب هواء الحياة، بينما ترفل أغصان الأشجار بأغنية الربيع طربًا، فتتراقص الطير فرحًا مع لمع البرق وحنين الرعد وتموّج السحابة.
الكل يسبّح بحمد ربي اللطيف القدوس. سبحان من سبّح الرعد بحمده والملائكة. إنه وجه السحابة الجميل الجذّاب، فأل خير، وقدومها حياة ومسرة.
اللهم أدم الخير والسلام، وحقق المسرات.