هل استقر الخوف في أمريكا؟
دولي
منذ 6 أيام
مشاركة

محمود خليل، طالب فلسطيني في جامعة كولومبيا، حاصل على الإقامة الدائمة ومتزوج من أمريكية، تم إيقافه الشهر الماضي وأقر ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي ضرورة ترحيله في علاقة بالتظاهرات المساندة للقضية الفلسطينية.

لكن رغم وضعيته القانونية وبالرغم من غياب جرم واضح، فإن محكمة في لويزيانا أقرت يوم السبت قرار الترحيل، وهو ما اعتبره محامو خليل انتهاكا لحرية التعبير.

قصة هذا الشاب ليست معزولة عن وضع عام في الولايات المتحدة بدأت تنبعث منه مؤشرات مقلقة حول أهم وأقدم مكسب من مكاسب تاريخ البلد وهو الحرية التي بدأت تنحصر وراء أجواء من الخوف. 

ملف محمود خليل لا يحمل أي جرم موصوف أو تعد على القانون الأمريكي، كل ما في الأمر أن تنديده بالجرائم التي حصلت في غزة ونشاطه في التظاهرات، اعتبر تهديدا للأمن في أمريكا لأنه شكل من أشكال معاداة السامية. لكن الواضح أن الإشكال يكمن فقط في تعارض مواقف الطالب مع توجهات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب القريب جدا من نتنياهو. مع هذه التوجهات الجديدة أصبح مجرد نقد السياسة الإسرائيلية جرما تعاقب عليه الحكومة الأمريكية الأجانب. إنه توجه واضح لبث جو من الخوف في صفوف الطلاب الأجانب المساندين للقضية الفلسطينية وتحديد لحقوقهم. 

استهداف الأجانب عبر نشر جو من الخوف لا يهم الطلبة فقط، بل يتجاوزه حتى إلى الباحثين الذين يتمتعون بمنح بحث من طرف الدولة الأمريكية. فبعد أن أصبح هؤلاء مقيدين في أبحاثهم بتجنب تلك القائمة الطويلة من الكلمات مثل المرأة، الجندر، المساواة، الإجهاض وغيرها، فهم اليوم يتحاشون حتى كتابة مراسلات إلكترونية خاصة تتناول هذه المواضيع خوفا من ردة فعل إداراتهم، ذلك أن العديد من الباحثين الأجانب فقدو منحهم لهذه الأسباب المتعلقة بأبحاثهم. فالخوف لم يعد يتهدد حرية التعبير بمعناها العام فقط، بل أصبح يتهدد حرية البحث الأكاديمي. وحتى العديد من الباحثين الأمريكيين أصبحوا يتوجسون من مناخ الخوف الذي استقر مع ترامب مع توسيع دائرة المحظور التفكير فيه. لذلك انتظموا في حراك "قف للدفاع عن العلم" أو بالإنجليزية (Stand up for science).

استقرار أجواء الخوف في أمريكا تحيل عادة على أفلام هوليود من الخيال العلمي مثل نهاية العالم أو الغزو الخارجي أو الكوارث الطبيعية. لكن لا أحد كان يتوقع أن تستقر أجواء خوف سياسي، أي خوف مواطن من الحاكم الأمريكي الذي اختاره هو بالانتخابات. لكن تلك هي حقيقة الأنظمة الشعبوية التي تبقى الديمقراطية بالنسبة إليها مجرد أداة لخدمة هواجس القائد حتى على حساب الحقوق وعلى حساب الدولة.     

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية