على الاتحاد الأوروبي الدفاع عن "المحكمة الجنائية الدولية"
مجتمع إنساني
منذ أسبوع
مشاركة

(بروكسل) -- قالت 58 منظمة غير حكومية اليوم إن على "الاتحاد الأوروبي" الدفاع عن "المحكمة الجنائية الدولية" وسط الهجمات الخطيرة على ولاية المحكمة ومهمتها. قد تقوّض هذه الهجمات العدالة لضحايا الجرائم الدولية الخطيرة حول العالم، مما يستدعي تحركا عاجلا من الاتحاد الأوروبي لدعم النظام الدولي القائم على القواعد.

المحكمة الجنائية الدولية هي حجر الزاوية في نظام أوسع للمساءلة، حيث تعمل كمحكمة الملاذ الأخير عند توقف سبل العدالة الأخرى. اعتقال الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي ونقله مؤخرا لمواجهة تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية يؤكد مجددا جدوى المحكمة ويبيّن أهميتها في ضمان المساءلة عن أخطر الجرائم.

لطالما كان الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء من أشد المدافعين عن المحكمة الجنائية الدولية، وقاموا بالتزامات مُلزمة قانونية لتعزيز عالمية ونزاهة "نظام روما الأساسي"، المعاهدة المنشأة للمحكمة. تعهّد الاتحاد الأوروبي بدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، والتعاون معها، وتطبيق مبدأ التكامل، الذي يضمن عدم تحرك المحكمة إلا عندما لا تُجري السلطات الوطنية تحقيقات جدية في الجرائم الدولية وتلاحق مرتكبيها، حسب الاقتضاء. كان هذا الدعم الراسخ أساسيا لعمل المحكمة منذ إنشائها قبل أكثر من 20 عاما.

في 6 فبراير/شباط 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يُجيز استخدام تجميد الأصول وحظر الدخول على مسؤولي المحكمة وغيرهم ممن يدعمون عملها. تُعدّ العقوبات الأمريكية التي تستهدف المحكمة الجنائية الدولية إهانة للضحايا وعائلاتهم. لا ينبغي أبدا فرض العقوبات على المدعين العامين والقضاة وغيرهم ممن يسعون إلى تحقيق عدالة مستقلة ونزيهة في الجرائم الدولية الأساسية.

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بموجب أمر 6 فبراير/شباط، وقد تُصدر عقوبات إضافية في محاولة لتقويض تحقيقات المحكمة التي تُعارضها. للعقوبات المالية الأمريكية آثار خطيرة تتجاوز بكثير المستهدفين، وقد تُؤدي إلى حرمان المحكمة من الوصول إلى الخدمات الأساسية اللازمة لتنفيذ ولايتها. يُفترض أن الأمر التنفيذي لا يهدف فقط إلى ترهيب مسؤولي المحكمة وموظفيها المشاركين في تحقيقاتها الحاسمة، بل يهدف أيضا إلى التأثير سلبا على التعاون الأوسع مع المحكمة الجنائية الدولية، بما فيه من جانب منظمات المجتمع المدني الداعمة للضحايا.

أدانت معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي العقوبات الأمريكية في بيانات وطنية ومشتركة، إلا أن الاتحاد الأوروبي ككل لم يُعرب بعد عن معارضته في بيان رسمي، في تناقض صارخ مع مواقفه الواضحة عقب فرض إدارة ترامب الأولى عقوبات مماثلة عام 2020. التعبير عن دعم ولاية المحكمة الجنائية الدولية أمر مرحب به، لكن ينبغي على الاتحاد الأوروبي أيضا إدانة العقوبات الأمريكية المفروضة على المحكمة بوضوح، والإشارة إلى أنها لن تمر دون مواجهة، ودعوة الولايات المتحدة إلى إلغاء الأمر التنفيذي.

على الاتحاد الأوروبي، دون مزيد من التأخير، استخدام "آليات الحماية من قيود العقوبات" (قانون الحجب) لمواجهة العقوبات الأمريكية. تهدف هذه الآليات إلى حماية الشركات الأوروبية من آثار العقوبات خارج الحدود الإقليمية، ويمكن أن تساعد في ضمان استمرار عمل المحكمة دون تأثر. على "المفوضية الأوروبية"، و "الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية"، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وضع تدابير أخرى لتخفيف أثر العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. حثّت المحكمة الجنائية الدولية والبرلمان الأوروبي وعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني بالفعل المفوضية الأوروبية على تفعيل هذه الآليات.

هذه ليست سوى بعض التهديدات العديدة التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يدافعون عن العدالة أمامها. يواجه مسؤولو المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال صادرة عن روسيا ردا على قرار المحكمة بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا. في غضون ذلك، سُنّ بالفعل تشريع يُجرّم التعاون مع المحكمة في روسيا، و تدرس السلطات الإسرائيلية الفكرة نفسها. كما لا تزال المحكمة تتعامل مع تداعيات هجوم إلكتروني متطور حدث عام 2023، وهناك مزاعم بأن إسرائيل شنّت حملة تجسس على المحكمة استمرت تسع سنوات.

أكدت المنظمات الموقعة على هذا البيان أن التغلب على هذه التهديدات للعدالة يتطلب أيضا من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إظهار ثباتها في التزاماتها بموجب نظام روما الأساسي. في سبتمبر/أيلول، أدان الاتحاد الأوروبي، عن حق، انتهاك منغوليا لالتزامها كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بوتين.

في 2 أبريل/نيسان، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة إلى هنغاريا بدعوة من رئيس وزرائها. أعلنت الحكومة الهنغارية في اليوم التالي أنها ستسعى لبدء العملية التشريعية لانسحاب البلاد من المحكمة الجنائية الدولية. حتى 4 أبريل/نيسان، لم تُلقِ هنغاريا القبض عليه ولم تسلمه إلى المحكمة، متجاهلة أمرَ توقيف أصدرته المحكمة بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مزعومة في غزة، والتزاماتها تجاه المحكمة.

للأسف، صرّح مسؤولون من حكومات عدة دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي، منها فرنسا وبولندا وإيطاليا ورومانيا وألمانيا، مؤخرا صراحة بأنهم لن يفوا بالتزاماتهم أو لم يلتزموا بتنفيذ أمر التوقيف الصادر عن المحكمة. أعادت إيطاليا أيضا أحد الهاربين من المحكمة الجنائية الدولية إلى ليبيا، مُتجاهلة على ما يبدو التزامها باعتقاله وتسليمه إلى المحكمة.

دون تعاون واعتقالات، لا يمكن أن تتحقق العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية. الإشارات المُلتبسة، وحتى السلبية، حول صحة قرارات المحكمة الجنائية الدولية تُقوّض قانون الاتحاد الأوروبي وممارساته والتزامه بالعدالة الدولية، وتُظهر انتقائية مؤسفة، وتبعث برسالة مفادها أن سيادة القانون مُتاحة للبعض، وليس للجميع.

دعت المنظمات الموقعة على هذا البيان الجهات الفاعلة في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة تأكيد التزامها بسيادة القانون الدولي وحمايتها، على النحو التالي:

على قادة الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم رئيسة المفوضية فون دير لاين، والممثلة السامية كالاس، ورئيس المجلس كوستا، حثّ الحكومات في أنحاء الاتحاد الأوروبي على احترام موقف الاتحاد الأوروبي تجاه المحكمة الجنائية الدولية، بما فيه موقفه بشأن التعاون، وعالمية نظام روما الأساسي، وحماية استقلال المحكمة، واحترام التزاماتها بحماية قرارات المحكمة ودعمها وإنفاذها.على الاتحاد الأوروبي، لا سيما من خلال الممثلة السامية كالاس، وكذلك مجلس الاتحاد الأوروبي، أن يدين علنا العقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية، وإعادة تأكيد دعمه الثابت للمحكمة واستقلالها، وحثّ الولايات المتحدة على إلغاء الأمر التنفيذي الذي يُجيز فرض العقوبات.على مفوضية الاتحاد الأوروبي أيضا الاستفادة بسرعة من قانون الاتحاد الأوروبي لحجب العقوبات، وذلك بإضافة الأمر التنفيذي الأمريكي الذي يُجيز فرض عقوبات متعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية إليه، ووضع أي تدابير إضافية لحماية المحكمة ومواجهة التأثير السلبي للعقوبات على المتعاونين معها.على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التأكيد بشكل قاطع على التزامها بتنفيذ جميع التزاماتها القانونية بموجب نظام روما الأساسي، بما فيه تنفيذ جميع أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، في جميع الحالات المعروضة أمامها. ينبغي على قادة الاتحاد الأوروبي بذل قصارى جهدهم لتذكير الدول الأعضاء بالتزاماتها القانونية بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على منع أي حالة من حالات عدم التعاون مع المحكمة والرد عليها.

 

المنظمات الموقعة:

11.11.11ACT Alliance EUAdala For AllAdvocates for the FutureAl Mezan Center for Human RightsAl-HaqAl-Haq EuropeAman Against Discrimination - AADAmnesty InternationalArmanshahr|OPEN ASIAAvocats Sans FrontièresBir Duino KyrgyzstanBroederlijk DelenCairo Institute for Human Rights Studies (CIHRS)CCFD-Terre SolidaireCenter for Constitutional RightsCIDSE – International family of Catholic social justice organisationsCNCD-11.11.11Coalition Française pour la Cour pénale internationale (CFCPI)Committee on the Administration of Justice (CAJ)Committee to Protect JournalistsDIGNITY - Danish Institute Against TortureEgyptian Initiative for Personal Rights (EIPR)Entraide et FraternitéEuroMed RightsEuropean Center for Constitutional and Human Rights, ECCHRFoundation SunflowersFundación Chile Sin EcocidioFundación Internacional Baltasar Garzón –FIBGAR–Global Initiative Against Impunity for International Crimes and Serious Human Rights ViolationsHuman Rights House FoundationHuman Rights WatchHuman Rights Without FrontiersInstitute for Environmental SecurityInternational Commission of JuristsInternational Federation for Human Rights (FIDH)International Service for Human Rights (ISHR)Lebanese Center for Human Rights (CLDH)MEDEL (Magistrats Européens pour la Démocratie et les libertés)Netherlands Helsinki CommitteeNo Peace Without JusticeNürnberger MenschenrechtszentrumParliamentarians for Global ActionPax Christi InternationalPlatform for Peace and HumanityProtection InternationalREDRESSReporters Sans Frontières (RSF) / Reporters Without Borders (RSF)SOLIDARStichting Stop Ecocide NLStop Ecocide FoundationSwedish Peace and Arbitration SocietySyndicat de la magistratureSynergy for Justice StichtingThe Finnish League for Human RightsUnited Nations Association of SwedenWomen’s Initiatives for Gender JusticeYoung European Federalists - JEF Europe

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية