
عربي
مثل غيره من الأسرى الفلسطينيين المحررين يدين طارق حسين بالجميل لأهل غزة ومقاومتها بعد إطلاق سراحه من سجون إسرائيل التي باتت أقرب إلى مسلخ كبير. يتذكر حسين الذي نشأ في بيت ينتمي إلى حركة فتح في الخارج كيف التحق بانتفاضة الأقصى بعدما عاد إلى الضفة الغربية قادماً من سورية عام 1994، ثم قضى 25 عاماً في سجون الاحتلال قبل أن يُحرر في صفقة التبادل الأخيرة. وقال لـ"العربي الجديد": "كنت أقف أمام منزلي في منطقة بيت العمود حين فوجئت بضرب ضابط إسرائيلي فتاة صغيرة رافقتها والدتها التي تدخلت وأخبرته أن الفتاة كفيفة، لكنه زاد الضرب فلم أتحمّل المشهد، ودخلت إلى المنزل وجلبت سلاحاً وأرديته". تابع حسين الذي يبلغ 59 عاماً: "تبين بعد مقتل الضابط أنه كان نفسه نائب وزير الأديان الإسرائيلي، فبقيت فترة مطارداً حتى اعتقلت عام 2001".
أخبر حسين أنه يدين بالفضل كثيراً إلى المناضل مروان البرغوثي، وقال: "عندما التقيت أبو القسام في سجن هادريم كان يحرص دائماً على أن يُكمل الأسرى تعليمهم ويحصلوا على الشهادات، ويكونوا أصحاب شأن عندما يتحررون. أراد الاحتلال أن يقتلنا ببطء في سجونه، لكننا حولناها إلى جامعة، وكان البرغوثي يشجعني دائماً حتى حصلت على شهادة بكالوريوس".
وعرف حسين أنه سيكون من بين المشمولين بصفقة التبادل الجديدة بعدما استدعي إلى سجن عوفر، وقال:" فوجئت بتقديم ضابط في الشاباك طعاماً كثيراً لي، وبعدما انتهيت من الأكل أخرج رصاصة تستخدم في رشاش إم 16 ووضعها على المكتب، ثم هددني بأنني إذا عدت إلى الضفة الغربية بعد إطلاق سراحي فسيضع هذه الرصاصة في رأسي. ورغم أن هذا الضابط كان في وضع قوة وأحاط به جنود السجن، لكنه لم يهز شعرة واحدة فيّ".
وأشار حسين إلى وحشية سجاني الاحتلال الإسرائيلي وعدم آدميتهم وغياب البعد الأخلاقي في المعاملة، وأيضاً إلى انتهاكهم القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بالأسرى، وقال: "أصبت بمرض نادر في الدم قبل عامين أثناء وجودي في السجن، ورفضوا أن يعالجوني أو يخففوا الآلام التي كنت أعانيها".
وخلع حسين رداءً صيفياً، وكشف الندوب والآثار التي خلفها المرض الذي أصابه، والتي ربما كانت أقل ألماً من الندوب التي خلفتها قسوة السجان وجدران السجن الصماء في روحه ونفسه، لكنه أكد أن التعذيب الذي واجهه في السجن لم ينل من عزيمته أو يجعله يكفر بالمقاومة ، وقال: "أنا مقاتل ولا أزال، ولو عاد بي الزمن سأظل مقاتلاً، ولو طلب مني أن أذهب إلى غزة وأقاتل مع أهلها لن أتأخر لحظة واحدة".
ورفض حسين اتهام المقاومة بأنها سبَّبت الدمار الذي خلفته إسرائيل في قطاع غزة، وقال: "قبل عملية طوفان الأقصى كانت غزة تموت ببطء وما حدث سرّع الموت فقط. خلال 17 عاما كانت غزة سجناً كبيراً وأهلها محاصرين، ولا يستطيع من لديه ابن مريض أن يعالجه في الخارج، كما لا يستطيع من يريد التعلم في الخارج المغادرة في ظل حصار الاحتلال غزة براً وبحراً وجواً". وخاطب القيادات الفلسطينية وقادة الفصائل قائلاً: "اجعلو الوطن بوصلتكم الأولى، ولا تتبعوا أحداً خارج حدودكم، وقدموا رؤية للتحرر".
