
عربي
تجدّدت المناشدات الإنسانية المطالبة بالإفراج الفوري عن عدد من مشجّعي الأندية الرياضية المحتجزين في مصر على ذمّة قضايا ذات طابع سياسي، في ظل ظروف إنسانية وصحية صعبة. وجاءت أبرز هذه الدعوات في بيانات صادرة عن الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ورابطة مشجعي نادي الزمالك، إضافة إلى ما أعلنه المحامي الحقوقي، خالد علي، حول الإفراج عن عدد من المحتجزين.
وأعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، تضامنها الكامل مع أسرة مشجع النادي الأهلي زياد المتولي عبد العليم متولي، المعروف باسم زياد رضا، مطالبةً السلطات المصرية بالإفراج الفوري عنه، بعد تدهور الحالة الصحية لوالدته المصابة بالسرطان، والتي نُقلت إلى المستشفى في حالة حرجة.
وأكدت الشبكة أن زياد هو الابن الوحيد لوالدته التي كانت تعتمد عليه بشكل كامل خلال رحلة علاجها، وأن استمرار حبسه ضاعف من معاناة أسرة أنهكها المرض والغياب. وأوضحت أن زياد ليس مجرماً ولا محرّضاً، إنّما مجرد مشجع رياضي، وأن احتجازه جرى على خلفية القضية رقم 4881 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، مشيرةً إلى أن 28 مشجّعاً أهلاوياً لا يزالون رهن الحبس الاحتياطي على ذمّة عشر قضايا ذات طابع سياسي.
وطالبت الشبكة بالإفراج عنه فوراً، مراعاة للظروف الإنسانية الحرجة، وتمكينه من رؤية والدته قبل فوات الأوان، مؤكدةً أن استمرار حبسه الاحتياطي يفتقر إلى السند القانوني والضرورة الواقعية، إذ انتفت مبرّرات الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية. وأضافت في بيانها أن استمرار احتجاز زياد يخالف روح القانون والدستور المصري، اللّذين شدّدا على أن الحبس الاحتياطي تدبير استثنائي لا يجوز التوسّع فيه، وأن الأصل هو الإفراج ما لم تقتضِ الضرورة القصوى خلاف ذلك.
واعتبرت الشبكة أن استمرار احتجاز زياد في ظل الحالة الصحية الخطرة لوالدته يشكل عقوبة مقنّعة بلا حكم قضائي، وانتهاكاً واضحاً لحقّه في الحرية ولحقوق أسرته في الرعاية والطمأنينة.
وفي السياق ذاته، أصدرت رابطة مشجعي نادي الزمالك بياناً، أمس الخميس، طالبت فيه بإنهاء معاناة المشجّع السيد علي فهيم أبو المعاطي، المعروف بلقب "سيد مشاغب"، والذي يقبع في السجون منذ أكثر من عشرة أعوام. وأوضحت أن مشاغب تحمّل مسؤوليات جسيمة، وكان رمزاً للالتزام والانتماء، إلا أنه يقبع في السجن منذ أكثر من عقد، ويعاني داخله وخارجه الظلم والحرمان، في حين أن "كل تهمته أنه يعشق ناديه وينتمي إليه بصدق".
وطالبت الرابطة المسؤولين المصريين بإنهاء معاناته والتدخل لإطلاق سراحه، مؤكدة أن والدته وأبناءه وأفراد أسرته يعانون منذ أكثر من عشر سنوات بسبب استمرار حبسه. ورأت الرابطة أنّ تلفيق التّهم والأكاذيب لـ"سيد مشاغب" من قبل بعض المحسوبين على جمهور الكرة يهدف إلى الحفاظ على مواقعهم في المدرجات، وهو أمر بات واضحاً للجمهور المصري على اختلاف انتماءاته.
وأضافت أن مختلف أطياف الشعب المصري نادت بحرية "سيد مشاغب"، ومن حقه أن يُنظر في أمره، مؤكدةً أهمية "منح الحرية لسيد مشاغب وأمثاله ممّن يدفعون ثمن سطوعهم في حقبةٍ طاولها التشكيك والتخوين"، ومجددةً تمسكها بوحدة الجماهير الرياضية تحت راية الوطن. واختتمت الرابطة بيانها بالتشديد على أن حب الوطن لا يتجزأ، داعيةً الدولة المصرية إلى احتضان أبنائها من جماهير الكرة على اختلاف انتماءاتهم، وعلى رأسهم قائد جمهور الزمالك "سيد مشاغب".
يأتي ذلك في ضوء قرارات إخلاء سبيل محدودة لعدد من السجناء السياسيين، آخرهم اليوم الجمعة، بحسب ما أعلن المحامي خالد علي، وهم؛ علي مصطفى علي (القضية 6469 لسنة 2025)، ورمضان عبد الفتاح، محمد فوزي، مسعد المرشدي، أحمد صابر، محمود عبد العزيز (القضية 3434 لسنة 2024)، ومحمد فاروق، كريم صلاح أحمد (القضية 1752 لسنة 2023)، وإبراهيم عطا (القضية 294 لسنة 2023)".
وتأتي المناشدات الإنسانية في ظل ما توثقه منظمات حقوقية مصرية ودولية من استمرار سياسة الاحتجاز المطوّل والحبس الاحتياطي الممتد بحق معارضين أو ناشطين أو مواطنين عاديين ارتبطت قضاياهم بحرية الرأي والتعبير في مصر.
فقد أشارت تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" إلى أن السلطات المصرية تستخدم الحبس الاحتياطي أحياناً عقوبةً غير مُعلنة، وتمتد فترات الاحتجاز إلى سنوات من دون محاكمة، في ظل ظروف احتجاز تُوصف بالقاسية وتشمل الاكتظاظ وغياب الرعاية الصحية.
وتؤكد منظمات مصرية مستقلة، مثل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن استمرار الحبس الاحتياطي لسنوات يُعدّ انتهاكاً لروح القانون المصري.
وقدّرت تقارير دولية أن آلاف السجناء في مصر يُحتجزون على خلفيات سياسية أو تعبيرية، وأن بعضهم، مثل مشجّعي الأندية أو النشطاء الاجتماعيين، يُحاكمون في قضايا أمن دولة عليا من دون محاكمات علنية أو أحكام نهائية.
