
عربي
اتفقت مجموعة علي بابا وشركة آنت غروب على شراء عدة طوابق من برج مكاتب في أحد أغلى أحياء هونغ كونغ، مقابل 7.2 مليارات دولار هونغ كونغي ما يعادل (925 مليون دولار) في خطوة تعزز استثمارات عملاقي التكنولوجيا الصينيين في المركز المالي الآسيوي، وفق ما أوردته وكالة بلومبيرغ، اليوم الجمعة.
وتُعد هذه الصفقة أكبر عملية بيع لعقار مكتبي في هونغ كونغ منذ عام 2021، إذ ستشتري شركة التجارة الإلكترونية الصينية الرائدة وشركتها التابعة في مجال التكنولوجيا المالية الطوابق الـ13 العليا من مبنى "وان كوزواي باي" من شركة "ماندارين أورينتال إنترناشونال المحدودة"، وستحولها إلى مقريهما المحليين، وفقاً لما ذكرته الشركتان في بيانين منفصلين. وقد وسعت "علي بابا" و"آنت"، التي تمتلك "علي بابا" 33% من أسهمها، نشاطهما في هونغ كونغ، التي تُعد المحطة الأولى ضمن خطتهما للتوسع العالمي بحثاً عن النمو.
وتستفيد الشركتان من الركود الذي يشهده سوق العقارات التجارية في المدينة، حيث تراجعت التقييمات وارتفعت معدلات الشغور إلى نحو 17%. وتعهّد رئيس مجلس إدارة شركة آنت، إيريك جينغ، بتعميق استثمارات الشركة في مدينةٍ عانت من ركود اقتصادي بعد جائحة كورونا، مشيراً إلى أن الفرع الدولي للشركة يسعى للحصول على تراخيص العملات المستقرة في هونغ كونغ. والعملات المستقرة هي نوع من العملات الرقمية، صُممت بالتحديد للحفاظ على قيمة ثابتة نسبياً؛ وذلك على عكس العملات الرقمية التقليدية مثل "بيتكوين" التي تشهد تقلبات سعرية حادة. وغالباً ما تكون هذه العملات مرتبطة بأصول حقيقية أو عملات تقليدية مثل الدولار الأميركي، ما يمنحها درجة من الاستقرار والثقة.
أما "علي بابا"، فهي تسعى بدورها إلى تحقيق نمو قوي داخل الصين وخارجها، في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي والتسوق عبر الإنترنت، بعد سنوات من التدقيق التنظيمي. وقال رئيس مجلس إدارة "علي بابا"، جوزيف تساي، في البيان الذي نقلته "بلومبيرغ" إنّ "عملية الاستحواذ العقاري تعكس الثقة في اقتصاد هونغ كونغ وبيئتها التشغيلية، ونرى أن هونغ كونغ تشكل قاعدة مثالية لتوسعنا الدولي".
تأتي هذه الصفقة في وقتٍ تمر هونغ كونغ بمرحلة دقيقة اقتصادياً، بعد سنوات من التحديات التي شملت تداعيات جائحة كورونا، وتراجع الطلب العالمي، والتوترات السياسية بين بكين والغرب، إضافة إلى الركود في قطاع العقارات التجارية الذي يُعد أحد أعمدة اقتصاد المدينة. فقد شهدت الأسعار العقارية تراجعاً حاداً، خلال العامين الماضيين، مع انخفاض الإيجارات وارتفاع معدلات الشغور إلى مستويات غير مسبوقة بلغت نحو 17%، ما جعل السوق بيئة جذابة للاستحواذات الكبرى.
ويرى محللون أنّ دخول شركتين بحجم "علي بابا" و"آنت غروب" على خط الاستثمار في هذا التوقيت يعكس تحولاً في المزاج الاستثماري تجاه هونغ كونغ، إذ يُنظر إلى المدينة مجدداً كجسر استراتيجي بين الصين والأسواق العالمية، خاصة بعد الإصلاحات الأخيرة التي أعادت تنشيط القطاع المالي والتكنولوجي.
وتسعى الحكومة المحلية إلى استعادة مكانة هونغ كونغ مركزا ماليا آسيويا بعد فقدانها جزءا من بريقها لمصلحة سنغافورة خلال السنوات الماضية، عبر حزم تحفيزية تشمل تسهيلات ضريبية واستقطاب الشركات التكنولوجية العالمية. ويُتوقع أن تساهم هذه الصفقة في رفع الثقة بسوق العقارات التجارية، وتشجيع شركات أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة في ظل الأسعار التنافسية الحالية.
تُجسد صفقة شراء "علي بابا" و"آنت غروب" لمكاتب في هونغ كونغ إشارة قوية إلى عودة الثقة بالاقتصاد المحلي، وتُبرز في الوقت ذاته استراتيجية الشركات الصينية الكبرى لتنويع حضورها الإقليمي والدولي في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية. ومع أن سوق العقارات في هونغ كونغ لا يزال يواجه تحديات، فإن هذه الخطوة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانتعاش التدريجي، مدعومة بالتحولات في السياسات الاقتصادية والتكنولوجية في الصين والمنطقة. وبينما تُعيد هونغ كونغ رسم ملامحها مركزا ماليا عالميا، تواصل "علي بابا" و"آنت غروب" ترسيخ حضورهما بصفتهما محركين رئيسيين للنمو في عصر التحول الرقمي والاستثمارات الذكية.
