
عربي
خصصت الحكومة الجزائرية ما يقارب الـ 24 مليون دولار أميركي لتغطية نفقات الانتخابات النيابية التي تجري في ربيع العام المقبل والانتخابات المحلية قبل نهاية العام، فيما بدأت الأحزاب السياسية بترتيب وتجهيز خططها الانتخابية وتعبئة قواعدها بصورة مبكرة تمهيداً لهذه الانتخابات. ويعود انخفاض المخصصات الحكومية للانتخابات، والتي تبدو ضئيلة قياساً بالاتساع الجغرافي وطبيعة بلد مثل الجزائر الذي يضم 58 ولاية و1541 بلدية، بسبب نقل الجزء التقني و اللوجيستي الخاص بالانتخابات من سلطة الانتخابات إلى وزارة الداخلية، ضمن تعديلات مرتقبة للقانون المنظم لعمل السلطة.
وتضمن قانون الموازنة لعام 2026، المعروض أمام البرلمان الجزائري، تخصيص 23.8 مليون دولار لمصلحة السلطة المستقلة للانتخابات لتغطية نفقات إجراء الانتخابات النيابية والمحلية المقبلة، حيث من المقرر إجراء انتخابات نيابية، في تاريخ لم يحدد بعد، ضمن موعدها الدستوري المحدد في غضون 60 يوماً التي تسبق تاريخ الانتخابات الماضية (جرت في 12 يونيو/حزيران 2021)، ما يعني أنه ينبغي إجراؤها في الفترة بين منتصف إبريل/نيسان ومنتصف يونيو من عام 2026، ويعقد البرلمان الحالي آخر دورة تشريعية له قبل الانتخابات.
وتعد الانتخابات النيابية المقبلة ثاني انتخابات تشريعية تتم تحت إشراف السلطة المستقلة للانتخابات في تاريخ البلاد، وينتظر أن يحيل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بحسب تصريحات أدلى بها الشهر الماضي، مسودة تعديلات على قانوني الانتخابات تتعلق بتعديل بعض الشروط والضوابط الناظمة للانتخابات، ودعم ترشح الشباب ومنع استخدام المال في السياسة، إضافة الى تعديلات تخص القانون المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. ويعتزم تبون إسناد صلاحيات مرتبطة بالجانب اللوجيستي والتقني وتجهيزات مكاتب الاقتراع ونقل الصناديق وغيرها إلى وزارة الداخلية، على نحو ما كانت عليه قبل عام 2019، فيما تحتفظ سلطة الانتخابات بالإشراف التنظيمي والفني وما يتعلق بتسيير عمليات الترشح والانتخاب والفرز والنتائج، والإشراف على الحملة الانتخابية ومراقبتها.
وفي السياق، دفع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الأحزاب السياسية الفاعلة في البلاد إلى البدء مبكراً بتعبئة قواعدها وتجهيز خططها الانتخابية، وقال السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، خلال لقاء احتفائي بالذكرى الـ62 لتأسيس الحزب (أقدم حزب معارض تأسس عام 1963)، السبت الماضي، إن الحزب "يستعد للاستحقاقات السياسية والانتخابية المقبلة، التي ستكون كثيفة في أفق عام 2026 وحاسمة لمستقبل البلاد في المدى القريب".
ومن جهتها، باشرت حركة مجتمع السلم، كبرى قوى المعارضة النيابية، تحركاتها الميدانية والتنظيمية تحسبا للانتخابات المقبلة، حيث أطلقت سلسلة تكوين سياسي لقواعدها في الولايات، تخص طرق العمل السياسي والانتخابي في المرحلة المقبلة، وعقد مؤتمرات للشباب والنساء المنخرطين في الحركة، وقال العضو القيادي في الحركة، أحمد صادوق لـ"العربي الجديد" إن "الانتخابات النيابية المقبلة تبقى رهاناً مهماً بالنسبة لحركتنا، قواعدنا مستعدة لذلك، لقد قدم نواب الحركة في العهدة الحالية جهدا كبيرا، ونتطلع على أساس ذلك في خوض الانتخابات بمسؤولية، إننا نطمح إلى تعزيز رصيد الديمقراطية في البلاد واحترام الاختيارات الشعبية".
وأطلق التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب الموالاة في الجزائر حملة انتخابية مبكرة، وبرز في استقطاب بعض الكفاءات من خارج حزبه وتنشيط نقاشات سياسية حول برنامجه السياسي، ضمن ما أطلق عليه "المقهى السياسي"، وزيارات لأمينه العام منذر بودن إلى الولايات، فيما تكثف قيادات حركة البناء الوطني التي باشرت تشكيل هيئتها الداخلية لتحضير الانتخابات، تحركاتها في الولايات لتهيئة قواعدها، ويقوم رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة منذ أسبوعين بسلسلة تجمعات سياسية وشعبية، بدأها من مناطق الجنوب الجزائري، حيث تحوز الحركة على تمثيل في هذه المناطق.
ويبقى الترقب السياسي بشأن موقف بعض الأحزاب السياسية التي كانت قاطعت الانتخابات النيابية الماضية، مثل "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وبدرجة أقل حزب العمال، وهي قوى لا تحوز على تمثيل نيابي في البرلمان الحالي نتيجة موقفها من انتخابات 2021، حيث لم تعلن بعد عن مؤشرات سياسية للانخراط في الاستحقاق المقبل، لكن تقديرات كثيرة ترى أنها ستشارك في الانتخابات المقبلة، خاصة وأن سياسة الكرسي الشاغر حرمتها من مساحة عمل نيابي ومن منبر المؤسسة التشريعية للدفاع عن مواقفها تجاه السياسات الحكومية.
وإذا كان موعد الانتخابات النيابية المقبلة بعد ستة أشهر، أو يزيد، فإن ظروف البيئة السياسية والتشريعية في الجزائر تدفع، على الأغلب، القوى السياسية إلى الاستعداد والتحضير مبكراً. وقال المحلل السياسي خالد أحسن لـ "العربي الجديد" إن "الانتخابات المقبلة تحمل بعض الخصوصية ومن المتوقع احتدام المنافسة بين الأحزاب، وبين قوائم الأحزاب والقوائم المستقلة للشباب، التي قررت السلطة دعمها عبر تمويل مالي يقره القانون الانتخابي بغاية تشجيع الشباب على المشاركة الانتخابية. وعلى صعيد آخر، من المنتظر عودة خطاب الاستقطاب السياسي بين التيارات المشكّلة للساحة السياسية، مثلما هو واضح في بعض الخطابات الأخيرة لقادة الأحزاب التقدمية والإسلامية"، في إشارة إلى استدعاء أمين عام التجمع الديمقراطي منذر بودن للعشرية الدامية في التسعينيات، رداً على مواقف بعض نواب أحزاب إسلامية بشأن بعض الفعاليات الثقافية.

أخبار ذات صلة.

هزات عنيفة تلاحق اتفاق غزة
الشرق الأوسط
منذ 10 دقائق