اغتيال مرشح "تحالف السيادة" يحيي مخاوف العنف الانتخابي بالعراق
عربي
منذ 3 أيام
مشاركة
شكّل اغتيال صفاء المشهداني، عضو مجلس محافظة بغداد، والقيادي في "تحالف السيادة"، أبرز القوى العربية السنية في العراق، بتفجير استهدف موكبه، فجر أمس الأربعاء، صدمة كبيرة في العراق، لا سيما أن المشهداني مرشح للانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ما يمثل مؤشراً خطيراً إلى هشاشة الوضع الأمني، وامتداد العنف إلى صلب العملية الانتخابية. وذكّرت عملية اغتيال المشهداني العراقيين بحقبة دموية من الاغتيالات السياسية وموجات التفجير التي سبقت النسخ الماضية من الانتخابات، خصوصاً انتخابات 2006 و2010 و2014، والتي طاولت مرشحين وسياسيين من مختلف الأطياف. ويرى مراقبون أن اغتيال المشهداني لا يمكن فصله عن السياق السياسي المتوتر الذي يسبق الاستحقاقات الانتخابية، إذ تتقاطع المصالح وتتصاعد حدة الصراع بين القوى المتنافسة. يأتي ذلك وسط تحذيرات من تصاعد مثل هذه العمليات، بما يفتح الباب أمام موجة اغتيالات ذات أبعاد سياسية وانتخابية، تقوّض الثقة العامة بالعملية الانتخابية وتعيد العراق إلى أجواء الخوف والترهيب السياسي.  وهذه أول عملية اغتيال يتعرض لها مرشح للانتخابات وسياسي بارز منذ السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 عندما تعرض رئيس الوزراء العراقي في ذلك الحين مصطفى الكاظمي لمحاولة اغتيال. المشهداني مرشح في "تحالف السيادة" وقتل صفاء المشهداني وأصيب أربعة أشخاص بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته في بلدة الطارمية، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً شمال العاصمة والتي تتبع إدارياً لمحافظة بغداد. وذكرت قيادة عمليات بغداد، في بيان، أن المشهداني تعرّض لهجوم بواسطة عبوة ناسفة وُضعت أسفل سيارته الشخصية عندما كان عائداً إلى منزله في بلدة الطارمية. وأضافت أن العبوة أسفرت عن مقتل المشهداني وإصابة أربعة آخرين كانوا معه في السيارة بجروح متفاوتة. والمشهداني مرشح عن بغداد ضمن "تحالف سيادة" الذي يعد من أكبر التحالفات العربية السنية العراقية التي تخوض الانتخابات، والذي يتزعمه خميس الخنجر ورئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني. من جانبه، قال "تحالف السيادة"، في بيان، إن "هذه الجريمة الجبانة امتداد لنهج الإقصاء والاستهداف والغدر، الذي تتبعه قوى السلاح المنفلت والإرهاب التي تسعى جميعاً إلى إسكات الأصوات الوطنية الحرة". واعتبر أن "الشهيد المشهداني صاحب قضية وهوية ناصعة وواضحة، كافح وناضل من أجل أهله ومدينته الطارمية، بوجه الإرهاب وقوى السلاح المنفلت على حد سواء". كما حمّل التحالف "الجهات المسؤولة عن الأمن في بغداد كامل المسؤولية عن هذا الخرق الخطير"، داعياً الحكومة إلى "فتح تحقيق عاجل وشفاف لكشف الجهات التي تقف خلف الجريمة". وكانت للمشهداني مواقف واضحة بإنهاء وجود الفصائل المسلحة داخل قضاء الطارمية، ورفض الاتهامات الموجهة من قبل الفصائل للقضاء بالإرهاب طيلة الفترة الماضية.  ونعى محمود المشهداني، رئيس مجلس النواب، المرشح صفاء المشهداني الذي "استُشهد إثر استهدافه بعبوة ناسفة"، مؤكداً أن "المجلس سيُشكل لجنة تحقيق لمتابعة ملابسات الجريمة وكشف الجهات المتورطة فيها وتقديمها إلى العدالة". بدورها، ذكرت وكالة الأنباء العراقية أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وجّه بتشكيل "فريق عمل جنائي ولجنة تحقيقية بشأن استشهاد المرشح صفاء المشهداني". انفلات أمني في هذا الصدد، وصف عضو "تحالف السيادة" عمار العزاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، اغتيال صفاء المشهداني بأنه "محاولة جبانة لإرهاب الصوت الوطني وإعادة العراق إلى زمن السلاح المنفلت والسياسة المُدارة بالدم". واعتبر أن "هذا الاغتيال لا يستهدف شخصه فحسب، بل يستهدف المشروع السياسي الذي نؤمن به، القائم على الشراكة الوطنية ورفض الإقصاء والهيمنة". وبيّن العزاوي أن "هذه الجريمة تفضح حجم الانفلات الأمني وخطورة تغوّل السلاح خارج سلطة الدولة، وتكشف عن وجود أطراف تخشى من صناديق الاقتراع وتسعى إلى حسم الصراع بالاغتيالات بدل الحوار السياسي".  عمار العزاوي: سنتخذ مواقف سياسية حازمة إذا لم تتخذ إجراءات سريعة وبحسب العزاوي، "يحذر تحالف السيادة بشدة من التهاون في ملاحقة مرتكبي هذا العمل الجبان ومن يقف وراءهم، سياسياً وأمنياً"، مشدداً على أنه "لن نقبل أن تمر هذه الجريمة مرور الكرام كما مرت غيرها من الملفات المغلقة". كما طالب الحكومة والقوات الأمنية "بتحمل مسؤولياتها الكاملة في حماية المرشحين وتأمين العملية الانتخابية من أي تهديدات منظمة قد تفرغ الانتخابات من معناها الديمقراطي". وأكد أن "تحالف السيادة يحمل الجهات الأمنية والحكومة مسؤولية أي فشل في كشف الجناة، وسنتخذ مواقف سياسية حازمة إذا لم تتخذ إجراءات سريعة وشفافة". من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ياسر وتوت، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "استهداف شخصية سياسية ومرشح معروف مثل صفاء المشهداني، وفي هذا التوقيت الحساس، يثير القلق من محاولات بعض الجهات زعزعة الأمن وإرباك المشهد الانتخابي، لتحقيق مكاسب سياسية عبر العنف والترهيب". وأوضح أن "لجنة الأمن والدفاع تتابع عن كثب تفاصيل التحقيقات الجارية، وستطالب الجهات الأمنية بالكشف العاجل عن الجناة ومحاسبتهم"، معتبراً أن "تكرار حوادث الاغتيال السياسي إذا كانت بهذا الطابع، يهدد نزاهة الانتخابات ويزرع الخوف في صفوف المرشحين والناخبين على حد سواء". وتتطلب المرحلة الحالية، وفق وتوت، "موقفاً حازماً من الأجهزة الأمنية لضمان حماية جميع المرشحين والكوادر السياسية والإعلامية، ومنع أي جهة من استخدام السلاح أو العنف لأغراض انتخابية أو سياسية"، مشدداً على أن "هيبة الدولة على المحك إذا لم يتم التعامل مع هذه الجرائم بجدية وشفافية". كما دعا "جميع القوى السياسية إلى التكاتف ونبذ خطاب التحريض والكراهية، والعمل على جعل الانتخابات ساحة تنافس ديمقراطي شريف، لا ميدان تصفيات دموية، حفاظاً على مستقبل العراق واستقراره".  أبعاد سياسية وانتخابية أما الباحث في الشأن السياسي والأمني محمد علي الحكيم، فشدد في حديث مع "العربي الجديد"، على ضرورة "الحذر من خطورة تصاعد عمليات الاغتيال والاستهداف المنظم للمرشحين والشخصيات السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة". وأوضح أن "ما يجري يحمل أبعاداً سياسية وانتخابية واضحة تهدف إلى التأثير في اتجاهات الناخبين وتغيير موازين القوى قبل الاستحقاق الانتخابي". وتمثل "عودة مشهد الاغتيالات في هذه المرحلة الحساسة"، وفق الحكيم، مؤشراً بالغ الخطورة "إلى هشاشة البيئة الأمنية التي تجرى فيها الانتخابات، وتكشف عن وجود محاولات منظمة لتكميم الأصوات المعارضة من خلال العنف السياسي والترهيب". وفي رأيه، فإن "الاغتيالات لم تعد جرائم معزولة أو فردية، بل باتت أداة ضغط سياسي وانتخابي تستخدم لتصفية الحسابات وإقصاء المنافسين بطرق غير مشروعة".  محمد علي الحكيم: استمرار الاغتيالات سيفقد العملية الانتخابية مصداقيتها ويقوّض ثقة المواطن بجدوى المشاركة السياسية وأضاف أن "استمرار هذا المسار سيفقد العملية الانتخابية مصداقيتها ويقوّض ثقة المواطن بجدوى المشاركة السياسية، ما يصب في مصلحة قوى النفوذ التي تسعى إلى إفراغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي". وبالتالي ذكر الحكيم أن "على الحكومة اتخاذ إجراءات استباقية لحماية المرشحين، وتشديد الرقابة الأمنية في المناطق التي تشهد توترات سياسية، إضافة إلى كشف الجهات التي تقف وراء هذه الجرائم مهما كانت مواقعهم أو انتماءاتهم". كما حذر من أنه "إذا لم يتم التعامل مع هذه الاغتيالات باعتبارها جرائم تهدد الأمن الوطني والعملية السياسية برمتها، فإننا مقبلون على انتخابات تدار بالتهديد والخوف لا بالصناديق". وتُعدّ الانتخابات المقبلة سادس دورة انتخابات تشريعية تجري في البلاد منذ الغزو الأميركي في العام 2003. ويضمّ البرلمان العراقي الحالي 329 نائباً أغلبيتهم يمثلون أحزاباً وتيارات عربية شيعية أوصلت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى منصبه، ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، فيما حصل "تحالف السيادة" في انتخابات 2022 على 71 مقعداً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية