
عربي
كشف مرصد "العراق الأخضر" المتخصص بشؤون المياه والبيئة، اليوم الأربعاء، عن انخفاض منسوب الخزين (المخزون) الحالي من المياه إلى 4% من الإجمالي الكلي، بعد أن كان يبلغ 8%، مؤكداً أن الوضع المائي في العراق هو "الأشد خطورة" منذ سنوات. وذكر المرصد في بيان له أن "هذا الانخفاض قد يتسبب بنقص مياه الشرب حتى في العاصمة بغداد، بعد أن ضربت هذه الأزمة المحافظات الجنوبية، وخصوصاً البصرة وذي قار اللتين عانتا الأمرّين بسبب نقص مياه الشرب في أقضيتها والنواحي، ما أدى إلى خروج مظاهرات للأهالي في تلك المناطق".
وأضاف البيان أن "الوضع المائي في البلد أصبح خطراً جداً مع انخفاض الإطلاقات المائية من تركيا وتأخر موسم الأمطار الذي كان من المؤمل أن يكون مطلع أكتوبر/تشرين الأول الحالي، ومباحثات أجريت مطلع الأسبوع الحالي بين الوفد العراقي الذي ترأسه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين والمسؤولين في تركيا لمناقشة ملف المياه، إلا أن النجاح لم يكتب لها بسبب ادعاء تركيا بأنها لا يمكن أن تزيد الإطلاقات المائية، في ظل التغييرات المناخية التي تسببت بانحسار الأمطار وجفاف مناطق فيها". وأوضح المرصد أن "عمليات هدر المياه ما زالت على أشدها ويمكن رؤيتها ضمن الحياة اليومية للمواطن، فضلاً عن امتناع الكثير من الفلاحين عن استخدام طرق الري الحديثة من أجل ترك الطرق القديمة في السقي وتقليل الهدر".
من جهته، قال المختص في الشأن المائي والبيئي مرتضى الجنوبي، لـ"العربي الجديد"، إن "وصول منسوب الخزين المائي في العراق إلى 4% فقط من الطاقة الخزنية الكلية يمثل مؤشراً خطيراً للغاية وينذر بأزمة شاملة في مياه الشرب والزراعة والطاقة خلال الأشهر المقبلة، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة على المستويين الداخلي والخارجي". ورأى أن "هذا الانخفاض الحاد في الخزين المائي يعود إلى عدة عوامل متراكبة، من بينها تراجع الواردات المائية من دول المنبع بسبب بناء السدود واحتجاز المياه، فضلاً عن تأثيرات التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة التي أدت إلى زيادة نسب التبخر بشكل غير مسبوق، إضافة إلى سوء إدارة الموارد المائية داخلياً وضعف تطبيق خطط الترشيد وإعادة التدوير".
وحذر من أن "استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى انقطاع مياه الشرب في بعض المحافظات الجنوبية والوسطى خلال فصل الصيف المقبل، إذا لم تفعل خطط الطوارئ وتعط الأولوية القصوى لمشاريع تحلية المياه في المحافظات الأكثر تضرراً مثل البصرة وميسان وذي قار". وأضاف أن "الحل لا يقتصر على المعالجات المؤقتة، بل يتطلب رؤية استراتيجية طويلة الأمد لإدارة المياه، تتضمن إعادة النظر في الاتفاقيات مع دول الجوار، وتبني سياسات وطنية صارمة لتقنين الاستخدام الزراعي والصناعي، وتشجيع الاستثمار في التقنيات الحديثة لتحلية المياه ومعالجة الصرف الصحي".
وخلص المختص في الشأن المائي والبيئي إلى أن "على الحكومة والبرلمان اعتبار الأمن المائي أولوية وطنية عليا لا تقل أهمية عن الأمن الغذائي أو الاقتصادي؛ فالعراق اليوم يقف أمام مفترق طرق مائي خطير، وأي تأخير في المعالجة سيكلف البلاد ثمناً باهظاً على مستوى الصحة العامة والاستقرار الاجتماعي".
ويعاني العراق منذ مدة أزمة جفاف خانقة، نتيجة تراجع مستويات نهري دجلة والفرات إلى مستويات قياسية، بعد إقامة تركيا عدداً من السدود الضخمة على مجرى الفرات، وتغيير إيران مجرى عدد من روافد نهر دجلة، ما حال دون دخولها الأراضي العراقية. وتقول تركيا وإيران، وهما دولتا منبع لنهري الفرات ودجلة بالعراق، إنهما تعانيان من أزمة جفاف وشح أمطار أيضاً، لكن بغداد تطالب بما تسميه "تقاسم الضرر"، والتزام حصة ثابتة للعراق من المياه.
