
عربي
قررت حركة "جيل زد" في المغرب، اليوم الأربعاء، حصر احتجاجاتها المرتقبة يوم السبت المقبل في ثماني مدن كبرى، خلافاً لما كان عليه الأمر في احتجاجاتها السابقة التي شملت أكثر من 20 مدينة، فيما بدا لافتاً حرصها على الدعوة إلى "الحفاظ على النظام والمسؤولية، وعدم القيام بأي تجاوزات أو تصرفات غير لائقة". وأعلنت حركة "جيل زد" المغرب، المطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد، اليوم، أن احتجاجات السبت المقبل ستنظم بثماني مدن، هي الرباط والدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس وأكادير وتطوان ووجدة، داعية شباب المدن المجاورة إلى الالتحاق بهذه الوقفات التي تمتد ما بين الساعة السادسة والتاسعة مساءً بالتوقيت المحلي.
وقالت الحركة، في بيان الأربعاء، إن هذه الاحتجاجات مناسبة للتضامن مع رفاقهم المعتقلين، ولـ"المطالبة بحريتهم"، مؤكدة أن قضيتهم "قضية الحركة ككل". وبينما أكدت الحركة الشبابية أن احتجاجات السبت القادم "تجديد للمطالبة بصحة كريمة، وتعليم جيد، وشغل، ومكافحة الفساد"، شددت على أن "الوقفات سلمية وحضارية"، داعية إلى الحفاظ على النظام والمسؤولية، و"عدم القيام بأي تجاوزات أو تصرفات غير لائقة لضمان تنظيم جيد".
وكانت الاحتجاجات التي نظمها الحراك الشبابي في المغرب قد عرفت، خلال الأسبوع الماضي، تراجعاً لافتاً في أعداد المشاركين في الوقفات والمسيرات، ما طرح أكثر من علامة استفهام حول إن كان ذلك مؤشراً على تراجع زخم الاحتجاجات وبداية انحسار الغضب. إلى ذلك، اعتبر رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية في المغرب، رشيد لزرق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قرار حركة "جيل زد 212" بحصر احتجاجاتها المقبلة في ثماني مدن كبرى، مع دعوة باقي المدن للالتحاق بها، يعكس "تحولاً من الطابع العفوي إلى منطق التنظيم المركزي المحسوب". وأوضح لزرق أن "الحركة، التي انطلقت من الفضاء الرقمي وامتدت إلى الشارع، تسعى لتجنب التشتت الميداني الذي قد يضعف رسالتها أو يسهل اختراقها، لذلك تركز على مدن رمزية تمثل مراكز الثقل السياسي والإعلامي والسكاني".
ولفت إلى أن هذا القرار "يحمل طابعاً تكتيكياً واضحاً، إذ يسمح بتجميع الزخم في نقاط محددة تحدث صدى وطنياً، مع الحفاظ على القدرة على ضبط الإيقاع الميداني وتفادي التصعيد غير المرغوب فيه". غير أن هذا النهج، بحسب لزرق، "قد يطرح تحديات تتعلق بمدى شمولية الحراك وتمثيليته، إذ يمكن أن يشعر شباب المدن المستبعدة بالتهميش أو بفقدان مساحة التعبير المحلي. كذلك إنّ تركيز الاحتجاجات في المدن الكبرى قد يجعلها أكثر عرضة للمراقبة والتطويق الأمني، ما يختبر قدرة الحركة على الموازنة بين الحشد الرمزي والحضور الميداني الفعلي".
وأضاف رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية في المغرب: "من منظور علم الاجتماع السياسي، يعكس هذا القرار انتقال الحراك من منطق الانتشار الشبكي إلى منطق العقد المركزية، أي من الاحتجاج المفتوح إلى الفعل المنسق، وهو تطور طبيعي لحركات رقمية تسعى لاكتساب شرعية سياسية وتنظيمية في المجال العام". من جهة أخرى، دعت الحركة "جميع عائلات المعتقلين، وخصوصاً القاصرين، وكل من يتوفر على معلومات تتعلق بهم، إلى التواصل معها بشكل عاجل، لتقديم الدعم والمساعدة، والمساهمة في تسليط الضوء على أوضاعهم وضمان حقوقهم القانونية والإنسانية".
ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه محاكمة عدد من المعتقلين على خلفية الأحداث التي عرفها عدد من مدن المملكة خلال الأسبوع الأول من انطلاق الاحتجاجات، وأدت إلى سقوط ثلاثة قتلى في صفوف المحتجين وإصابات عشرات رجال الأمن، فضلاً عن خسائر مادية جسيمة جراء حرق ممتلكات خاصة وعامة وتخريبها. في السياق، قضت محكمة الاستئناف بأكادير، مساء أمس الثلاثاء، بأحكام راوحت بين 3 و15 سنة سجناً نافذاً في حق 16 شاباً من المعتقلين توبعوا بتهم "تخريب مبانٍ ومنقولات في جماعات أو عصابات باستعمال القوة"، و"إضرام النار في منقول غير مملوك لهم"، و"العنف في حق رجال القوة العمومية باستعمال السلاح"، و"العصيان وعرقلة الطريق العمومية".
وكانت الحركة قد أعلنت، أول من أمس الاثنين، استئناف احتجاجاتها وتوسيع أشكالها، وذلك بعد أن كانت قد قررت تعليق تحركاتها يومي السبت والأحد الماضيين. وذكرت الحركة، في بيان، أنه "بعد نقاشات داخلية مسؤولة وعملية تصويت واسعة شارك فيها أعضاؤنا، تقرر الاستمرار في نهجنا الاحتجاجي السلمي وتوسيع أشكاله"، داعية إلى "الخروج بكثافة لدعم هذه الحركة حتى تحقيق مطالبنا العادلة". من جهة أخرى، أعلنت الحركة تطوير أشكالها النضالية، وعلى رأسها توسيع حملة مقاطعة المنتجات التي أُطلِقَت سابقاً، حيث "سيُفصَّل في أهدافها وآلياتها تدريجياً، بالإضافة إلى أشكال أخرى تهدف إلى إيصال صوتنا"، وفق ما جاء في بيان الحركة.
