
عربي
أكدت محافظة القدس، اليوم الثلاثاء، أن المسجد الأقصى المبارك شهد خلال موسم الأعياد اليهودية الأخير تصعيداً غير مسبوق في وتيرة الاقتحامات، إذ بلغ مجموع المقتحمين خلال فترة الأعياد الأربعة؛ رأس السنة العبرية، ويوم الغفران، وعيد العُرش، وبهجة التوراة؛ نحو 9820 مستوطناً اقتحموا باحات المسجد تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت المحافظة في بيان، أن هذه الدورة من الأعياد شكّلت منعطفاً خطيراً في مسار الانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، حيث حوّلت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة هذه المناسبات إلى غطاء سياسي وديني لمشروع تهويدي يستهدف قلب المدينة المقدسة، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض، وتقويض الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى.
وبدأت الاقتحامات مع ما يُسمّى رأس السنة العبرية بين 22 و24 سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث اقتحم 1317 مستوطناً باحات المسجد الأقصى خلال ثلاثة أيام متتالية، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوساً تلمودية علنية في المنطقة الشرقية، شملت الغناء والتصفيق والنفخ في البوق (الشوفار) بحراسة قوات الاحتلال، كما ارتدى عدد منهم ما يُسمّى بـ"لباس التوبة" الأبيض، وهو زي توراتي يرمز إلى طبقة الكهنة، في محاولة لفرض مظهر ديني توراتي داخل الأقصى. وقد ترافقت هذه الاقتحامات مع تشديدات عسكرية ومنع للمصلين من الدخول، فيما أطلقت منظمة "بيدينو" الاستيطانية المتطرفة، دعوات لتنفيذ اقتحامات جماعية بهدف تحقيق رقم قياسي جديد في أعداد المقتحمين.
وفي يوم الغفران الذي صادف 1 و2 اكتوبر/ تشرين الأول الحالي، تصاعدت الانتهاكات لتأخذ طابعاً سياسياً ودينياً أكثر خطورة، حيث اقتحم 547 مستوطناً باحات المسجد عشية العيد، وتبعهم 468 آخرون في اليوم التالي، وأدى المستوطنون طقوس "كفّارة الدجاج" في محيط الأقصى، كما فرضت سلطات الاحتلال حصاراً خانقاً على المدينة، وأغلقت شوارعها الرئيسية، ونصبت الحواجز الحديدية والإسمنتية على مداخل الأحياء والبلدات المقدسية، مما تسبب بشلل شبه كامل في الحركة، في حين أُجبر أصحاب المحال التجارية على الإغلاق القسري، وتوسعت القيود لتطاول البلدة القديمة ومحيطها.
أما عيد العُرش اليهودي، الذي امتد من 6 حتى 13 تشرين الأول الحالي، فقد شهد ذروة الاقتحامات والانتهاكات، إذ سجلت محافظة القدس اقتحام 7119 مستوطناً للمسجد الأقصى، في زيادة واضحة عن الأعوام السابقة، ورصدت المحافظة أداء طقوس تلمودية علنية داخل باحات المسجد، من بينها تقديم القرابين النباتية عشرات المرات، وأداء صلوات الكهنة والقراءة من التوراة، والرقص والغناء الجماعي قرب المصلى القبلي، كما شارك في هذه الاقتحامات عدد من المسؤولين الإسرائيليين، من بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير التراث عميحاي إلياهو، وعضو الكنيست إسحاق كرويزر، الذين أطلقوا تصريحات عدوانية تزعم "السيادة اليهودية" على المسجد الأقصى، في تجاوز صارخ لكل الأعراف والقرارات الدولية.
وصباح اليوم الثلاثاء، تزامناً مع ما يسمى "عيد بهجة التوراة"، اقتحم بن غفير المسجد الأقصى للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، برفقة 369 مستوطناً، وأدى المشاركون طقوساً تلمودية علنية في باحات المسجد تحت حماية مكثفة من شرطة الاحتلال، التي منعت المصلين من الدخول. وأشارت المحافظة إلى أن سلطات الاحتلال كانت قد أبعدت عشرات المقدسيين عن المسجد الأقصى قبيل موسم الأعياد، بينهم مرابطون وشبان ناشطون، في خطوة تهدف إلى تفريغ المسجد من رواده أمام اقتحامات المستعمرين، ومع انتهاء موسم الأعياد، لا تزال أوامر الإبعاد سارية المفعول بحق معظمهم، وبعضها جرى تجديده لفترات أطول تمتد لأسابيع وشهور.
وأكدت محافظة القدس أن ما يجري في المسجد الأقصى المبارك يشكل تصعيداً خطيراً وممنهجاً، يهدف إلى فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وتغيير طابعه الإسلامي الخالص، ضمن سياسة إحلال استيطاني تسعى إلى تهويد القدس وتفريغها من سكانها الأصليين، وحذرت من أن استمرار هذا النهج العدواني ينذر بانفجار شامل يهدد استقرار المنطقة بأكملها، مؤكدة أن القدس ستبقى عربية الهوية وعاصمة أبدية لدولة فلسطين رغم كل محاولات التهويد والإقصاء، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية إلى التحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المحتلة.
