الأطفال يدخلون عالم العملات الرقمية رغم المنع القانوني
عربي
منذ 4 أيام
مشاركة
في مساء 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في كاليفورنيا اكتشف الأب الأميركي آدم بيسك أن ابنه، في الثالثة عشرة من عمره، أطلق عملة رقمية على شبكة سولانا أطلق عليها تسمية "ميمكوين"، واشترى لنفسه جزءاً صغيراً ثم باع بسرعة، فحصد عشرات الآلاف من الدولارات قبل أن ينهار السعر، لتبدأ ملاحقة عائلية على الإنترنت عبر "كشف الهوية ونشر البيانات الشخصية على الإنترنت". القصة سردتها المجلة التقنية الأميركية "وايرد" في 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، وعبرها نقلت كيف تحوّل المال إلى محتوى بث حي يجذب بالغين وقصراً على السواء. هذه الحكاية لا تقرأ بوصفها استثناء، بل إنّها نافذة على مشهد أوسع تتقاطع فيه التقنية والسلوك المالي في سن مبكرة. خاصة وأن قناة سي نيوز الفرنسية (CNEWS) حذّرت مؤخراً من عدم اطلاع الأولياء على حسابات أطفالهم بالعملات الرقمية التي فتحوها سراً باستعمال هوية أولياء الأمور، لأن ذلك يترتب عليه ضرائب إضافية غير مصرح بها، والنتيجة غرامات للتهرب الضريبي. وأحياناً تكثف المنشورات العامة الصورة أكثر من الأرقام، أسئلة مباشرة من قصّر على منصة ريديت عن "كيف أشتري بيتكوين وأنا دون 18 عاماً ووالداي يرفضان؟" أو "ما الطريق القانوني الآمن وأنا قاصر؟". هذه ليست حالات شاردة، بل نمط يتكرر ويكشف توتراً مألوفاً بين رغبة التعلم وشح قنوات نظامية تناسب العمر. العملات الرقمية تغري المراهقين ومع تسجيل بيتكوين مستوى قياسياً جديداً فوق 125 ألف دولار خلال جلسات يومَي 5 و6 أكتوبر/تشرين الأول 2025، قبل أن بدأ بالهبوط منذ ثلاثة أيام، عاد الحديث عن استثمارات القصر خفية عن أولياء أمورهم، واهتمامهم الشديد بعالم العملات الرقمية، فهذا الارتفاع الحاد في العملات الرقمية يصنع أرضاً خصبة لما يعرف نفسياً بـ"الخوف من تفويت الفرصة"، فيندفع اليافع إلى التجربة، خاصة حين يرى القمم تتجدد صباحاً بعد صباح على شاشة هاتفه. هنا يطرح السؤال كيف يتصرف القاصر حين يلتقي بريق قمة الأسبوع بسهولة الأدوات الرقمية؟ استعمال هوية الأولياء في دراسة لمؤسسة "يوسينيكس" (جمعية أميركية غير ربحية لدعم مجتمع أنظمة الحوسبة في بيركلي) قُدِمت في ندوة سنوية عن خصوصية الاستخدام وأمنه يومَي 12و13 أغسطس/آب 2024، حلل الباحثون 1676 منشوراً داخل مجتمعات مراهقين على منصة ريديت، تحتوي على كلمات رئيسية متعلقة بالعملات المشفرة. وحدّدوا 1409 منشورات (84%) ناقش العملات المشفرة على نحوٍ هادف، ووجدوا أن المراهقين غالباً ما يستخدمون حسابات بأسماء آبائهم لشراء العملات المشفرة، لتجنّب قيود السن. وأشارت الدراسة إلى أن المراهقين يندفعون نحول هذا العالم بدافع الاستثمار وإمكانية تحقيق أرباح كبيرة نسبياً وقصيرة الأجل، لكن البعض ناقشوا الشعور بالترفيه أو الدوافع الأيديولوجية أو الاهتمام بالتكنولوجيا. وشرح مدير جمعية "فاينانس إي بيداغوجي" وهي جمعية فرنسية للتثقيف المالي أن الموضوع "برز بقوة منذ وقت قصير"، وحذر في حديث مع صحيفة لوباريزيان الفرنسية يوم الجمعة 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025 من وجود خطر حقيقي عند الاستثمار في منتجات يجهلها المستثمر، وأشار إلى أن الحماس بين القصر يتغذى من "المنحنيات الخضراء لبيتكوين" التي "حطمت رقماً قياسياً جديداً في الأسبوع الماضي"، وأن جزءاً من الاندفاع يأتي "بموافقة الأولياء أحياناً"، كما في حكاية الولد الفرنسي بيار الذي تداول العملات المشفرة في سن 16 عاماً، قبل سن الرشد التي تتطلبها منصات التبادل وحقق أرباحاً معتبرة حسب لوبارزيان. وحسب ذات الصحيفة الفرنسية فإنّ الجمعية من أجل تطوير الأصول الرقمية (اتحاد مهني للأصول المشفرة بباريس) قدّرت أن الفئة العمرية بين 18 و24 عاماً تمثل 12% من حاملي الأصول المشفرة في 2023، دون إحصاء القصر لاعتبارات قانونية. فالظاهرة لم تعد طرفاً من الحكاية، بل هي ملف اقتصادي وتربوي معاً ينطلق من تعليم مالي غائب، إلى منصات تُبسط الدخول، إلى أسر تتأرجح بين الفضول والخشية. ودعا كونراد لوكاس إنزرزدورفر الشريك المشارك في إدارة منصة بيتباندا (منصة أوروبية لتداول الأصول الرقمية بفيينا) إلى التثبت من الأداء والرسوم والمقارنة بين المنصات، والحرص على استخدام منصات "مجازة وفق تنظيم الأسواق في الأصول المشفرة"، وأشار إلى الضرورة العمل بمنطلق "اعرف عميلك" (إجراءات التحقق من هوية العميل)، مشيراً إلى أنه يمكن للمراهقين فتح حسابات بأسماء الوالدين أو باستخدام معلومات بنكية عائلية. الإقبال يتزايد وفي تقريرٍ لمؤسّسة "إنترنت ماترز" (منظمة بريطانية غير ربحية لسلامة الأطفال على الإنترنت في لندن) الصادر في 5 يوليو/تموز 2023، تبيّن أن 8% من الفئة العمرية ما بين 13 و16 عاماً في بريطانيا استثمروا بالفعل في الأصول المشفرة، وأن 15% يخططون للدخول قريباً، أي إنّ ربع هذه الفئة تقريباً منخرطة أو على وشك الانخراط. خلف الرقم قصة اجتماعية واضحة، واجهات مبسطة ولغة بصرية تجعل تجربة المال تبدو أقرب إلى اللعب منها إلى قرار ماليّ متزن، فتغدو الخسارة حادثة عابرة في تجربة أطول. هنا لا يكون الإرشاد العائلي منعاً، بل تصحيحٌ لزاوية الرؤية قبل أول ضغطة شراء.   يونيسف تحذّر وحذرت اليونيسف في 18 إبريل/نيسان 2025 من أن ثقافة الإنترنت والتقنيات المالية الرقمية تمحو تدريجياً الحدود بين الترفيه والسلوك المالي الرشيد لدى الصغار، مشيرة إلى المحفزات التي تجذب الأطفال مثل المكافآت والرسوم الجذابة والبث اللحظي، "كل هذه العوامل تجعل قرار الإنفاق أو الاستثمار امتداداً طبيعياً لبيئة ترفيهية مألوفة". تنامي استعمال القصر للعملات الرقمية يتغذى من تزامن لافت مع قمة أسبوعية تاريخية لبيتكوين تُحرِّكُ الخيال، وبنى رقمية تسهل الدخول، فالتنظيم الذكي لا يعني الوصاية العمياء، بل تعليماً مالياً مبكراً، وأدوات تحقق من العمر داخل المنصات، وصيغ حسابات وصاية تتيح التعلم الآمن. وإلّا فإن بريق قمة الأسبوع الماضي وحده كفيل بأن يدفع قاصراً إلى أول تجربة مكلفة، قبل أن يتعلم معنى المخاطرة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية