مشكلات لغوية وانتخابية طفيفة
عربي
منذ 5 أيام
مشاركة
المرحلة الانتقالية بطبيعتها استثنائية. ولذلك نفهم ونتفّهم أن تحتاج المرحلة الاستثنائية إجراءات استثنائية. ونفهم ما الذي يمكن أن تفعله سلطة قلقة في بلاد قلقة، بموضوعات مثل الأحزاب والحوار الوطني والنقابات والانتخابات. سنستاء، سنعبّر عن مخاوفنا، سنحذّر، سنذّكر بما نعرفه من تجارب التاريخ، وتجارب الشعوب الأخرى. سنفعل ذلك مدركين أن كلامنا لن يغيّر شيئاً، وأن السلطة (أي سلطة) ستفعل ما يسكّن مخاوفها، لا مخاوف التاريخ. وستحكم قرارتها غريزة البقاء، لا حكمة علماء المستقبليات.  على ذلك، نبني أي قراءة للتجربة المسمّاة "انتخابات مجلس الشعب"، ونقول ما نريد أن نقول، مع علمنا إن السلطة ستفعل ما تريد أن تفعل.  بهذه القسمة "العادلة" بيننا، لدينا آلاف الملاحظات على الآلية التي سارت بها العملية، التي لا يجوز، في أي حال، أن تسمّى انتخابات، ولا أن يسمّى ما نتج عنها مجلس شعب. فلا مجلس شعب لشعبٍ لم ينتخبه. وهذا ما كان يجري بين السوريين والنظام الساقط تماماً، كان يشكّل مجلساً بانتخابات شكلية يديرها على هواه، ويسمي ما ينتج عنها: مجلس شعب. وكان الشعب برمّته (حتى أشد مواليه بينهم) يرفضون التسمية، ويطلقون عليه: مجلس التصفيق، مجلس الدمى، مجلس الشغب... وفي أفضل الأحوال: مجلس هلال هلال.  لذلك، ما زال العقد سارياً، ولنا أن نحل إشكالاتنا، ونعالج مخاوف وانتقاداتنا بلعبة لغوية طفيفة. وكنّا نأمل لو أن السلطة الانتقالية فعلتها منذ البداية، وعالجت العملية بأدوات لغوية.  فتوصّف الحال كما هو، مثل أن تقول: لجنة اختيار المجلس التشريعي الانتقالي، أو التشريعي المؤقت، لجنة اصطفاء أهل الثقة، أهل الحلّ والعقد، سقيفة دمشق، العضوات. تعيين، عقد الراية... أو أي واحدة من هذه التعابير التي ستجنّب السلطة انتقادات كثيرة محقّة، لا تقدم ولا تؤخر، كما أسلفنا.  ولكن، وطالما لم تفعل ذلك، واستخدموا (السلطة وأعلامها) تعابير مأخوذة حرفياً من البلدان التي تجري انتخابات حقيقية، وقالت: عاجل: تمديد الانتخابات في مركز المكتبة الوطنية. بدء عمليات فرز الأصوات في مركز جبل سمعان. الانتخابات جرت بشفافية أمام وسائل الإعلام وسفارات الدول الصديقة. النتائج الأولية تشير. والنتائج النهائية الساعة الخامسة. فتح باب الاعتراض وإغلاقها..  طالما فعلت ذلك، فهي قد وضعت أسس العقد بيننا، وفتحت لنا المجال لنقول: ولماذا لا تكون شفّافة وأمام وسائل الإعلام وسفارات الدول الصديقة والعدوة؟ لجنة اختارت الناخبين والمرشحين، ما الذي بقي لديها لتُخفيه؟ ولماذا لا تكون شفّافة كالبلور؟  الشيء الوحيد الذي أخفته عن وسائل الإعلام هو الـ 28 مليون سوري. والذين تذرّعت بتشتتهم في أرض الله الواسعة كي تقول إن إجراء انتخابات أمر صعب لوجستياً. رغم ان كل الدول تجري انتخابات، ولدى جميع الدول جاليات موزّعة في أرض الله الواسعة، وهناك آليات عالمية معتمدة لإجراء انتخابات في السفارات والقنصليات، او في سفارات دول صديقة، في الدول التي ليس فيها سفارات.  وتذرّعت أيضاً بأن بعض السوريين لا يملكون وثائق اثبات شخصية، رغم ان هؤلاء (لا يتجاوزون بضعة آلاف ولا يشكّلون 1 بالألف من السوريين) يستطيعون اليوم عبور الحدود والعودة من دول أخرى بوثائق من مختار بالبقاع أو مدير منظمة تدير مخيماً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية