من الرقابة إلى الشتائم.. هل وصل التصعيد بين البرلمان اليمني والمجلس الانتقالي “نقطة اللاعودة”؟
أهلي
منذ 18 ساعة
مشاركة

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:

شهدت العاصمة المؤقتة عدن مؤخراً تصعيداً حاداً وغير مسبوق في الخلافات بين الشيخ سلطان البركاني، رئيس مجلس النواب، وعيدروس الزُبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي. هذا الصراع، الذي بدأ تحت السطح بتحركات “رقابية” من مجلس النواب، انفجر إلى حرب تصريحات واتهامات كشفت عن عمق الشرخ في معسكر الحكومة المعترف بها دولياً وحلفائها.

يسلط هذا التصعيد الضوء على تضارب الأجندات بين تيار “الشرعية الدستورية” الذي يمثله البرلمان وتيار “سلطة الأمر الواقع” الذي يقوده الزبيدي، بدعم إماراتي واضح يحوّل عدن إلى نقطة تفجير للكيان الهش للدولة اليمنية.

يضع المجلس في مواجهة مباشرة مع مفهوم الدولة ومؤسساتها، ويبرز إصراره على تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة “الشرعية” (المنتخبة) وإعادة تعريف علاقة المؤسسات بمواطنيها.

هجوم البركاني: “الغبي والمعتوه”

وأكد مصدران حضرا لقاءات رئيس مجلس النواب لـ “يمن مونيتور” أن الشيخ سلطان البركاني شن هجوماً حاداً ومباشراً على عيدروس الزُبيدي، واصفاً إياه بـ “الغبي والمعتوه” وأنه “غير مؤهل لشغل أي منصب قيادي في الدولة”.

وقد جاء هذا الغضب كرد فعل مباشر على القرارات “المنفردة” التي أصدرها الزُبيدي في سبتمبر/أيلول الماضي بتعيينات واسعة في مؤسسات سيادية وحكومية من صلاحيات رئيس مجلس القيادة عيدروس الزُبيدي. اعتبر البركاني أن هذه القرارات تمثل “محاولة للتوسع وتقويض السلطة الشرعية ووحدة القرارات السيادية على حساب الدولة والمصلحة الوطنية ووحدة البلاد”.

جاء حديث البركاني -حسب المصدرين- في جلسة مقيل للقات بعد يومين من إصدار الزُبيدي قراراته. وخلال الجلسة أبدى رئيس مجلس النواب استعداده لتحمل تبعات هذا الموقف والتصريح به علناً، مشدداً على أن “زمن الصمت قد ولى ويجب كشف الحقائق للناس”، في إشارة إلى أن الخلافات بلغت مرحلة اللاعودة.

في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أصدرت هيئة رئاسة مجلس النواب بياناً نفت فيه وصف البركاني للزُبيدي بهذه الأوصاف، إلا أنها وجهت اتهاماً مباشراً للصحفيين، واصفة إياهم بـ “الأغبياء والمعتوهين”، وهو ما يُنظر إليه كتحول للمسؤولية دون نفي جوهر الخلاف.

وتحدث المصدران شريطة عدم الكشف عن هويتهما لحساسية الموضوع.

جذور الخلافات

تكمن جذور المواجهة العلنية في استمرار رفض المجلس الانتقالي الجنوبي انعقاد جلسات البرلمان اليمني في محافظة عدن ويسيطر عليها الانتقالي كسلطة أمر واقع. لكن الخلافات تصاعدت في تحركات قام بها مجلس النواب، برئاسة الشيخ البركاني، منذ يوليو/تموز الماضي، للقيام بدوره الرقابي على أداء الحكومة وسلامة الإيرادات العامة.

وعقد البركاني في الأول من يوليو/تموز لقاءً مع رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي ورئيس الحكومة معين عبد الملك (أو سالم بن بريك حسب نص الاجتماع المشار إليه)، اتفقوا فيه على تشكيل لجان نيابية للعمل في المحافظات “المحررة”.

كُلِّفت هذه اللجان بمهام حساسة تتضمن: دراسة ومراقبة العجز عن تسديد المرتبات، توفير الخدمات، والتحقيق في “النهب المنظم” للإيرادات الذي تقوم به بعض الجهات ولا تورد المبالغ إلى الخزينة العامة، بالإضافة إلى الحد من “التصرفات المزاجية للقوى النافذة”.

وصلت لجان مجلس النواب إلى محافظتي حضرموت ومأرب في 19 يوليو/تموز. لكن في المكلا (عاصمة حضرموت)، قامت مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي بمحاصرة مقر اللجنة لمدة يومين، وهددت باقتحام الفندق، مما أدى إلى تعطيل أعمالها وإجبارها على المغادرة في 21 يوليو/تموز الماضي. فيما استمرت اللجان بالعمل بحفاوة في محافظة مأرب.

اعتبر وقف عمل اللجان في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي (معظم المحافظات الجنوبية) دليلاً مادياً على أن هدف الانتقالي هو منع أي رقابة على الأنشطة المالية في المناطق التي يسيطر عليها، لا سيما في حضرموت التي تُعد خزاناً للإيرادات النفطية والجمارك. كما يرأس الزُبيدي “لجنة الإيرادات العليا السيادية والذاتية”، وهي لجنة ظلت معطلة منذ تشكيلها قبل ثلاث سنوات، ما يعزز اتهامات أعضاء مجلس النواب بتعطيل الرقابة على الإيرادات للسماح باستمرار “التصرفات المزاجية للقوى النافذة” والنهب المنظم الذي أشار إليه البرلمان.

وقالت هيئة مجلس النواب بعد تعطيل عمل اللجان: أن “هيئة رئاسة المجلس تؤكد استمرار جهودها لتمكين المجلس من الانعقاد بصورة دائمة في العاصمة المؤقتة عدن وتأدية المجلس لمهامه الدستورية والقانونية”.

أكدت هيئة رئاسة مجلس النواب أنها ” ستظل بموقفها المؤمن أن مجلس النواب هو السلطة الدستورية والشرعية الوحيدة القائمة وأنه سيمارس مهامه حتى انتخابات جديدة وفقًا لأحكام المادة (65) من الدستور والمادة (4) من لائحة مجلس النواب التي أعطته الحق بالاستمرار في حالة الظروف القاهرة وتُجرى الانتخابات بعد زوال تلك الظروف”.

شلل القيادة ومستقبل الانهيار المؤسسي

إذا استمر تجاهل قرارات مجلس النواب الذي “لا يمكن استخدامه بانتقائية”، واستمر التفرد بالقرار والتهديد الصريح بالانفصال، فإن ذلك يقوّض بشكل جذري الأسس الدستورية والقانونية التي قامت عليها الشرعية في عدن.

إن ما كشفته الخلافات بين رئيس مجلس النواب والقيادي في المجلس الانتقالي ليس مجرد خلاف على صلاحيات، بل صراع وجودي بين الشرعية الدستورية وسلطة الأمر الواقع المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة ما يخلق شللاً مؤسسياً عميقاً خاصة مع شلل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بسبب صراعات النفوذ.

يشير تعطيل اللجان النيابية ومنعها من مراقبة الإيرادات إلى ذبح ممنهج للرقابة الدستورية، وتحصين للفساد المالي الذي يهدد بقاء مؤسسات الدولة، لا سيما في ظل أزمة المرتبات المستفحلة منذ يونيو الماضي. إن التفرد بالقرارات الرئاسية من قبل الزبيدي، وما تلاه من فشل ذريع لمجلس القيادة الرئاسي في مراجعة أو إلغاء هذه التجاوزات خلال مهلة التسعين يوماً، يكرس حالة الشلل الكامل لأعلى سلطة في البلاد.

وفي ظل هذا الشلل المؤسسي المتصاعد، تتضاءل فرص معالجة الأزمات الحيوية كـ انهيار العملة وتوقف صرف المرتبات، مما يدفع الشرعية نحو الانهيار الذاتي. إن استمرار هذا الصراع بين “سلطة الوحدة الدستورية” و”أجندة الانفصال المدعومة إقليمياً” يهدد بتحويل مناطق “التحرير” إلى بؤرة صراع داخلي مسلح جديد، مقوّضاً أي جهود جادة لاستعادة الدولة ويحكم بالفشل على المشروع الوطني الجامع.

 

The post من الرقابة إلى الشتائم.. هل وصل التصعيد بين البرلمان اليمني والمجلس الانتقالي “نقطة اللاعودة”؟ appeared first on يمن مونيتور.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية