
عربي
شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية مساء اليوم الاثنين انطلاق القمة الدولية بشأن غزة التي تُعقد برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترامب، والتي تُوجت بلقاء ثنائي رفيع المستوى بين الزعيمين، ولقاءات مكثفة مع قادة دوليين بارزين، هدفها تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة والدفع نحو مرحلة ما بعد الحرب. في مستهل اللقاء الثنائي الذي سبق انعقاد القمة، دعا السيسي الرئيس الأميركي إلى دعم ورعاية المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، قائلاً: "نرغب في دعم الرئيس ترامب ورعايته في مؤتمر إعادة الإعمار في غزة"، وهو ما أجاب عليه ترامب بالقول: "بالتأكيد ذلك شيء جيد".
وأكد السيسي، خلال الجلسة الرسمية المشتركة لـ"قمة شرم الشيخ للسلام"، أن ترامب هو "الوحيد القادر على إنهاء الحرب وتحقيق السلام في منطقتنا"، مشدداً على أن القاهرة تعمل على "تثبيت وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، وتسريع تحرير الرهائن وتسليم الجثامين، تليها عملية إدخال المساعدات الإنسانية عاجلًا". وأضاف السيسي أن التنسيق مع الولايات المتحدة مستمر، ومصر "مستعدة للعمل على ما يلزم من إجراءات لضمان تحقيق هدفي السلام والاستقرار في الشرق الأوسط". واختتم السيسي تصريحاته موجهاً التحية للرئيس ترامب: "أرحب بالرئيس دونالد ترامب، وأشكره أنا والمصريين على سعيه للسلام".
من جانبه، أشاد الرئيس الأميركي بالدور المصري، واصفاً السيسي بـ "الزعيم القوي"، ومؤكداً أن "مصر لعبت درواً بالغ الأهمية في الاتفاق" وأن الولايات المتحدة "ستكون دائماً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي". وكشف ترامب أن محادثات المرحلة الثانية بشأن اتفاق غزة قد بدأت بالفعل، معتبراً أن "المراحل متداخلة إلى حد كبير". وتابع ترامب: "نمر بفترة متميزة جداً في الشرق الأوسط"، متوقعاً أن يشهد العالم "الكثير من التقدم". وأشار ترامب إلى أن قطاع غزة بحاجة ماسة لعملية إزالة الركام، قائلاً: "هناك الكثير من الركام والأنقاض في غزة والقطاع في حاجة إلى عملية تنظيف"، مضيفاً أن "إعادة الإعمار خطوة ضرورية لعودة الحياة إلى طبيعتها في القطاع".
كما أعلن ترامب أنه يود "انضمام السيسي لمجلس السلام لإدارة غزة"، وهو ما رد عليه السيسي بقوله: "سأكون موجوداً إذا كنت أنت موجوداً". وأشار ترامب إلى أن واشنطن ستشارك في البحث عن جثامين المحتجزين الإسرائيليين المفقودين، قائلاً: "أعتقد أن هناك بعض الجثامين التي يجري البحث عنها في الوقت الحالي بالتنسيق مع إسرائيل"، لافتاً إلى أن فرق البحث عن جثامين المختطفين الإسرائيليين قد بدأت عملها.
وفي سياق إقليمي، أكد ترامب أن "إيران تدعم وقف إطلاق النار في قطاع غزة"، مشيراً إلى أن طهران "تريد إبرام اتفاق وتحتاج للمساعدة"، مدعياً: "لولا قصفنا منشآت إيران النووية ما كان ليحدث اتفاق غزة".
وعلى هامش قمة شرم الشيخ، شارك السيسي في اجتماع ضم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ورئيسي تركيا، رجب طيب أردوغان، وفرنسا، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، فريديرش ميرز، ورؤساء وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، والمملكة المتحدة، كير ستارمر، وكندا، مارك كارني، ووزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، بهدف التنسيق بين الدول المشاركة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، بما في ذلك جهود إعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإنسانية، حسب ما نشرته الصفحة الرسمية للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية.
وأكد السيسي خلال هذا الاجتماع على أهمية عقد "مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في نوفمبر 2025"، مشيراً إلى أن مصر والأردن يقومان بتدريب عدد من أفراد الشرطة الفلسطينية، وأنه من الهام قيام الدول الأوروبية بتقديم الدعم لمواصلة هذا التدريب وتوسيع نطاقه. وأكدت الدول المشاركة في الاجتماع على أهمية توجيه المساعدات الإنسانية بكميات كافية لقطاع غزة، وضرورة إزالة الركام، وإنشاء آلية للتنسيق فيما بينها للاتفاق على الخطوات المحددة التي سيتم اتخاذها تنفيذاً لأهداف هذه المجموعة.
كما استقبل الرئيس السيسي المستشار الألماني الذي وجه الشكر للسيسي على جهوده التي أدت إلى وقف إطلاق النار، مؤكداً أنه "لولا جهد السيد الرئيس ما كان يمكن التوصل إلى الاتفاق ذي الصلة"، معرباً عن استعداد ألمانيا للمساعدة في عملية إعادة إعمار قطاع غزة. وأكد السيسي حرص مصر على مواصلة تعزيز وتطوير العلاقات المصرية الألمانية لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مشدداً على أهمية مواصلة تكثيف التنسيق السياسي والتعاون بين البلدين، خاصةً لتجنب التصعيد في أزمات المنطقة. وأكد السيسي على ضرورة السعي الحثيث لتثبيت وقف إطلاق النار، والحيلولة دون عودة نشوب الصراع مجدداً، وضرورة العمل على إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية.
كما استقبل السيسي ميلوني، التي أعربت عن تقديرها لدور مصر المحوري في تيسير التوصل لاتفاق وقف الحرب في غزة، مشيرة إلى دعم بلادها الكامل لكافة الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وأكد السيسي على أهمية الاتفاق كونه يتوج المساعي الحثيثة التي بذلتها مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة لمدة عامين، مشيراً إلى أهمية الاتفاق في إنهاء حالة الحرب، وزيادة دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وتهيئة المجال لسرعة إعادة الإعمار، و"توفير الأفق السياسي الذي يؤدي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق مقررات الشرعية الدولية".
