ثـوار سبتمبر وأكتوبر.. نضال مشترك ليمن واحد
رسمي
منذ 19 ساعة
مشاركة

 

سبتمبر نت/ تقرير- فؤاد مسعد

تصدرت الوحدة اليمنية جميع القضايا الوطنية منذ بدأت طلائع الأحرار في الشمال والجنوب تخوض نضالها الوطني ضد الحكم الإمامي في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب، وارتبطت الوحدة لدى القوي السياسية، بالوعي الوطني الذي استند على وحدة الهوية اليمنية وأهميتها في العمل الثوري الذي اتخذ أشكالاً عديدة من مقاومة الظلم والاستبداد.

وظلت القوى اليمنية ترفض واقع التجزئة والتشطير الذي فرضه الاستعمار البريطاني ليضمن سيطرته على الجزء المحتل في الجنوب، ووافق عليه نظام الإمامة عجزاً وضعفاً وحرصاً على السلطة، حتى لو كانت منقوصة.

وكان الموقف من وحدة اليمن معيار وطنية ونزاهة وانتماء كل قوة سياسية تظهر على الساحة شمالاً وجنوباً، وتلاشت واضمحلت كل القوى والتنظيمات التي لم تتبنّ الوحدة أو وقفت ضدها.

وقد حاول الاستعمار جاهدا ترسيخ التجزئة بكل ما أوتي من قوة وإمكانات، وتماهت معه بعض القوى الطامعة في الحصول على سلطات رمزية وامتيازات مادية، بيد أن صعود قوى الثورة وحركات التحرر الوطني محلياً وعربياً بأفكارها القومية الوحدوية ونزعتها الوطنية الثورية ضد الاستعمار الأجنبي وسياسته التي تقوم على قاعدة (فرّق تسُدْ)، ومع انطلاق الثورة اليمنية شمالاً عام 1962 وجنوباً 1963، كانت الوحدة حاضرة بقوة لدى غالبية القوى والمكونات.

وشكلت قضية الوحدة اليمنية الأساس الفكري واللبنة الأولى في بناء الوعي الوطني للقوى والمكونات السياسية التي ناضلت من أجل الحفاظ على الهوية اليمنية والوحدة الوطنية في مواجهة الاستبداد الإمامي والاستعمار الأجنبي، حتى تكلل النضال بانطلاق ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، وثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 التي أفضت إلى تحقيق الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967.

ولقد أدرك الأحرار المعارضون لحكم الإمامة في شمال اليمن وحدة النضال انطلاقاً من وحدة الهدف والمصير، فاتخذوا من مدينة عدن منطلقاً لنشاطهم الثوري الساعي لتقويض الإمامة وحكمها المتخلف، كما أدرك الثوار في جنوب اليمن أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة مشاريع التشطير والتجزئة فساندوا حركة النضال التي واجهت الإمامة، ثم كانوا خير سند وداعم لثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي مهدت الطريق فيما بعد للثورة ضد الاستعمار الأجنبي.

ففي كل مراحل النضال حضرت مدينة عدن، وكانت بما فيها من حركة ونشاط ومراكز ثقافية ومنتديات وملتقيات أدبية وفكرية وإبداعية، تشكل عامل جذب للمثقفين اليمنيين من كل أرجاء الوطن.

قصدها الأحرار والثوار الذين قرروا مواجهة الحكم الإمامي المستبد، وفيها استقر كثير من الشباب المستنير، حيث كانوا يجدون فيها ما يصبون إليه من نشاط ثقافي ولقاءات تضم مختلف فئات الشعب وأغلبهم من المتطلعين للخلاص من الظلم والاستبداد والعزلة التي فرضتها الإمامة على شمال اليمن، في عهد الإمام يحيى وابنه الإمام أحمد.

انتقل الثوار محمد محمود الزبيري وأحمد محمد نعمان وغيرهما من طلائع الأحرار القادمين من شمال اليمن، وأسسوا حزب الأحرار اليمنيين، وبعدها توسعت حركة الأحرار اليمنيين في عدن، والتف حولها أبناء الشعب من مختلف المحافظات، يجمعهم الأمل بغدٍ جديد لا وجود فيه لظلم الإمامة وحكمها العنصري المستبد، أعدوا مشروع الميثاق الوطني وخططوا لثورة العام 1948، التي أجهزت على حكم الإمام يحيى حميد الدين، وكادت تحقق الانتصار لولا أن الظروف والملابسات الداخلية والخارجية حالت دون ذلك، لكنها أسست واقعاً جديداً بعدما كشفت ضعف الإمامة وعجزها عن مواجهة الشعب وإرادته في التحرر من الظلم والتخلف والكهنوت.

وبقيت عدن حاضرة في المعادلة الوطنية، فيها يتجمع الأحرار والثوار، وتتشكل الأحزاب والحركات الثورية الوطنية التي وضعت في طليعة أهدافها القضاء على حكم الإمامة وتحرير الوطن من الوجود الأجنبي، ومن ثم التأسيس للدولة اليمنية الحديثة.

جماهير عدن تهتف لسبتمبر: شعب واحد.. يمن واحد

حددت السلطات الاستعمارية في عدن يومي 23 و 24 من سبتمبر 1962، لانعقاد المجلس التشريعي والموافقة على وثيقة لندن التي كتبها مسؤولون بريطانيون، وتحمس لها الأتباع خصوصاً من كان لديه مصلحة مرتبطة بالاستعمار البريطاني.

في المقابل وجّه حزب الشعب الاشتراكي نداء يدعو الجماهير للمشاركة في فعالية احتجاجية تحول دون انعقاد المجلس التشريعي، وعلى الفور تفاعلت الجماهير مع إعلان حزب الشعب، وبدأ الاستعداد من أجل المشاركة في اليوم المحدد.

في تلك الفترة كان حزب الشعب- بقيادة عبدالله الأصنج، يعتبر الحزب السياسي الأكثر شعبية لأنه نسج علاقات قوية مع الجماهير بحكم أنه الجناح السياسي للمؤتمر العمالي الذي كان الأكثر حضوراً في ساحة الاحتجاجات المتصاعدة، مع أنه لم يكن قد مضى على تأسيس الحزب سوى شهرين.

في صبيحة الثالث والعشرين من سبتمبر خرجت الجماهير من مختلف أحياء عدن ومناطقها للتعبير عن سخطهم، وبهدف إفشال كل مخططات الاستعمار وفي مقدمتها موافقة المجلس التشريعي على وثيقة لندن التي لا تهدف إلى شيء قدر سعيها لتكرس الاحتلال كأمر واقع.

زادت أعداد المشاركين في فعالية الزحف المقدس على المجلس التشريعي رغم القمع الذي جوبهوا به من قبل السلطات الأمنية البريطانية، وسقط برصاص الانجليز 3 من المحتجين، كما أصيب العشرات جراء الاعتداءات التي مارسها الاحتلال وشمل ذلك إطلاق الرصاص على المتظاهرين واستخدام قنابل الغاز.

كان ذلك اليوم يوماً مشهودا في تاريخ الثورة اليمنية، فقد ارتفعت أصوات الأحرار عالية مدوية، وباتت مسيرة الشعب تغطي مختلف الشوارع والمناطق القريبة من المجلس التشريعي الذي كان أعضاؤه يناقشون وثيقة لندن المتعلقة بوضع عدن والمناطق الجنوبية في المرحلة المقبلة، وبالفعل تم إقرار هذه الوثيقة التي تربط عدن بالسلطات البريطانية، وتعزلها عن محيطها الوطني إدارياً وسكانياً.

ما كادت انتفاضة الزحف المقدس وتطويق المجلس التشريعي تضع أوزارها حتى توجهت أنظار الجماهير في صبيحة اليوم السادس والعشرين صوب صنعاء، حيث أعلن الضباط الأحرار قيام ثورة سبتمبر وإنهاء الحكم الإمامي وإقامة النظام الجمهوري.

أعلنت مواكب الزحف في شوارع عدن دعمها وتأييدها لثورة سبتمبر، وكان في طليعة المؤيدين قادة فعالية الزحف المقدس، وهم قيادات حزب الشعب الاشتراكي صاحب المبادرة والدعوة للفعالية التي أرقت سلطات الاحتلال وأعوانها، وكانت هذه السلطات قد اعتقلت عدداً من قيادات حزب الشعب ثم أفرجت عنهم في 28 سبتمبر، بعد يومين من قيام ثورة سبتمبر الخالدة.

وبدورها أعلنت القيادة – أمام آلاف المتظاهرين – دعم ثورة سبتمبر والاستعداد للدفاع عنها، وكانت الجماهير تهتف: يمن واحد، شعب واحد، تأكيداً لواحدية الثورة والنضال والمصير اليمني، وهي الحقيقة التي حاول الاستعمار والإمامة القفز عليها، حتى صدمتهم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وقد أدرك الأحرار في جنوب اليمن أن ثورة صنعاء ستكون مقدمة وداعمة وسنداً قوياً لهم في الكفاح ضد الاستعمار، كما أن ثوار سبتمبر وضعوا نصب أعينهم حقيقة الوضع في جنوب اليمن، وضرورة قيام الثورة ضد الوجود الأجنبي الجاثم على جزء من الوطن الغالي.

وما إن بدأت الأخطار تحاصر ثورة سبتمبر من قبل فلول الإمامة وداعميهم حتى هب أبناء الجنوب من مختلف المناطق للدفاع عن ثورة سبتمبر، تلبية لنداء الواجب الوطني والإنساني، في دعم ثورة ستكون هي الداعم الأول لثورة الجنوب القادمة، وجاءت الأحداث لتؤكد تلك الحقيقة الخالدة، حقيقة اليمن الذي تشابهت أوجاعه ومآسيه، فتوحدت أدوات نضاله وثورته، كما توحدت إرادة الأحرار في شطري اليمن.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية