دروس من ثورة 14 أكتوبر 1963م
رسمي
منذ 17 ساعة
مشاركة

 

سبتمبر نت/ مقال – عميد ركن/ نجيب سعد الناصر

في الذكرى الثانية والستين لثورة 14 أكتوبر 1963م المجيدة، نستحضر معًا صفحاتٍ مشرقة من تاريخنا النضالي المجيد، الذي جسّد أسمى معاني التضحية والفداء في سبيل التحرر الوطني وإرساء أسس الدولة اليمنية الحديثة. لقد شكّلت الثورتان، سبتمبر وأكتوبر، لحظةً مفصلية في مسيرة الشعب اليمني ضد الظلم والاستبداد، كما كانتا مدرسةً وطنية في الوحدة والتلاحم والتضحية. ومن خلال هاتين الثورتين نستمدّ الدروس والعبر في مواجهة أي تهديد للوحدة الوطنية، والسير بثبات نحو تحقيق تطلعات الشعب اليمني في الحرية والاستقلال، مستلهمين من تجربتنا في التحرير دروس الصمود والإصرار في وجه الإمامين الجدد.

لقد انطلقت الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان الشامخة بقيادة البطل الشهيد غالب بن راجح لبوزة، ضد الاحتلال البريطاني الذي جثم على جنوب الوطن لأكثر من 129 عامًا. ولم تكن هذه الثورة وليدة لحظة غضب عابرة، بل جاءت امتدادًا طبيعيًا لثورة 26 سبتمبر 1962م في شمال الوطن، التي أطاحت بالحكم الإمامي البائد وأرست دعائم الجمهورية. وهكذا التقت أهداف الثورتين في الشمال والجنوب، وتوحدت إرادة اليمنيين لمواجهة الاستبداد والاستعمار وكتابة فصلٍ جديد من فصول الحرية والعزة والسيادة الوطنية.

لقد سعى المستعمر البريطاني في الجنوب، كما فعل المستبد الإمامي في الشمال، إلى تكريس الانقسام بين اليمنيين وفق سياسة “فرّق تسد” خدمةً لمصالحه، وهي ذات السياسة التي نراها اليوم تتكرر على يد “الإمامين الجدد” في صنعاء، الذين يعملون على دعم الانقسام وتفتيت الصف الجمهوري ليظلوا جاثمين على صدور اليمنيين. فهؤلاء يدركون أن اتحاد الصف الجمهوري هو ما يهدد بقاءهم، ولذلك يعمدون إلى زرع الفتن والخلافات لإطالة أمد حكمهم الاستبدادي القائم على الفقر والجهل والمرض ومصادرة الحريات ونهب مقدرات الشعب وإفقاره.

إن هذه الأوضاع المأساوية التي يعيشها اليمنيون اليوم في مناطق سيطرة الإمامة الجديدة تشبه إلى حد كبير الظروف التي دفعت أحرار الشعب اليمني إلى الثورة في 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م، حيث قدّموا قوافل من الشهداء في سبيل الكرامة والحرية حتى تحقق النصر في شمال الوطن وجنوبه. ومن هنا، فإن الدروس التي ينبغي استلهامها من تلك الثورتين المجيدتين يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:

١-  وحدة الهدف والمصير الوطني:

لقد جسّدت ثورتا سبتمبر وأكتوبر وحدة الشعب اليمني في الشمال والجنوب ضد الاحتلال والإمامة، وأثبتتا أن الوعي بوحدة المصير هو السبيل الوحيد للتحرر من كل أشكال الهيمنة والاستبداد.

٢-  التلاحم الشعبي والتضامن الوطني:

قدّم اليمنيون نموذجًا فريدًا في التلاحم والثورة والتآزر الشعبي، مما وحّد الصف الوطني وأفشل مخططات التفرقة، وهو ما نفتقده اليوم في ظل الانقسامات الراهنة التي يهدد كيان الوطن والدولة اليمنية  ومكتسبات الثورة.

٣- أهمية توحيد الجبهة الإعلامية والتوعية الوطنية:

أدرك الثوار الأوائل أهمية الإعلام في رفع مستوى الوعي الجماهيري، فكان للإعلام الثوري دور محوري في توحيد الرأي العام حول أهداف الثورة وبشّر بميلاد فجر جديد من الحرية والاستقلال. ومن هذا الدرس، يتأكد أن بناء الوعي الوطني اليوم هو سلاح لا يقل أهمية عن البندقية في معركة التحرير الثانية ضد الاستبداد الجديد.

وفي الختام، نؤكد أن ثورة 14 أكتوبر 1963م لم تكن حدثًا عابرًا في تاريخ اليمن، بل كانت امتدادًا أصيلًا لثورة 26 سبتمبر 1962م، وتجسيدًا حيًّا لوحدة الثورة اليمنية في أهدافها ومصيرها.

فكلتاهما انطلقتا من رحم المعاناة لإنهاء الاستبداد والاستعمار وبناء وطنٍ موحّدٍ حرٍّ كريم.

واليوم، ونحن نواجه محاولات جديدة لإحياء الاستبداد وتمزيق النسيج الوطني، علينا أن نستحضر روح سبتمبر وأكتوبر، وأن نحافظ على وحدة الصف الجمهوري، وفاءً لتضحيات الشهداء وإيمانًا بأن النصر الدائم سيكون حليف اليمن الجمهوري، أرضًا وإنسانًا.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية