الصومال... عمال البناء مهددون بالبطالة لاستقدام الأجانب
عربي
منذ 5 أيام
مشاركة
نتيجة ازدياد الطلب على المشاريع السكنية في العاصمة الصومالية مقديشو في الفترة الأخيرة، يشهد قطاع العقارات رواجاً كبيراً بعد ارتفاع أسعار بيع الشقق السكنية والإيجارات. تبلغ قيمة الشقة في مقديشو ما بين 90 و120 ألف دولار، بينما تُقدر أسعار الإيجارات للشقق السكنية ما بين 350 و500 دولار. هذا ما دفع العديد من المُلاك إلى هدم منازلهم لتشييد مبانٍ سكنية شاهقة. وتتولى شركات عديدة تشييد العديد من المباني الضخمة، ما دفع بعضها إلى اللجوء إلى العمالة الأجنبية، مثل الهندية والكينية. لجأت شركة مقديشو للتجارة، التي تتولى مسؤولية تشييد مبانٍ ضخمة، إلى العمالة الهندية من المهندسين وعمال الرافعات والحَمَّالين، ما يعكس توجهاً جديداً لاستقطاب العمالة الهندية الرخيصة، حيث يتقاضون أجوراً قليلة مقارنة بالعمالة المحلية، الذين يتقاضون مبلغاً يراوح ما بين 15 و20 دولاراً يومياً. يواجه عمال البناء في العاصمة الصومالية أزمة معيشية نتيجة ارتفاع تكاليفهم المعيشية، وكثرة أعداد عمال البناء من جهة، وعدم قدرة الشركات على استيعاب أعداد كبيرة منهم، حيث لا يلتزم العديد منهم إجراءات العمل ومعاييره، وفي المقابل ترتفع أجورهم كلما ازدادت تعقيدات البناء وازداد الطلب عليهم من شركات البناء والمقاولين المحليين. وفي السياق، تعيش مدينة هرجيسا، عاصمة إقليم أرض الصومال، على وقع أزمة معيشية مماثلة متصاعدة تضرب مئات العمال اليوميين العاملين في قطاع البناء، بعد أن لجأت شركات المقاولات ومهندسوها إلى استقدام عمالة أجنبية منخفضة الأجر من بنغلادش واليمن وإثيوبيا، أو تشكيل فرق عمل خاصة بهم. هذا الأمر هَمَّشَ آلاف الصوماليين الذين كانوا يعتمدون على هذه الأعمال مصدر رزق رئيسياً. عبد النور فارح، أحد هؤلاء العمال، اعتاد أن يقضي صباحه أمام مخازن مواد البناء بانتظار عرض عمل حَمَّالاً، لكنه يعود في الغالب خالي الوفاض. يقول وهو أب لخمسة أطفال: "في السابق، كنا نعمل يومياً، والدخل كان يصل إلى ثمانية دولارات تكفي لتغطية احتياجات الأسرة. أما اليوم، فنجد بصعوبة عملاً مرتين في الشهر، وغالباً بأجر ناقص أو مؤجل. تراكمت على ديون تجاوزت 500 دولار ولم أعد قادراً على سدادها". الوضع يزداد قتامة عند عمال آخرين مثل محمود يوسف جامع، الذي اضطر إلى مغادرة منزله المستأجر لعدم القدرة على دفع عشرة دولارات شهرياً، لينتقل إلى كوخ رخيص الإيجار يفتقر حتى إلى الكهرباء. ويؤكد محمود أن أسرته تعاني نقصاً في الغذاء، وأن أطفاله انقطعوا عن الدراسة بسبب عدم القدرة على تسديد الرسوم. ويضيف: "كنا نحصل يومياً على 10 إلى 12 دولاراً، لكن الآن بصعوبة أجد عملاً مرتين في الأسبوع، وبأجر أقل مما كان. في ظل غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، أصبحنا غير قادرين على تلبية أبسط متطلبات الحياة". بحسب بيانات البنك الدولي ومنظمات العمل الدولية، تصل معدلات البطالة في الصومال إلى أكثر من 67% بين الشباب، وهي من بين الأعلى عالمياً، فيما تشير إحصاءات حكومية إلى أن غالبية العاطلين تتركز في المدن الكبرى مثل مقديشو وهرجيسا حيث تتركز الأنشطة الاقتصادية. هذه النسب المرتفعة ترجع إلى عوامل عدة، منها غياب الاستثمارات الصناعية، وضعف البنية التحتية، والاعتماد الكبير على الاقتصاد غير الرسمي. في هذا السياق، أصبح قطاع البناء واحداً من المجالات القليلة التي توفر دخلاً يومياً للأسر الفقيرة، لكن دخول عمالة أجنبية رخيصة الأجر يهدد فرص الصوماليين المحدودة أصلاً، ويضاعف من أزمة البطالة المستفحلة. يرى مقاولون محليون أن العمالة الأجنبية أكثر التزاماً وأقل كلفة، وهو ما يشجع الشركات على استقدامها. إلا أن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن هذه الممارسات تضعف قدرة السوق المحلية على استيعاب الشباب العاطل وتزيد من اعتماد الأسر على المساعدات والتحويلات الخارجية. ويقول عبد النور فارح إن المقاولين "أَحَلُّوا أقاربهم وعمّالاً أجانب مكاننا، فيما تُرِكْنَا بلا مصدر رزق". أما محمود يوسف جامع فيؤكد أن "الأمر لم يعد مجرد أزمة عمل، بل تهديد مباشر لاستقرار الأسر الفقيرة". ومع استمرار هذا الاتجاه، يطالب عمال المياومة في هرجيسا السلطات المحلية بوضع ضوابط تحد من استقدام الأيدي العاملة الأجنبية، وتمنح الأولوية للعمالة الوطنية التي تعيش على حافة الجوع في بلد تتصدر فيه البطالة قائمة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية