أزمة فرنسا بلا أفق واضح للحلّ بعد إعادة تكليف لوكورنو
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
أعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء أول من أمس الجمعة، تعيين سيباستيان لوكورنو رئيساً للحكومة، بعد أربعة أيام على استقالة الأخير، لتعثر إمكانية حصوله على دعم من البرلمان المنقسم. وجاء تكليف ماكرون للوكورنو، بعد يوم طويل من المفاوضات الشاقة التي أجراها الرئيس الفرنسي مع قيادات عدد من الأحزاب، لكسر الجمود السياسي في البلاد ومحاولة تفكيك أزمة فرنسا المتواصلة، مع توالي الحكومات في ولايته الثانية، خصوصاً أن الاستحقاق بات داهماً لتمرير ميزانية 2026، التي عليها أن تراعي تفاقم الدين العام. لوكورنو مستعد للمغامرة وأعاد ماكرون تكليف لوكورنو، علماً أن الأخير أدار إثر استقالته مشاورات مع الأحزاب، بهدف رسم تصوّر في محاولة للخروج من نفق أزمة فرنسا المتواصلة منذ الانتخابات التشريعية المبكرة العام الماضي، وأكد إثرها أن طريق التسويات ممكن، لتمرير الميزانية دون اللجوء إلى الصلاحيات التنفيذية التي تسمح عبر مادة في الدستور، بتمرير مشاريع قوانين دون طرحها على البرلمان. وكان التعويل خصوصاً على تحالف اليسار، المكون من 192 نائباً في البرلمان، والمؤلف من الحزب الاشتراكي والخضر والشيوعيين وحزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي. وإذا كان الحزب الأخير أبدى رفضاً قاطعاً لدعم ماكرون، إلّا أن أفرقاء اليسار الآخرين طالبوا برئاسة الحكومة. لكن الاجتماع الذي شهد أول من أمس الجمعة، لقاء مطولاً بين ماكرون وقادة الاشتراكي خصوصاً، لم يصل إلى أي نتيجة مُعلنة، وأكد على إثرها قادة الاشتراكي، بمن فيهم الأمين العام للحزب أوليفييه فور، والأمينة العامة لحزب الخضر مارين تونديلييه، أنهم "كما فهموا من الاجتماع، فإنّ ماكرون لن يختار رئيس حكومة من اليسار". من جهته قال فور في تصريحات إعلامية، إنه جرى إفهام الرئيس أن "لا شيء مضموناً لعدم طلبهم حجب الثقة عن الحكومة المقبلة". كما رفض، وفق التسريبات، ما اقترحه ماكرون عليهم، بتأجيل تطبيق قانون إصلاح نظام التقاعد، إلى ما بعد رئاسيات 2027. كذلك، فُهم من أجواء الاجتماع أن الرئيس لم يُناقش معهم تفاصيل البرنامج الحكومي، بل أحالهم إلى رئيس الحكومة المقبل. "لوباريزان": ماكرون ابتز حلفاءه وهدّد بانتخابات مبكّرة وأعلن قصر الإليزيه في بيان، مساء الجمعة، أن "رئيس الجمهورية عيّن السيد سيباستيان لوكورنو رئيساً للوزراء وكلّفه بتشكيل الحكومة". من جهته، كتب لوكورنو في منشور على "إكس" أنه قبِل التعيين "بدافع الواجب"، مؤكداً أن الحكومة الجديدة "يجب أن تُجسّد التجديد" وأن "كل القضايا التي أُثيرت" خلال المشاورات التي جرت في الأيام القليلة الماضية مع الأحزاب السياسية "ستكون مفتوحة للنقاش البرلماني"، وأضاف أنه سيفعل "كلّ ما هو ممكن" لمنح فرنسا ميزانية بحلول نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن استعادة المالية العامة تظل "أولوية لمستقبلنا". وحذّر لوكورنو في الوقت ذاته من أن "كل هؤلاء الذين يريدون الانضمام" إلى حكومته "يجب أن يلتزموا بوضع طموحاتهم الرئاسية جانباً" لانتخابات عام 2027، في إشارة خصوصاً إلى قادة حزب الجمهوريين اليميني. أزمة فرنسا تقتل التحالف الرئاسي وعلى الفور، تعهد اليمين المتطرف في فرنسا (حزب التجمع الوطني بقيادة فعلية لمارين لوبان) واليسار الراديكالي ("فرنسا الأبية") والحزب الشيوعي، أول من أمس، بالسعي لإسقاط الحكومة الجديدة. ووصف زعيم "التجمع الوطني" جوردان بارديلا خطوة ماكرون بإعادة تعيين لوكورنو بأنها "نُكتة سيئة"، مؤكداً أن حزبه "سيقوم على الفور برفض هذا الائتلاف الذي لا مستقبل له" من خلال اقتراح حجب الثقة في البرلمان، ويُطالب "التجمع الوطني" بانتخابات تشريعية مُبكرة، يرى فيها فرصة قوية لتصدر النتائج. وكانت لوبان كتبت أول من أمس، أن "موعدنا نحن، سيكون مع الفرنسيين"، في إشارة إلى صناديق الاقتراع. من جهته، أكد حزب "فرنسا الأبية" بقيادة جان لوك ميلانشون، أنه سيقدم "اقتراحاً جديداً لعزل" ماكرون. يرفض لوكورنو توزير من لديهم طموحات رئاسية وكان لوكورنو، وهو حليف مقرب لماكرون، تولّى منصبه رئيساً للحكومة قبل 4 أسابيع فقط خلفاً لفرنسوا بايرو، الذي قدّم استقالته مع استعصاء التوافق الحزبي البرلماني حول مشروع الميزانية التقشفية التي طرحها. ولكن لوكورنو استقال الاثنين الماضي على نحوٍ مفاجئ، بعد ساعات قليلة من إعلانه تشكيلة حكومته، علماً أن الحكومة التي كان شكّلها حافظت على الكثير من وزراء حكومة بايرو، ولم تلحظ أي تجديد يُغري أحزاب المعارضة بدعمها لعدم أخذ البلاد إلى التعطيل. ويتعرض ماكرون اليوم لضغط زمني هائل، مع ضيق المهلة لطرح أي رئيس حكومة مشروع الميزانية على البرلمان. وكان لوكورنو أبدى تفاؤلاً حذراً إثر مشاورات حزبية عقدها بعد تقديم استقالته، قائلاً إنّ "أغلبية نسبية للغاية" مكونة من مجموعات سياسية عدّة، من بينها قطاعات من اليسار، كانت مستعدة للاتفاق على الميزانية وضمان استقرار البلاد. وبدا من اجتماعات ماكرون، الجمعة، أن ما يسّمى بـ"الكتلة المشتركة" الوسطية، في إشارة إلى تحالف حزبه مع اليمين التقليدي وأحزاب وسطية صغيرة، مثل "أوريزون" بقيادة رئيس الحكومة الأسبق إدوار فيليب، تعيش خلافاً داخلياً واضحاً. وأكد فيليب، أمس، قبيل إعادة تكليف لوكورنو، أن حزبه لن يشارك في أي حكومة تريد تأجيل تطبيق قانون التقاعد. واعتبر أمام قياديين في حزبه، كما نُقِل عنه، أن "الاستقرار لا يعني الهروب من واقع أزمة فرنسا وهو أن هناك حوالى 3 آلاف و400 مليار من الدين"، لكنه لم يبد اتجاهاً بأنه لن يدعم الحكومة في البرلمان إذا ما قدّمت تنازلات لليسار. واعتبرت صحيفة لوباريزيان أمس، أن إعادة تكليف لوكورنو "ولادةٌ صاحَبَها الكثير من الوجع" داخل التحالف الرئاسي، الذي يشعر أقطاب فيه بخطر تقديم تنازلات مؤلمة لليسار. وبحسب المعلومات، فإنّ ماكرون كان شديد الانزعاج من الشرخ داخل فريقه، لكنه مارس نوعاً من "الابتزاز"، بمعنى أنه "إما أن يكون رئيس الحكومة ماكرونياً، أو نذهب إلى حلّ البرلمان"، وهو ما لا يرغب به حالياً اليمين التقليدي المتراجع شعبياً لمصلحة اليمين المتطرف. وبحسب الصحيفة، فإن لوكورنو طلب من ماكرون لقبول إعادة التكليف، توسيع هامش تحركه والحصول على ضمانات واضحة في هذا الشأن، لإخراج البلاد من عنق الزجاجة. وبحسب معلومات الصحيفة، فإنّ الإليزيه أكد له أن لديه حرية تصرف مفتوحة. لكن بحسب صحيفة لوفيغارو اليمينية، فإن الأزمة متواصلة، لافتة إلى أن "التنازلات بشأن قانون التقاعد، تزعج اليمين ولا تكفي لإرضاء اليسار"، وقالت إن أزمة فرنسا تلقي بثقلها على الاقتصاد وتغضب أرباب العمل.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية