
يمن مونيتور/تقرير خاص
تشهد المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية في اليمن حالة من الجدل حول أسعار المواد الغذائية، رغم التحسن الكبير الذي شهده سعر الريال اليمني منذ مطلع أغسطس الماضي، حيث ارتفعت قيمته بنسبة 40%.
وتواجه وزارة الصناعة والتجارة ضغوطا متزايدة من المواطنين الذين يطالبون بترجمة هذا التعافي النقدي إلى انخفاض في أسعار السلع الأساسية، خاصة الغذائية منها.
وأطلقت الوزارة حملات مكثفة لمراقبة الأسعار، وشكلت فرقا ميدانية لضبط المخالفين، معتمدة على تعاون المواطنين في تقديم الشكاوى عبر منصة “رصد” الإلكترونية.
ورغم هذه الجهود، عادت أصوات المواطنين للاحتجاج على ارتفاع الأسعار مرة أخرى، وهو ما نفته الوزارة، داعية الجميع للإبلاغ عن أي تجاوزات عبر المنصة المخصصة.
وأكد الدكتور عاطف حيدرة، وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع التجارة الداخلية، في تصريح ل “يمن مونيتور” أن الوزارة تتابع يوميًا مع مكاتبها في المحافظات لضبط الأسعار ومعاقبة المخالفين.
وأوضح أن الوزارة بدأت في تصنيف المخالفات وتكرارها، تمهيدا لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بالتعاون مع النيابة العامة، حيث تم إحالة عدد كبير من التجار المخالفين للمحاكمة.
وكشف حيدرة عن تعيين ستة محققين جدد لمساعدة النيابة في النظر في قضايا المخالفات التجارية، خاصة في محافظة عدن، حيث تشهد المحاكم ضغطا كبيرًا بسبب تزايد القضايا.
من جانبه، تحدث ماجد شعلان، مدير مكتب الصناعة والتجارة في مأرب، في تصريح ل يمن مونيتور، عن الإجراءات المتدرجة التي تتخذ بحق المخالفين، بدءا من الغرامات المالية وصولا إلى إغلاق المحلات في حال التكرار.
منصة “رصد” لضبط الأسعار
وأطلق وزير الصناعة والتجارة اليمني محمد الأشول يوم 17 سبتمبر الماضي منصة “رصد” الإلكترونية، كمبادرة تهدف إلى تعزيز الرقابة على الأسواق والمحال التجارية.
وتأتي هذه المنصة كأول نظام مركزي للرقابة التجارية في اليمن، حيث تعمل بالشراكة مع السلطات المحلية في مختلف المحافظات والمديريات.
وتمكن المنصة المواطنين من الاطلاع على الأسعار الرسمية للسلع الأساسية، كما توفر قناة إلكترونية سهلة للإبلاغ عن أي مخالفات أو تجاوزات في الأسواق.
وأوضح وكيل الوزارة الدكتور عاطف حيدرة أن المنصة تعمل بنظام متكامل لتلقي البلاغات وفحصها، حيث يتم تحويل البلاغات المؤكدة إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وتعمل المنصة بنظام لامركزي يمنح كل محافظة صلاحية متابعة البلاغات الواردة إليها، حيث يتم تعيين موظفين ميدانيين لمتابعة كل بلاغ وإعداد تقارير مفصلة عن نتائج التفتيش.
وأشار حيدرة إلى وجود بعض التحديات التي تواجه المنصة حالياً، أبرزها صعوبة حصر كافة المواد الغذائية وإدخال أسعارها في النظام، بالإضافة إلى ضعف الوعي المجتمعي بالمنصة رغم سهولة استخدامها.
الدور المجتمعي في الرقابة
وشهدت وزارة التجارة والصناعة موجة كبيرة من تفاعل المواطنين خلال الأشهر الماضية، حيث تجاوز عدد البلاغات الواردة حول الأسعار عشرة آلاف بلاغ خلال شهر أغسطس 2025.
وأظهرت البيانات الرسمية تراجعًا ملحوظًا في معدلات الإبلاغ خلال الأسابيع الأخيرة، مما أثر على قدرة الوزارة في تنفيذ خططها الرقابية بشكل كامل.
وجاء رد الوكيل المسؤول في الوزارة على الانتقادات المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أهمية تواصل المواطنين عبر القنوات الرسمية للمنصة الإلكترونية المخصصة.
وأشار المسؤول إلى أن فرق الرقابة التابعة للوزارة تواصل عملها اليومي وفق برامج محددة، معتبرًا أن انخفاض عدد البلاغات أضعف من فعالية الحملات الرقابية التي كانت تحقق نتائج إيجابية مسبقا.
من جهته، كشف ماجد شعلان مدير مكتب التجارة والصناعة بمحافظة مأرب عن تشكيل فريق تطوعي جديد لدعم الأعمال الميدانية، وذلك لتعزيز سرعة الاستجابة للشكاوى الواردة من المواطنين.
وأوضح شعلان أن الفريق التطوعي يعمل بالتنسيق الكامل مع الكوادر الرسمية لضمان متابعة كل حالة يتم الإبلاغ عنها بشكل فوري ودقيق.
الغرفة التجارية ودورها
وتعرب الغرفة التجارية والصناعية بعدن عن تحفظها على التشهير الذي يتعرض له بعض التجار المخالفين، مع تأكيدها في الوقت نفسه على وجود مخالفات تستدعي اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبيها.
وأكدت الغرفة حق وزارة الصناعة والتجارة في ملاحقة المخالفين وفق القانون، لكنها أشارت إلى وجود ضعف واضح في آليات التنسيق والتعاون بين الطرفين.
وعلى الرغم من الاجتماع الذي عقدته الوزارة بتاريخ 18 سبتمبر الماضي بحضور نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية ورئيس الغرفة التجارية بعدن أبو بكر باعبيد، والذي ناقش سبل تعزيز التواصل بين الجانبين، إلا أن الواقع ما زال يشير إلى محدودية الدور الذي تلعبه الغرفة التجارية في عملية الرقابة على الأسواق.
من جانبه، أكد مدير مكتب الصناعة والتجارة في محافظة مأرب ماجد شعلان على ضرورة زيادة التعاون مع الغرفة التجارية بالمحافظة، مشيرًا إلى أن دورها الحالي لا يزال ضعيفا ولا يتناسب مع حجم المسؤوليات المطلوبة.
وفي سياق متصل، أكدت وزارة الصناعة والتجارة ثبات الأسعار في الأسواق، ودعت المواطنين إلى الإبلاغ عن أي حالات تلاعب أو غش عبر منصة “رصد” الخاصة بالبلاغات، مشددة على أن جميع البلاغات تخضع للتحقق قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.
وأوضحت الوزارة أن هناك ضعفا في الرقابة على بعض السلع مثل الأدوية والفواكه والخضروات والأسماك، حيث إن هذه السلع تخضع لاختصاص جهات أخرى ولا تقع ضمن صلاحيات وزارة التجارة والصناعة، وفقًا لما أفاد به وكيل قطاع التجارة الداخلية بالوزارة.
The post ضبط الأسعار في اليمن… معركة مفتوحة لم تُحسَم بعد appeared first on يمن مونيتور.