أطراف سورية تحارب نفسها
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
لقد أتيحت لسورية في الفترة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد فرصة ذهبية قلما تتكرر، ربما كل مائة عام على الأقل، تمثلت في إجماع المجتمع الدولي المؤثر (العربي والإقليمي والغربي) على أن تكون سورية دولة مستقرة وموحدة. فدول الاتحاد الأوروبي لم تعد ترغب بتدفق مزيد من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، ولها مصلحة باستقرار سورية من أجل عودة أكبر عدد ممن لجأوا إليها سابقاً، فيما تركيا لديها مصلحة لضمان أمنها القومي من خلال وجود دولة مستقرة وموحدة على حدودها الجنوبية. كما أن دول الخليج ودول الجوار السوري العربية لديها مصلحة أيضاً بسورية مستقرة لتجنب تصدير العنف إلى أراضيها والقضاء على تجارة الكبتاغون التي كانت سورية مصدراً لها، طبعاً إضافة إلى مصلحة دول المنطقة بعودة خط الترانزيت عبر الأراضي السورية، ما يحقق عوائد اقتصادية أفضل لتلك الدول. ويضاف إلى كل ذلك توافر إرادة لدى الفاعل الأهم (الولايات المتحدة) بإعطاء فرصة لسورية لتكون دولة مستقرة وموحدة ومزدهرة اقتصادياً. ولكن اللافت رغم هذه الفرصة الذهبية لجميع السوريين لبناء دولة مزدهرة هو تعاطي جميع الأطراف فيها ضد مصالحهم وكأنهم يقودون أنفسهم للانتحار من خلال أدائهم في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخ البلد، فالطرف الحكومي الذي أتيحت له الفرصة الأكبر لقيادة المرحلة الانتقالية يتعاطى بطريقة إقصائية لجميع المكونات والأطراف الأخرى رغم أن إشراكها لا يؤثر على الشعبية التي استحوذ عليها نتيجة نسب تحرير البلاد له، فراح يستهلك شعبيته وشرعيته من خلال ممارسات هي ضد مصلحته قبل أن تكون ضد مصالح الآخرين، الأمر الذي أدى إلى تكوين حلف من المكونات الأخرى التي كان معظمها مؤيداً له. وفي السويداء، ظهرت المجموعة التي يقودها حكمت الهجري رافضةً أي مبادرة أو حوار مع الحكومة السورية، وأصبح مطلبها إسقاط هذه الحكومة، واستعداء كل السوريين، في حين أن تحقيق مطلبها من شأنه أن يؤدي إلى حرب أهلية سيكون المتضرر الأكبر منها هو هذه المجموعة بشكل خاص والطائفة الدرزية بشكل عام. وكذلك الأمر بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تماطل في تنفيذ اتفاق مارس/آذار الذي يقضي بدمج قواتها ضمن وزارة الدفاع بالحكومة السورية، بينما تشترط أن تدخل الجيش كتلةً واحدةً ضمن هذه الوزارة، إضافة لبعض الأحزاب والتيارات الكردية التي تسعى للانفصال عن الدولة السورية. وكلها تدرك أن محاولة تحقيق مطلبها سيوقعها فريسة لعملية تركية قد تودي بها تحت عنوان حماية الأمن القومي التركي. إن عمل جميع الأطراف على أهداف هي ضد مصالحها ربما يعود مرده إلى استقواء هذه الأطراف بأطراف خارجية وتغليب مصالحها الضيقة ومصالح الدول التي تدعمها على المصلحة الوطنية وعلى مصالح من تمثلهم.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية