
عربي
ترتفع أسعار الإيجارات في لندن مع مرور الوقت رغم أزمة تكاليف المعيشة التي يعيشها البريطانيون منذ سنوات، وقد أصبحت أحياء لندن الراقية القريبة من وسط المدينة، بعيدة المنال عن جميع المستأجرين تقريبًا باستثناء الأكثر ثراءً، وبدأت آثار ذلك تمتد إلى مناطق أخرى من العاصمة.
ويكشف تحليل لوكالة بلومبيرغ استنادا إلى بيانات موقع "سبيررووم" Spareroom المتخصص في تأجير الغرف الفارغة داخل المنازل، أن الضغوط السكنية لم تعد تقتصر على الأحياء الراقية، بل امتدت إلى المناطق ذات الأسعار المتوسطة مثل بروكلي وبيثنال غرين، بسبب توجه الباحثين عن مسكن إليها، مما يؤدي تدريجيًا إلى تآكل ما تبقّى من القدرة على تحمل تكاليف السكن في لندن.
ويقول مات هاتشينسون، مدير الموقع: "عندما تتزايد ضغوط السوق، فإن الإيجارات تنخفض بمعدل أسرع في المناطق الأغلى وترتفع أسرع في الأرخص، لكن ما يحدث أيضًا هو أن المستأجرين يُدفعون للخروج قليلًا من مناطقهم المفضلة نحو أحياء يمكنهم تحمل عبء إيجاراتها". لكن هذه الأحياء لا تبقى في حدود الأسعار المعقولة لفترة طويلة، إذ ترتفع الإيجارات حاليًا بأسرع وتيرة في المناطق متوسطة الأسعار، حيث تتراوح الإيجارات الشهرية بين 876 و966 جنيهًا إسترلينيًا. (الجنيه يساوي 1.33 دولار). وقد ارتفع متوسط إيجار الغرفة في هذه المناطق بنسبة 1.3% خلال عام حتى الربع الثالث، متجاوزًا وتيرة الارتفاع في المناطق الأغلى، ومخالفًا التراجع الطفيف في الأحياء الأرخص.
تسلط النتائج الضوء على الضغوط المتزايدة التي يواجهها المستأجرون في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، في ظل تراجع المعروض من المساكن واضطرارهم إلى التنافس على عدد محدود من الغرف. وتُعد المشكلة أكثر حدة في لندن، حيث يبلغ متوسط إيجار الغرفة نحو 1000 جنيه شهريًا (حوالي 1328 دولارًا)، وفقًا لموقع "سبيررووم"، مما يزيد من تكاليف المعيشة المرتفعة أصلًا ويصعّب على الراغبين في التملك تجميع دفعة أولى لشراء منزل.
منطقة كلابهام (Clapham) في جنوب لندن كانت وجهة مفضلة للشباب المستأجرين، لكنها أصبحت الآن خارج متناول الكثيرين، إذ تجاوز متوسط إيجار الغرفة فيها 1000 جنيه شهريًا. ويدفع ذلك الباحثين عن إيجار معقول إلى النزوح إلى منطقة أبعد بمسافة أربعة أميال حيث يمكن أن يتراجع الإيجار الشهري بمعدل 183 جنيها شهريا.
ومع تجاوز إيجار أرخص الغرف في لندن 700 جنيه شهريًا، بدأ كثيرون يتخلّون عن فكرة السكن في العاصمة، ليتجه مزيد من المستأجرين إلى المناطق المجاورة للعاصمة وهو ما يعني أن الدائرة الأضيق تطرد مزيدا من المستأجرين إلى المناطق والأحياء التي كانت في المتناول سابقا.
وتُظهر البيانات الرسمية أن متوسط نفقات الإيجار بالنسبة للأسرة البريطانية قد بلغت نحو 42% من دخلها على الإيجار في عام 2024، بينما لا تزيد هذه النسبة عن 32% لعموم إنكلترا. وارتفعت هذه النسبة في أحياء داخل لندن مثل ويتسمنستر وكامدن وهامرسميث وفولهام إلى 50% من الدخل بينما بلغت في الأحياء الراقية مثل كنسينغتون وتشيلي التي تضم أغلى العقارات في بريطانيا نحو 75% من الدخل.
ويحمّل الملاك الحكومة المسؤولية جزئيًا، بسبب الأنظمة المكلفة التي فرضتها، ويخشون الآن أن تقوم وزيرة الخزانة رايتشل ريفز بفرض ضريبة تأمين وطني على الدخل الإيجاري في ميزانيتها المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني بهدف دعم المالية العامة، مما يدفع العديد منهم إلى الانسحاب من السوق وبيع ممتلكاتهم.
