
عربي
أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تلقيه التماسات ممن وصفهم "بأشقاء" بخصوص الأزمة بين الجزائر والمغرب تضمنت الطلب من الجزائر فتح الحدود بين البلدين، بما يساعد في حل النزاع في الصحراء. ويأتي هذا التصريح بعيد تلقي كل من تبون وملك المغرب محمد السادس، رسالتين في وقت واحد من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رجحت بعض التقديرات أن تكون ذات صلة بوساطة لحلحة الخلافات بين الرباط والجزائر.
وقال تبون في خطاب ألقاه أمام قادة الجيش، بث كاملاً ليل أمس الجمعة، "هناك بعض الأشقاء على حسن نية، يطلبون منا فتح الحدود مع المغرب، لحل قضية الصحراء الغربية، الحدود لم تغلق بسبب قضية الصحراء الغربية، ولكنها أغلقت لأسباب أخرى، 63 سنة من الاستقلال، حدودنا مغلقة لمدة أكثر 45 سنة"، وأضاف: "إذا كنت تريد فتح الحدود، يجب أن نتحدث مع بعض بمعقولية، لا يجب أن تلفق لي، ولا أن ألفق لك أكاذيب"، في إشارة إلى دوافع الجزائر إلى قرارها إغلاق الحدود منذ ديسمبر/ كانون الأول 1994، حيث اتهمت الرباط الاستخبارات الجزائرية بالوقوف وراء تفجير فندق أطلس آسني في مراكش.
وأضاف تبون: "بالنسبة لقضية الصحراء الغربية، هي قضية تتعلق بتصفية الاستعمار، كآخر مستعمرة في أفريقيا، وهي بين يدي الأمم المتحدة، وهناك دول عظمى تسعى لحل القضية ونأمل أن تُحل، نحن موقفنا واضح، لا يهددنا أي طرف مهما كان، ولا يهمنا من ينتقد مواقفنا، يجب أن يأخذ الصحراويون حقوقهم"، ثم مضى قائلاً: "نحن لسنا صحراويين أكثر من الصحراويين، أي حل يقبله الصحراويون نقبل به، لكن ما دمنا في جوار الصحراويين، فإننا لن نسمح لأي طرف بأن يفرض عليهم أي حل لا يقبلون به، المعادلة بسيطة على هذا النحو".
ومنذ استقلال الجزائر عام 1962، أي في غضون 63 عاماً، لم تبقَ الحدود البرية بين الجزائر والمغرب مفتوحة سوى لمدة 18 عاماً، على فترتين، بين 1962 ولغاية 1975، حيث أغلقت الحدود البرية بين البلدين لفترة طويلة، حتى عام 1989، حيث تم الاتفاق على فتحها بعد وساطة سعودية قادها العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز، وبقيت مفتوحة لفترة ثانية حتى ديسمبر/ كانون الأول 1994، أي منذ 31 عاماً، عندما قررت الجزائر إغلاق الحدود، بعد قرار المغرب فرض التأشيرة على الجزائريين في أعقاب حادثة أطلس آسني، قبل أن تتأزم العلاقات بشكل أكبر اعتباراً من أغسطس/ آب 2021، عندما قررت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، ومنع عبور الطيران المغربي الأجواء الجزائرية، وفرض التأشيرة على الرعايا المغاربة.
وعزا وقتها بيان للرئاسة الجزائرية، سبب إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية، إلى "استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي". وذكر البيان أن اجتماع مجلس الأمن القومي خصص "لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية"، من دون أن يقدم أي تفاصيل بخصوص الدوافع وراء القرار الجديد وملابساته السياسية. ويعني هذا القرار أن الطائرات المغربية سيكون عليها اتخاذ مسارات خارج الأجواء الجزائرية في رحلاتها المتوجهة إلى مناطق في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.
وفي الشهر نفسه، قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، إثر إعلان السفير المغربي في نيويورك وقتها عمر هلال، خلال اجتماع دول عدم الانحياز، دعم الرباط لحركة "الماك" الانفصالية في منطقة القبائل شرقي الجزائر، رداً على موقف مماثل للجزائر بخصوص دعمها لجبهة "البوليساريو" الانفصالية في الصحراء. وتقرر إبقاء عمل القنصليات في البلدين لتجنب تأثير القرار على حياة المواطنين المقيمين في كلا البلدين.
إضافة إلى الاعتبارات الاقتصادية وتضرر المناطق الحدودية للبلدين من إغلاق الحدود، سبَّب ذلك أيضاً ضرراً يخص حركة التنقل بين البلدين، خاصة بالنسبة للعائلات التي تجمعها قرابات عائلية. وكثيراً ما يلتقي مغاربة وجزائريون عند نقطة حدودية تعرف باسم كاف لجراف، حيث لا يفصل هناك بين طريقين في الجانبين سوى واد صغير.
وتجدر الإشارة إلى أن المعبر البري بين البلدين والشهير باسم "زوج بغال"، يُفتح بين الحين والآخر، في حالات خاصة تتعلق بتسليم أو تسلم مهاجرين غير نظاميين من البلدين، أو جثامين لرعايا من البلدين وفي حالات إنسانية، على غرار السماح بعبور قوافل إغاثية متوجهة إلى قطاع غزة.
