
عربي
تواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إصدار توجيهاتها لمنع التجاوز على القوانين في الحملات الانتخابية والدعائية للمرشحين والتحالفات والائتلافات التي انطلقت الجمعة الماضية، بما في ذلك التعليمات الناظمة للإنفاق الانتخابي، وقد شدّدت أخيراً على منع استلام أي مساهمات أو تبرعات من جهات أجنبية، أو من مؤسسات الدولة، أو الشركات العامة، أو المصارف الحكومية، ضمن الحملات الانتخابية للمرشحين والأحزاب.
وتجرى الانتخابات البرلمانية في العراق في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لاختيار أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 329 عضواً، وهم المسؤولون عن انتخاب رئيس الجمهورية ومنح الثقة للحكومة، إلّا أن الحملة الدعائية والانتخابية شهدت اعتراضات واسعة من بينها التأثير على حركة السير، وتجاوزات على المعايير البيئية والقانونية التي تنظم الدعايات الانتخابية.
وقالت مساعد الناطق الإعلامي في المفوضية، نبراس أبو سودة إنّ "التعليمات الخاصة بسقف الإنفاق الانتخابي وضعت لضمان العدالة والشفافية والمنافسة المتكافئة بين المرشحين والأحزاب والتحالفات السياسية"، موضحة في تصريح صحافي، أن "الحدّ الأعلى للإنفاق الانتخابي للمرشح الفرد هو (مئتان وخمسون ديناراً عراقياً) عن كل فرد في الدائرة المرشح عنها، أما الأحزاب والتحالفات فيكون السقف مضروباً بعدد مرشحي القائمة في الدائرة الانتخابية".
وأكدت أبو سودة أن "التعليمات تمنع استلام أي مساهمات من جهات أجنبية أو من مؤسّسات الدولة أو الشركات العامة أو المصارف الحكومية، كما أن أي مساهمات عينية من سلع أو خدمات تدخل ضمن سقف الإنفاق ويجب احتسابها بقيمة مالية محددة"، مبينة أن "كل حزب أو تحالف سياسي وكل مرشح فرد ملزم بتعيين محاسب مالي حاصل على شهادة جامعية أولية في المحاسبة، يتولى جمع وتوثيق جميع السجلات المالية الخاصة بالحملة وإعداد التقارير وتقديمها خلال المدد المقرّرة، حيث يتوجب تقديم تقرير مالي أولي خلال خمسة عشر يوماً تبدأ من يوم الاقتراع يتضمن المساهمات النقدية والعينية والتفاصيل الكاملة للنفقات، كما يجب تقديم كشف مالي نهائي خلال ثلاثين يوماً تبدأ من إعلان النتائج الأولية يتضمن كل تفاصيل النفقات والمساهمات".
وتأتي هذه التوجيهات لطمأنة الشارع العراقي بشأن نزاهة العملية الانتخابية، وسط تقارير تتحدث عن بيع بطاقات انتخابية ومحاولات التأثير في إرادة الناخبين، وهو ما دفع الأجهزة الأمنية إلى تنفيذ حملات واسعة لملاحقة المتورطين في هذه الممارسات. وفي ظل هذا المناخ المتوتر، يرى مراقبون أن الخطاب الانتخابي العراقي يشهد تحولاً نحو "الطابع الوجودي"، إذ تسعى القوى السياسية إلى تصوير الانتخابات، بوصفها "معركة فاصلة بين مشروع الدولة ومشروع الفوضى"، وهو ما يكسب الحملات الانتخابية بعداً تعبوياً أكثر من كونه تنافسياً.
من جهته، قال الناشط السياسي في العراق، علي الحجيمي لـ"العربي الجديد"، إن "الدعم الخارجي لا يأتي إلى المرشحين إنما لبعض رؤساء وزعماء الأحزاب الذين بدورهم ينفقون هذه المبالغ على المرشحين وتوزيعها فيما بينهم"، مشيراً إلى أنّه "من الصعوبة السيطرة على هذه الأموال أو محاسبة المتجاوزين على القوانين لأن الدعم لا يصل بصيغة الدعم الانتخابي والسياسي إنما على شكل تعاقدات اقتصادية أو تجارية"، وأضاف أن "المفوضية عليها أن تحقق كثيراً بالمال المستخدم في الحملات الدعائية، لأن الحملات الحالية فاقت كل الحملات التي سبقت الانتخابات الماضية، وأن شراء البطاقات والذمم مستمر وهناك تجاوزات كثيرة تحدث في الانتخابات".
وتابع أن "الممارسات الحزبية والسياسية وطرق الدعاية تدفع العراقيين إلى مقاطعة الانتخابات أكثر، خصوصاً وأن التزاحم والتنافس بات واضحاً لدى الأحزاب، وأن هدفها المصالح والمناصب وليس خدمة العراقيين".
وفرضت الانتخابات العراقية المرتقبة حالة من التشاؤم على معظم المراقبين والمحللين، ولا سيّما أن الانتخابات استحالت من أداة ديمقراطية للتغيير، إلى حالة مكررة ضمن نفس الدائرة التي يشهدها العراق منذ عام 2003، ومن دون وجود حلول أو مخرجات للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية عن طريق مجلس النواب القادم، مع هيمنة للوجوه القديمة، ما زاد رقعة المقاطعين للانتخابات، بطريقة عفوية، عدا التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، الذي اختار طريق المقاطعة.
