المطامع الأميركية باستعادة قاعدة باغرام توحد دول جوار أفغانستان
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
دانت عشر دول من بينها الصين والهند وباكستان، الثلاثاء الماضي، اعتزام الإدارة الأميركية استعادة قاعدة باغرام الجوية العسكرية في أفغانستان. وأكدت الدول المشاركة في محادثات "صيغة موسكو" التي استضافتها روسيا، في بيان مشترك، أن نشر بنية تحتية عسكرية أجنبية في أفغانستان لن يخدم مصالح السلام والاستقرار الإقليميين. وشددت على ضرورة دعم أفغانستان للقضاء على الإرهاب حتى لا تُشكل أراضيها تهديداً لأمن الدول المجاورة. وفي كلمته خلال افتتاح مشاورات صيغة موسكو، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من أن الوجود العسكري لأطراف خارجية في أفغانستان قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار. وأكد على ضرورة دمج أفغانستان في العمليات السياسية والاقتصادية الإقليمية من دون تدخل من القوى الأجنبية. ليو وانغ تشين: هناك مصلحة مشتركة بين دول المنطقة في تجاوز خلافاتهم والتصدي للمخطط الأميركي اتحاد الخصوم ضد أميركا وبدا لافتاً انضمام القوى الآسيوية الثلاث (الصين والهند وباكستان) التي غالباً ما تكون على خلاف بشأن الحدود والنفوذ الإقليمي، إلى دول أخرى بما في ذلك إيران وروسيا، في رفض مساعي الولايات المتحدة لاستعادة القاعدة. وجاء في بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية الروسية أن المشاركين اعتبروا محاولات الدول نشر بنيتها التحتية العسكرية في أفغانستان والدول المجاورة أمراً غير مقبول، لأن هذا لا يخدم مصالح السلام والاستقرار الإقليميين. في تعليقها على ذلك، رأت وسائل إعلام صينية، أول من أمس الأربعاء، أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنشاء قاعدة جوية في أفغانستان توحّد الهند وباكستان والصين في المعارضة. ولفتت إلى أن مساعي الرئيس الأميركي لاستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية الاستراتيجية في أفغانستان، حققت إنجازاً غير متوقع، إذ جمعت الهند وباكستان والصين في نفس الجانب في المعارضة. وحضر اجتماع "صيغة موسكو" ممثلون من أفغانستان وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، فضلاً عن روسيا والصين والهند وباكستان، بالإضافة إلى وفد من بيلاروسيا بصفته ضيفا. ولطالما مثّلت هذه الصيغة، التي تأسست عام 2017، منصةً للحوار الإقليمي حول أفغانستان. وقد أثار الهدف المعلن لإدارة ترامب مخاوف بشأن تجدد الوجود العسكري الأميركي في المنطقة. ولطالما جادل الرئيس الأميركي علناً بضرورة استعادة الولايات المتحدة قاعدة باغرام نظراً لقربها من غرب الصين، مدعياً أنها تقع بالقرب من المواقع التي تُطوّر فيها بكين أسلحتها النووية. وكانت قاعدة باغرام الواقعة على بعد 44 كيلومتراً شمالي كابول، في الأصل قاعدة جوية تعود إلى الحقبة السوفييتية تم إنشاؤها في خمسينيات القرن الماضي. حول ذلك، رأى الباحث في المعهد الصيني للدراسات الآسيوية، ليو وانغ تشين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك مصلحة مشتركة بين دول المنطقة، خصوصاً الهند وباكستان والصين، في تجاوز الخلافات فيما بينها من أجل التصدي للمخطط الأميركي الذي يمثل تهديداً مشتركاً لأمن المنطقة وسلامتها. وأضاف أن مشاركة الدول الثلاث في "صيغة موسكو"، على الرغم من التجاذبات السياسية والصدام العسكري الأخير بين إسلام أباد ونيودلهي (في مايو/أيار الماضي)، يوجّه رسالة واضحة إلى واشنطن بأن العبث بأمن المنطقة أمر غير مقبول وسيواجه بإرادة قوية وصلبة. في السياق، قال ليو، إن بكين تولي أهمية كبيرة لأمن أفغانستان واستقرارها، وتدرك تماماً أبعاد الخطة الأميركية للسيطرة على القاعدة العسكرية، وما يمثله ذلك من مخاطر وتهديد لأمنها ومصالحها الحيوية. ولفت إلى أنه في إطار هذه المخاوف، عقدت الصين خلال الشهر الماضي اجتماعاً غير رسمي لوزراء خارجية الصين وروسيا وباكستان وإيران بشأن أفغانستان، وذلك على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي، وقد حضر الاجتماع يو شياو يونغ، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الصينية إلى أفغانستان. وأكد المجتمعون على احترام سيادة أفغانستان واستقلالها وسلامة أراضيها. لي وين: تخشى الصين نشر أنظمة صاروخية في باغرام هناك تشكل تهديداً مباشراً لها قاعدة باغرام والصين من جهته، أوضح الخبير في العلاقات الدولية لي وين، المقيم في بكين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تحركات الصين الإقليمية والدولية فيما يتعلق باستعادة قاعدة باغرام، تعكس مدى الحذر الصيني إزاء هذه الخطوة، على اعتبار أن السيطرة الأميركية على القاعدة الواقعة على بُعد بضع مئات الكيلومترات فقط من حدود شينجيانغ (غربي الصين والمحاذي لأفغانستان)، تُعدّ منصة حيوية لمراقبة الأسلحة الاستراتيجية الصينية في غرب البلاد، فضلاً عن إمكانية نشر أنظمة صاروخية هناك تشكل تهديداً مباشراً للأراضي الصينية. يشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال قبل أسابيع إن "أحد أسباب أننا نريد القاعدة هو، كما تعلمون، أنها على مسافة ساعة من حيث تصنع الصين أسلحة نووية". مع العلم أنه في عام 2021 نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر في مراكز أبحاث أميركية أن صور أقمار اصطناعية رصدت قيام بكين ببناء 110 منصات صواريخ نووية في منطقة هامي شرق إقليم شينجيانغ الواقع شمال غربي الصين، وهي منطقة قريبة بطبيعة الحال من الحدود الأفغانية وتبعد 2302 كيلومتر فقط عن كابول. وفي السياق، أوضح لي وين أنه مع استمرار الصين في تعزيز علاقاتها مع دول آسيا الوسطى والشرق الأوسط من خلال مبادرة الحزام والطريق، تزداد مخاوف الولايات المتحدة من فقدان نفوذها في قلب أوراسيا. ويتزايد دور أفغانستان بوصفها حلقة وصل في مبادرة الحزام والطريق، حيث تربط آسيا الوسطى بجنوب آسيا، وقد تكون جسراً للممر الاقتصادي الصيني الباكستاني المؤدي إلى الشرق الأوسط. لذلك، تحاول إدارة ترامب زعزعة الاستقرار في المنطقة لقطع الطريق أمام بكين ومنعها من تحقيق أهدافها الاستراتيجية. وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في وقت تضاءل فيه نفوذ الولايات المتحدة في أفغانستان وآسيا الوسطى بشكل لافت، خصوصاً عقب انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، مما أتاح مساحة لدول المنطقة من أجل توثيق العلاقات فيما بينها. وتسبب ذلك في نمو مطرد للاستثمارات الصينية في أفغانستان وباكستان، ولم يقتصر التعاون على القطاعات الاقتصادية والاستثمار في البنية التحتية، بل في مجالات عسكرية واستخباراتية. ويبدو أن هذا الأمر تنبّه له ترامب جيداً بعد عودته إلى البيت الأبيض، مما دفعه للإعلان صراحة عن رغبته في استعادة قاعدة باغرام العسكرية، لتكون عيناً للولايات المتحدة في المنطقة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية