
سبتمبر نت/ حوار
قال مدير مركز الإعلام الأمني، والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، النقيب هيثم الجرادي: إن مليشيا الحوثي الارهابية المدعومة من ايران أصدرت وثائق وهويّات مزورة، لعدد من الخبراء والفنيين الأجانب، المتخصصين في المخدرات الصناعية، باعتبارهم مواطنين يمنيين، في سياق المخطط الإيراني الرامي إلى تحويل مناطق سيطرة المليشيا إلى مركز إقليمي لحبوب الكبتاجون المخدرة.
وأكد النقيب الجرادي، في حوار أجرته معه صحيفة “26 سبتمبر”، أن عملية الترتيب لدخول الخبراء الأجانب الذين يحملون الجنسيات الإيرانية واللبنانية والسورية والعراقية والباكستانية والأفغانية، جرت عبر استغلال المنافذ الجوية والبحرية الخاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية خلال الفترة الماضية.
مشيرا إلى مساعي إيران الحثيثة عبر تنظيم جماعة الحوثي الإرهابية، إلى تحويل المناطق الواقعة تحت سيطرتها، إلى بؤرة جديدة لإنتاج وتوزيع حبوب الكبتاجون المخدرة في المنطقة، بدلاً عن المصانع التي أُغلقت في سوريا، عقب سقوط نظام بشار الأسد، أواخر العام الماضي.
وبيّن الجرادي أن هذه المساعي تهدف إلى إيجاد مورد اقتصادي جديد، يُدر أموالا ضخمة لمليشيا الحوثي، ويؤمن لها شبكة مالية بديلة عن القنوات التقليدية، التي حوصرت بالتضييق الأمريكي والعقوبات الخانقة بعد تصنيفهم جماعة إرهابية أجنبية.
فيما يلي نصّ الحوار:
– لنبدأ من الحدث الأخير.. اطلعنا على تفاصيل العملية التي تم من خلالها ضبط معدات مهرّبة لإنشاء مصنع متخصص لتصنيع حبوب الكبتاجون وبلورات الشبو المخدرة بمحافظة المهرة.. ما مصدرها؟
تعتبر العملية الأمنية الأخيرة في محافظة المهرة نجاح أمني نوعي جرى خلالها ضبط مختبر كيميائي متكامل مجهز بأحدث الآلات والمعدات المخصصة لتصنيع حبوب الكبتاجون وبلورات الشبو، تبين أن مصدرها إيران، كما أسفرت العملية عن الإطاحة بشبكة إجرامية مكونة من ستة عناصر على ارتباط مباشر بمليشيا الحوثي الإرهابية، إضافةً إلى عناصر أخرى من جنسيات عربية مختلفة، جميعهم يعملون ضمن شبكة إقليمية منظمة ترتبط بشكل مباشر بالنظام الإيراني.
– كيف وصلت هذه المعدّات المتخصصة إلى الأراضي اليمنية؟ وهل كانت لإنشاء مصنع للممنوعات بالمهرة أم كانت متجهة إلى محافظة أخرى؟
دخلت المعدات على شكل قطع متفرقة ومخفية ضمن شحنات بضائع عادية وعلى فترات متباعدة، عبر منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان، وقد تم رصد هذه الشحنات منذ اللحظة الأولى، غير أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تغاضت عن مرورها مؤقتًا مع استمرار متابعتها الدقيقة ورصدها بشكل منهجي لتحديد مصادرها والجهات التي تقف وراءها.
وبعد استكمال جمع المعلومات والأدلة وتحديد هوية جميع عناصر الشبكة الإجرامية، صدرت توجيهات عليا من قيادة وزارة الداخلية ممثلةً بمعالي الوزير اللواء الركن إبراهيم حيدان، تقضي بضبط الشبكة ومعدات المصنع.
وعلى إثر ذلك نفذت الأجهزة الأمنية في محافظة المهرة عملية نوعية محكمة، نجحت خلالها في الإطاحة بكامل العناصر المتورطة، وضبط المعدات المخصصة للمصنع الذي كانت الشبكة تعتزم إنشاؤه في المحافظة قبل أن يبدأ نشاطه الفعلي.
– ما ارتباط الحوثيين بالمضبوطات الأخيرة والخلية الموقوفة معها؟ وهل تعدّ هذه التجهيزات هي الأولى في اليمن، أم أن هناك معامل أخرى لتصنيع الحبوب المخدرة في مناطق سيطرة الجماعة؟
المصنع ومعداته، إضافة إلى الشبكة التي تقف وراء عملية تهريبه أو الخبراء الذين قاموا بتهريب وتركيب وتجهيز المصنع، جميعهم على ارتباط مباشرة بمليشيا الحوثي الإرهابية والنظام الإيراني.
وبحسب المعلومات الواردة من المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، قامت المليشيا بإنشاء العديد من مصانع الكبتاجون في أكثر من محافظة بتحويل عدد من شركات تصنيع الأدوية إلى معامل لإنتاج الكبتاجون على سبيل المثال شركة “ستار فارما” و”شركة شفاكو”.
أما فيما يتعلق بالمحافظات المحررة، فكان هذا هو الأول الذي سعت مليشيا الحوثي إلى إنشائه في محافظة المهرة عبر عناصر إجرامية مرتبطة بها، غير أن يقظة الأجهزة الأمنية وجاهزيتها حالت دون ذلك، حيث تمكنت من رصده وكشفه منذ الوهلة الأولى، ومن ثم ضبطه قبل أن يبدأ الشروع في أي نشاط إنتاجي.
– إلى أي مدى يرتبط تزايد نشاط التهريب والاتجار بالمخدرات في اليمن خلال الفترة الأخيرة بالمتغيرات الإقليمية، خصوصاً تراجع النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، وتحويل اليمن إلى بديل محتمل لمراكز إنتاج الكبتاجون؟
منذ إغلاق مصانع الكبتاجون في سوريا عقب سقوط نظام المجرم بشار الأسد، سعت إيران إلى تحويل المحافظات الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي إلى مركز إقليمي جديد لتصنيع الكبتاجون.
وقد استغلت إيران المنافذ البحرية والجوية الواقعة في مناطق سيطرة الميليشيا لتهريب المعدات والخبراء بشكل مكثف خلال الفترة التي أعقبت انهيار تلك المصانع في سوريا.
كما أن ميليشيا الحوثي قامت باستغلال وجود المركز الرئيسي سابقا للأحوال المدنية في العاصمة صنعاء لإصدار آلاف الهويات المزيفة لأشخاص إيرانيين ولبنانيين وسوريين وعراقيين، إضافة إلى عناصر مرتبطة بمليشيا موالية شيعية لها في دول أخرى مثل باكستان وأفغانستان، ومنحتهم أرقاماً وطنية باعتبارهم يمنيين.
من بين هؤلاء أشخاص خبراء وفنيون في الأنشطة غير المشروعة المتعلقة بإنشاء وتركيب وتجهيز مصانع الكبتاجون، وقد جرى ترتيب دخولهم إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرتها عندما كانت المنافذ الجوية والبحرية لا تزال مفتوحة.
ومؤخراً وبعد تدمير مطار صنعاء وميناء الحديدة، حاولت الميليشيا تهريب خبراء في تصنيع الكبتاجون عبر المنافذ الجوية في المحافظات المحررة، غير أن الأجهزة الأمنية نجحت في إحباط هذه المحاولات وضبطهم.
– برأيكم إلى ماذا يهدف الحوثيون ومن خلفهم طهران من هذه المساعي؟ وما مخاطرها المترتبة على المجتمع المحلي والإقليمي؟
جماعة تنظيم الحوثي الإرهابية ومن يقف خلفها في طهران يسعيان من خلال هذه الأنشطة إلى تحقيق هدفين رئيسيين، الهدف الأول يتمثل في إيجاد مورد مالي اقتصادي يدر أموالاً ضخمة لتمويل حروبها وأنشطتها الإرهابي،ة وتطوير قدراتها العسكرية، ويؤمن لها شبكة مالية بديلة عن القنوات التقليدية، وذلك بعد تضييق الخناق عليها، وتصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية.
أما الهدف الثاني فيتجاوز الجانب المالي إلى بعد استراتيجي أشد خطورة، وهو إغراق المنطقة والدول المجاورة بهذه السموم، وتحديداً استهداف الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، لإضعاف النسيج الاجتماعي فيها، وإرباك مؤسساتها الأمنية والصحية.
شحنات حبوب الكبتاجون المضبوطة بشكل متكرر في منفذ الوديعة خلال الأشهر الماضية، تؤكد صحة هذه النوايا، وحجم المخطط الإجرامي.
– ما حجم اعتماد الحوثيين على خبراء ومتخصصين أجانب في عملية تصنيع الممنوعات محليا؟ وهل يقتصر نشاط الجماعة المرتبط بالمخدرات على تصنيع الكبتاجون فقط؟
يعتمد الحوثيون اعتمادا كليا على خبراء يمنيين تم تدريبهم وابتعاثهم الى إيران ومتخصصين إيرانيين وآخرين من دول عربية وإقليمية في عمليات تصنيع الممنوعات محلياً، حيث يشرف هؤلاء الخبراء على مراحل التخطيط، التركيب، التشغيل داخل المصانع.
كما أن هؤلاء الخبراء والمتخصصين يقومون بتدريب وتأهيل عناصر تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية للقيام بالأدوار المساعدة في عملية الإنتاج في المرحلة الراهنة، وذلك لضمان استمرارية وتوسّع مليشيا الحوثي في هذه الأنشطة الإجرامية وغير المشروعة، و نشاط مليشيا الحوثي في هذا الجانب، لا يقتصر على تصنيع الكبتاجون فقط، بل يشمل أيضاً إنتاج بلورات الشبو، وأنواع أخرى من المخدرات.
– هل هناك شواهد على أن تجارة المخدرات تمثّل أحد مصادر التمويل الرئيسة للحوثيين؟ وكيف ينعكس ذلك على أنشطتهم العسكرية والأمنية؟
توجد شواهد واضحة ومؤكدة أن تجارة المخدرات تشكل أحد أهم مصادر التمويل الرئيسة لمليشيا الحوثي الإرهابية، إذ تدر هذه التجارة غير المشروعة أموالاً ضخمة تستخدمها في تمويل حروبها ضد الشعب اليمني، ودعم الأنشطة الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين والملاحة البحرية.
وبالتالي الأموال التي تجنيها مليشيا الحوثي من هذه التجارة تنعكس بشكل مباشر على قدراتها العسكرية، حيث تمكنها من تعزيز وتطوير أسلحتها، ويمنحها القدرة على شراء المعدات المتطورة في المجال العسكري والأمني، وضمان استمرار عملية التحشيد والتجنيد والتدريب لعناصرها الإجرامية بشكل مستمر ومنظم.
عمليات التهريب والضبط المتكرر للمخدرات والحشيش منذ انقلاب المليشيا، إلى جانب إنشاء العديد من مصانع إنتاج الكبتاجون، واستقدام الخبراء الإيرانيين المتخصصين في هذا المجال، تمثل أبرز الشواهد على اعتماد الحوثيين على هذه التجارة غير المشروعة.
– أخيرا.. ما الصعوبات والعوائق التي تعقّد جهود مكافحة المخدرات؟ وهل هناك تنسيق بينكم وبين المجتمع الدولي لمواجهة هذا التحدّي المتصاعد؟
تواجه جهود مكافحة المخدرات في اليمن العديد من الصعوبات والعوائق المعقدة، وذلك نظراً للظروف والأوضاع التي أنتجتها حرب مليشيا الحوثي الإرهابية على مدى عشر سنوات ضد الشعب اليمني، بالإضافة إلى انقلابها على الشرعية الدستورية ونهب كل مقدرات مؤسسات الدولة.
إضافة إلى ذلك، فإن ضعف البنية التحتية للرقابة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومحدودية الموارد المادية والتقنية المتخصصة لدى الأجهزة الأمنية، تقلّص القدرة على تتبع وتفكيك الشبكات الإجرامية، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الدعم الإقليمي والدولي لتطوير قدرات وإمكانات الأجهزة الأمنية المتخصصة والمعنية بمكافحة تهريب المخدرات والممنوعات.
كما أن الانخراط المباشر للنظام الإيراني وشبكاتها المنتشرة في العديد من دول المنطقة والإقليم وفي القرن الأفريقي في عملية التهريب، يزيد من صعوبة ضبط وملاحقة الشبكات الإجرامية المتورطة.
وعلى الرغم من هذه التحديات، هناك تنسيق مستمر وفعال بين وزارة الداخلية ودول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في تبادل المعلومات، وتدريب الكوادر، وتعزيز قدرات الرقابة على المنافذ، إضافة إلى تبني استراتيجيات مشتركة للتصدي للشبكات الإجرامية التي تقوم بعمليات التهريب، ولهذا التعاون دور كبير في التصدي وإحباط الكثير من الشحنات المهربة، وتفكيك العديد من الشبكات الإجرامية التابعة لمليشيا الحوثي والنظام الإيراني.