في ذكرى اكتوبر الثورة  
أهلي
منذ 6 أيام
مشاركة

14 اكتوبر ثورة اشتعلت شرارتها في عام 1963م، في الجزء الجنوبي من اليمن ضد الاحتلال البريطاني، كانت ضرورة فرضتها الظروف الموضوعية، لشعب تواق للحرية والاستقلال، وتهيئت لها الظروف الذاتية، بالحركة العمالية التي بدأت باحتجاجات ومطالب حقوقية، لتتطور الى حقوق سياسية، وحق تقرير المصير.

عمدت بريطانية على فرض تغيير ديمغرافي للسكان، بجلب عمالة اجنبية ، مما استشعر المجتمع العربي في عدن بخطورة هذا التغيير ، وخاصة ان الاجانب استأثروا بالوظائف العليا في المدينة، فتشكلت الجمعية العدنية و من اهم مطالبها ( عدن للعدنيين) والمقصود هنا بالعدنيين هم اهل المدينة من العرب اليمنيين من المحميات والقادمون من شمال الوطن.

ثورة هي امتداد لحركات التحرر العربية من الاستعمار واعوانه، والانظمة المتخلفة والبائدة كالإمامة في شمال الوطن، أي امتداد لثورة سبتمبر التي فجرها الوعي للقضاء على نظام كهنوتي إمامي بائد، فكانت عدن منبرا لهذا الوعي، وحضن استوعب ثوار حركة 48م التي رصفت طريق نجاح سبتمبر، ثورتين اختلط فيهما الدم اليمني شماله وجنوبه، فمثل ما كانت عدن منبرا لوعي سبتمبر، وجبهة متقدمة لثوارها، ورافدة للمقاتلين ضد الإمامة، كانت صنعاء وتعز رافدا مهما لثوار اكتوبر بالسلاح والتدريب والتأهيل، فبندقية لبوزها هي بندقية سبتمبر استلمها من صنعاء، واطلق شرارتها من جبل ردفان، وساهم في تفجير الكفاح المسلح في عدن، الذي توج بأكبر عملية فدائية استهدفت راس سلطة المستعمر واعوانه، ومشروعه الجنوب العربي، بما سميت بقنبلة المطار التي فجرها الثائر ابن المدينة خليفة عبدالله خليفة، واشتد الكفاح المسلح الذي استدعى المستعمر لتعزيز قواته، ولم تتوقف المقاومة حتى ارغامه على الرحيل، ورحل اخر جندي بريطاني في الثلاثين من نوفمبر 1967م، مخلفا فتنة بين رفاق الكفاح والسلاح، كانت نتيجتها حرب اهلية، و اقصاء جبهة التحرير، واستلام الجبهة القومية للسلطة، واعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، التي وحدت 22 سلطنة ومشيخة تحت سلطة وطنية يمنية.

ما عكر فرحة الاستقلال هو العقل السلطوي الإقصائي، والحماس الغير واعي ، والتخندق الأيدلوجي، والارتهان لمشاريع اقليمية ، التي ما زالت ماثلة لليوم، نقلت الصراع الاقليمي والعربي للدولة الفتية، و ارتكب ثورها عدد من الانتهاكات والتصفيات الجسدية و زج بعدد كبير من المعارضين بالمعتقلات، وتسريح الكوادر بدون حقوق، وتأميم الممتلكات والشركات العالمية، والمرتكزات الاقتصادية، وتعطيل دور عدن كمركز تجاري واقتصادي، وثاني ميناء عالمي، فكانت النتيجة حكم شمولي، وسلطة ايدلوجية ، وبلاد مغلقة اقتصاديا وسياسيا بقوة عسكرية غاشمة فرضت امر واقع، ودولة بوليسية.

فهذا ما اراده المستعمر واعوانه من القوى الرجعية في الاقليم، عدم السماح لعدن بالنهوض، لأنها تحمل المقومات الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية للمشروع الوطني، لن تقبل ان تكون تابعه في مشروع جنوب عربي تحت الوصاية الاستعمارية، فكانت مع اكتوبر الثورة التي حررت الجنوب اليمني، و وحدت 22 سلطنة ومشيخة، في دولة وطنية جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وانتشر ابناؤها لنشر التعليم والوعي والثقافة والصحة والتحضر في ربوع اليمن الجنوبي، ورفعت شعار الوحدة اليمنية، لتنقل اليمن من فترة الشتات والدول المتعددة التي حكمتها في فترات تاريخية , سواء بصورة منفردة أو بصورة متعددة , حيث كانت تتعدد الدول في فترات الضعف وتقل في فترات القوة نتيجة سيطرة دولة واحدة , ولم تكن هناك حدود ثابتة لهذه الدول , وإنما كغيرها من الدول كانت حدود قوتها المادية وتحديدا العسكرية هي من ترسم حدود سيادتها ونفوذها فاليمن يمثل كيانا جغرافيا تاريخيا مستقلا ، وعلى عكس المناطق المجاورة لها في شبة الجزيرة العربية لم ينقطع وجود الدولة في اليمن عبر التاريخ , فقد استمر اليمنيون بالانتماء للهوية الواحدة وإن تعددت الدول التي تحكمهم , ومع ضعف الدولة الوحدة المركزية في صنعاء وصراع حكامها على السلطة بدأت تبرز قضايا في مناطق تعرضت للتمايز و الاستبداد والاقصاء والتهميش والهيمنة ، وبرزت القضية الجنوبية، كمظلومية وحقوقية، لتتطور الى مطالب سياسية وانفصال الجنوب عن الشمال، بسبب الصلف السلطوي والعقل الاقصائي، وهيمنة القبيلة والعشيرة، والدعم الخارجي الرافض للدولة الوطنية العادلة، التي تهدد عروشهم.

فكان لابد من تصحيح مسار الثورتين، في 11 فبراير ثورة تصحيح شعبية شبابية، ارهبت النظام وداعميه من دول الاقليم، فكان لابد من التدخل السافر، لاستغلال التناقضات، و دعم المشاريع الصغيرة لتبديد المشروع الوطني الكبير الذي رسمت ملامحه في مخرجات حوار وطني، و ها نحن عشر سنوات من التدمير لمقومات الدولة وفكرة المشروع الوطني، واستهداف عدن وتعز وصنعاء وحضرموت وشبوة كمناطق تنير مشروعنا الكبير ، فتعززت الكراهية والعنصرية والطائفية والاثنية لتبرز هويات صغيرة، لضرب الهوية الوطنية، فدخلنا في نفق مظلم، سيطرت فيه الطائفة على اجزأ من الشمال، والمناطقية على اجزأ من الجنوب، وما زال المشروع الوطني يقاوم، وسينتصر عاجلا ام اجلا، بفضل شرفاء ومناضلي الوطن الرافضون للارتهان والتبعية لمشاريع الخارج، مهما تهيئ للبعض ان الخارج تمكن منا بعدد ممن باعوا وانخرطوا في مشروعه، فالبقية الباقية ممن يحملون قيم و مبادئ المشروع الوطني، يحملون على اكتافهم طوق النجاة، وسننجو ما دمت عقولنا تحمل افكار المشروع وطن اليمن الكبير وفي عروقنا تجري دماء الهوية اليمنية، والنصر لليمن شعبا وارضا وانسان.

The post في ذكرى اكتوبر الثورة   appeared first on يمن مونيتور.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية