
عربي
تعود أزمة النفايات في لبنان إلى الواجهة من جديد، في ظلّ الحلول الترقيعية المؤقتة التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة، والفشل المزمن في معالجتها مع غياب الخطة الشاملة وطغيان التجاذبات السياسية على الملف، إذ أعلنت شركة "رامكو"، اليوم الثلاثاء، أنه نظراً لإقفال مطمر الجديدة والتوقف عن استقبال النفايات اعتباراً من الساعة الرابعة فجراً بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ستتوقف جميع عمليات جمع النفايات في مختلف المناطق اللبنانية ضمن قضاءي المتن وكسروان، إضافة إلى مدينة بيروت الإدارية، وذلك إلى حين إعادة فتح المطمر واستئناف العمل فيه. ومن غير المعلوم متى يستأنف العمل في المطمر، ما يجعل الأزمة مفتوحة.
وتوقف مطمر الجديدة في الساعات الماضية عن استقبال شاحنات النفايات، في ظل تجاوزه القدرة الاستيعابية، من دون أن يصدر بعد قرار عن مجلس الوزراء لتجهيز المساحة الجديدة المطلوبة لجمع النفايات فيها. وسُجّل تكدّس للنفايات في عددٍ من المناطق اللبنانية، منها في الجديدة، والبوشرية، وجونيه، بحيث امتلأت الحاويات بالنفايات وفاض بعض منها في الطرقات، وذلك في وقت يتخوّف السكان من أن تطول الأزمة، ولا سيما أن البلاد تشهد أمطاراً متفرقة منذ الأمس، ما قد يؤدي إلى إغراق الطرقات بالنفايات، بالإضافة إلى أن من شأن ذلك أن يسبّب لهم أزمات صحية وبيئية.
في الإطار، قال رئيس لجنة البيئة النيابية النائب غياث يزبك في بيان، اليوم الثلاثاء، إنه التقى والنائب رازي الحاج وزيرة البيئة تمارا الزين، أمس الاثنين، وجرى البحث في مسألة مطمر الجديدة، وكان هناك توافق على منع حصول أزمة نفايات في المتن نتيجة امتلائه وإقفاله، واعتماد مطمر الكوستابرافا مدة ثلاثة أشهر ونصف، في انتظار تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع التي ستتولى إعداد الخطة الشاملة لمعالجة النفايات الصلبة. واستغرب يزبك التراجع عن الاتفاق، سائلاً "من كبس الزر لشركة رامكو كي تتوقف اليوم عن جمع النفايات بما يغرق المنطقة بالنفايات؟!"، متوجهاً إلى وزيرة البيئة بالقول: "لا يمكن ترك الناس عرضة للابتزاز في صحتهم وصحة أولادهم، ونأمل منك التحرّك سريعاً لإنقاذ الوضع ونحن عشية موسم الأمطار".
في السياق، يقول النائب رازي الحاج لـ"العربي الجديد"، إنّ "مطمر الجديدة فتح عام 2016 على أساس إقفاله تدريجياً في غضون أربع سنوات، مع تثبيت حق للبلدية في استثمار العقار، لكن القرار لم ينفذ، لا بل أصبح الطمر في المطمر بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020 عشوائياً، ومن دون فرز، وقد بات ارتفاع النفايات يصل إلى 36 متراً بعدما كان ثلاثة أمتار، وهذا الأمر غير مقبول". ويضيف الحاج "على الحكومة أن تتحمّل المسؤولية، وكذلك وزيرة البيئة، إذ لا يمكن وضع الناس أمام الأمر الواقع، وفرض خيارين لا ثالث لهما، إما توسعة المطمر أو تعويم المواطنين بالنفايات".
ويشدد الحاج لـ"العربي الجديد" على أن "هناك ثلاث نقاط أساسية يجب التوقف عندها، الأولى، تتمثل بأن لا خطة عامة لمعرفة المسار المقبل لما بعد توسعة المطمر، ولا خطة وطنية لملف النفايات، في حين تقول وزيرة البيئة أن الموضوع ليس من اختصاصها، بل من اختصاص الهيئة الوطنية لمعالجة النفايات الصلبة، علماً أنها غير مشكَّلة، فهل نترك الأزمة إلى حين تشكيل الهيئة أم على الحكومة والوزيرة أن تتحمل المسؤولية؟".
ويتابع "النقطة الثانية، تتمثل بأن لدى مطمر الجديدة بذمّة مطمر الكوستابرافا أربعة أشهر، باعتبار أنّه خلال فترة الحرب الإسرائيلية كانت النفايات ترمى في مطمر الجديدة، أما النقطة الثالثة فترتكز على أن مطمر الناعمة هو المطمر الصحي الوحيد الذي يتمتع بطاقة استيعابية، فلماذا لا نلجأ إليه بدل رمي النفايات بالبحر". ويأسف الحاج لأن هناك أطرافاً لا تريد أن تتحمّل المسؤولية، والكل كان يعلم أننا سنصل إلى هنا، وهذا ما يحتّم على الجميع الذهاب باتجاه اللامركزية لحل أزمة النفايات، بشكل مستدام، وإلا ستطل الأزمة برأسها كل فترة كما يحصل منذ سنوات طويلة.
من جهته، قال النائب فؤاد مخزومي في منشور له عبر منصّة "أكس"، "بعد أن كنت قد أثرتُ أزمة ملف مطمر الجديدة مع رئيس الحكومة نواف سلام خلال لقائه الخميس الماضي في السراي الحكومي، وطالبتُ دولته بالتدخل لإيجاد حلول سريعة ومستدامة لهذه الأزمة، وبعد أن قام مجلس الوزراء بترحيل البند المتعلق بملف النفايات إلى جلسته المقبلة، وبعد أن جرى اليوم تبليغ كل من مجلس الإنماء والإعمار وبلدية بيروت بإقفال مطمر الكوستابرافا بوجه النفايات التي تُرسل إليه، لن نرضى أن تتحمّل العاصمة بيروت وأهلها نتائج سوء إدارة هذا الملف، وأن تكون، كما في كل مرة، ضحية التجاذبات السياسية والمناطقية التي يخضع لها هذا الملف". وطالب مخزومي "الحكومة والجهات المعنية بالتحرك الفوري لإيجاد حل سريع لهذه الأزمة".

أخبار ذات صلة.

هزات عنيفة تلاحق اتفاق غزة
الشرق الأوسط
منذ 12 دقيقة