انقسامات أوبك+ تكشف تحوّلات سوق النفط العالمية
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
اتخذت أوبك+ مؤخرًا قرارًا سريعًا بإحياء جزء آخر من إنتاج النفط، غير أن هذه الخطوة السريعة تخفي وراءها بوادر انقسام داخل التحالف. ففي مؤتمر عبر الفيديو لم يستغرق أكثر من تسع دقائق يوم الأحد، وافقت المجموعة التي تقودها السعودية وروسيا على إعادة تشغيل 137 ألف برميل يوميًا من الإنتاج المتوقف، في تسوية وُصفت بأنها حلّ وسط بين موقفين متناقضين، وفق وكالة بلومبيرغ. السعودية، التي تقود جهود منظمة أوبك وحلفائها لتسريع زيادات الإمدادات في الأشهر الأخيرة، ما زالت مصممة على استعادة حصتها السوقية بسرعة، وهي من بين الدول القليلة القادرة فعليًا على رفع إنتاجها بشكل كبير. في المقابل، فضّلت روسيا تعديلًا يحافظ على أسعار النفط، إذ تحتاج إلى عائدات النفط لتمويل حربها ضد أوكرانيا، وسط تكهنات بصعوبة زيادتها الإنتاج بسبب العقوبات الدولية. وخلال أيام المفاوضات التي سبقت الاجتماع، ناقشت دول "أوبك+" إجراء زيادة جديدة كبيرة في الإنتاج على غرار الزيادات التي شهدتها الفترة بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول، لكنها انتهت في النهاية إلى الموافقة على زيادة أصغر. وعندما اختلفت السعودية وروسيا قبل أربعة أشهر حول سياسة "أوبك+"، انتصرت آنذاك رغبة الرياض في زيادة أكثر عدوانية للإمدادات، أما هذه المرة، فقد انتصرت الرؤية الأكثر تحفظًا التي تبنتها موسكو، في إشارة إلى تدهور المشهد في سوق النفط. تراجع الأسعار وتوقعات الفائض وبحسب "بلومبيرغ"، تراجعت أسعار النفط الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر، وبدأت شحنات غير مبيعة من الشرق الأوسط تتراكم، فيما أصبحت الفروقات الزمنية بين العقود الآجلة أقل تفاؤلاً. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية فائضًا عالميًا كبيرًا في الإمدادات خلال هذا الربع من العام. وقالت وزارة الطاقة الجزائرية في بيان، عقب الاجتماع، إن استهلاك النفط، رغم قوته حاليًا، قد يشهد تباطؤًا في وتيرة نموه في الأشهر المقبلة. وقد ارتفع سعر النفط في لندن إلى أكثر من 65 دولارًا للبرميل اليوم الاثنين، غير أن التفاعل الإيجابي للأسواق مع تسوية نهاية الأسبوع قد لا يكون النهاية الحقيقية للقصة. في السياق، تجني الصين أرباحًا أكبر من تصدير الألواح الشمسية والبطاريات والسيارات الكهربائية وغيرها من تقنيات الطاقة النظيفة مقارنة بما تحققه الولايات المتحدة من صادرات الوقود الأحفوري. فقد بلغت صادرات الصين من هذه التقنيات 120 مليار دولار بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2025، مقابل 80 مليار دولار من شحنات النفط والغاز الأميركية إلى الخارج. تعود أهمية قرارات "أوبك+" إلى كونها العامل الأكثر تأثيرًا في موازنة السوق النفطية العالمية، خاصة في ظل مرحلة من التقلبات الاقتصادية والتباطؤ في نمو الطلب. فمنذ بداية عام 2024، سعت السعودية إلى تعزيز موقعها التنافسي في سوق النفط عبر سياسة إنتاجية أكثر مرونة، تهدف إلى حماية حصتها السوقية أمام منتجين غير أعضاء مثل الولايات المتحدة والبرازيل. وفي المقابل، فإن تزايد الإنتاج من خارج "أوبك+"، لا سيما من النفط الصخري الأميركي، أدى إلى تراجع نفوذ المنظمة تدريجيًا في تحديد الأسعار العالمية. كما أن تحولات الطلب العالمي نحو الطاقة النظيفة تضع ضغوطًا إضافية على التحالف النفطي، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يبلغ ذروة الطلب على النفط بحلول نهاية هذا العقد، قبل أن يبدأ بالانكماش التدريجي. وتشهد الأسواق أيضًا تباطؤًا في النمو الاقتصادي في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وهو ما يقلص شهية الطلب على الخام. إلى جانب ذلك، تتزايد المخاوف من فائض في المعروض العالمي مع ارتفاع الصادرات الروسية رغم العقوبات الغربية، واستمرار دول مثل العراق والإمارات في توسيع إنتاجها لتحقيق إيرادات مالية تعوض العجز في موازناتها. تكشف الخلافات داخل "أوبك+" أن توازن القوى في سوق النفط لم يعد كما كان في العقد الماضي. فبينما تسعى السعودية إلى تأمين موقعها مصدرًا رئيسيًا في سوق تشهد تحولات هيكلية، تجد روسيا نفسها مضطرة إلى الحفاظ على الأسعار لتغطية أعباء الحرب والعقوبات. ومع تزايد التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد صراعًا بين الرغبة في الحفاظ على الإيرادات النفطية والتأقلم مع مستقبل طاقة منخفض الكربون، ما يجعل وحدة "أوبك+" أمام اختبار صعب خلال العام المقبل.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية