متحف ميم في بيروت... أن تربط العلم بالدهشة
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
يقف متحف ميم في قلب العاصمة اللبنانية بيروت كأحد أكثر المشاريع الثقافية والعلمية طموحاً في المنطقة. فالمتحف الذي أسسه رجل الأعمال سليم إدّه، يضمّ نحو 2500 قطعة معدنية نادرة جمعها من 75 بلداً، بينها الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك والصين والإمارات العربي المتحدة، إضافة إلى دول أفريقية عدة. لا يقدّم "ميم" تجربة عرض كلاسيكية بقدر ما يقدّم رحلة تفاعلية في عالم المعادن، تجمع بين الاكتشاف العلمي والتقنية الحديثة، وتعيد وصل الزائر بجماليات الطبيعة ودقّتها. تقول مديرة المتحف سوزي حكيميان لـ"العربي الجديد" إن سليم إدّه يسعى من خلال هذا المتحف إلى تحفيز جيل جديد على الاهتمام بالعلوم عبر اكتشاف عالم المعدنيات، "الذي تتقاطع فيه الكيمياء والجيولوجيا والطاقة والرياضيات". وتشير إلى أن "الوسائط التفاعلية الحديثة ساهمت في جذب الشباب وتشجيعهم على البحث والتعلّم بأسلوب ممتع ومباشر". أما المديرة المساعدة والمسؤولة عن التواصل الاجتماعي والتطبيقات في المتحف كارول عطالله، فترى أن عالم المعدنيات هو "أساس كل تطور شهدته البشرية". تضيف في حديثها: "كنا نستخدم النحاس في صناعة الأدوات المنزلية منذ قرون، واليوم يدخل في تصنيع أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية وكل ما يرتبط بالتكنولوجيا الحديثة". يعتمد المتحف على تجربة متعددة اللغات – العربية والفرنسية والإنكليزية – تراعي مساحات العرض وتنوّع الزوّار. قبل بدء الجولة، يُعرض فيلم تعريفي يقدّم لمحة عن تكوين المعادن واستخداماتها منذ العصور القديمة، يتبعه فيلمان آخران: أحدهما يشرح الخصائص الفيزيائية للمعادن مثل الصلابة واللون والفلورة، والثاني يستعرض الجدول الدوري للعناصر وتاريخ اكتشافها عبر العصور. وتوضح عطالله أن لوحة الجدول الدوري – أو "جدول مندلييف" – "تعمل بطريقة ذكية، تتيح للزائر اختيار أي عنصر لمعرفة خصائصه المعدنية واستخداماته المختلفة". في أحد أقسام المتحف، يمكن للزائر أن يتفاعل مع تطبيق ثلاثي الأبعاد يتيح رؤية البلورات المعدنية من جميع الزوايا، وتغيير ألوانها أو أشكالها لفهم تركيبها البنيوي. كما يقدّم التطبيق معلومات دقيقة عن الأصل الجيولوجي والمعادلات الكيميائية والكثافة والصلابة لكل معدن في المجموعة. قبل الدخول إلى مساحة العرض الرئيسية، توجد طاولة تفاعلية تشرح تصنيف المعادن بحسب خصائصها. ويُسبق القسم المخصص للمعادن المشعّة بعرض فيلم قصير يشرح مفهوم النشاط الإشعاعي والانشطار النووي، ودوره في تأريخ الصخور القديمة واستخداماته في العالم الحديث، مع الإضاءة على أهمية اليورانيوم كمعدن استراتيجي. ومن النماذج التي يستعرضها المتحف، "الليديكوتيت" أو الياقوت من مدغشقر، الذي يسلّط الضوء على مجموعة التورمالين بألوانها وصيغها الكيميائية المتنوّعة. يمكن للزائر تكبير الشرائح ورؤية خصائصها المجهرية بوضوح من خلال شاشة ذكية تعرض التفاصيل الدقيقة للمعادن. وفي تجربة أخرى لا تقلّ إثارة، يتيح تطبيق تفاعلي يُعرف باسم "القارة" استكشاف مواقع المناجم حول العالم عبر كرة أرضية رقمية، حيث يمكن التحليق افتراضياً فوق المناجم ومشاهدة لقطات قريبة منها، والتعرّف على المعادن المستخرجة من كل موقع. تقول عطالله إن هذه التجربة "تمكّن الزائر، وخصوصاً الطلاب، من فهم الصعوبات الجغرافية لاستخراج المعادن من باطن الأرض بطريقة تعليمية ممتعة لا تخلو من الترفيه". تختم عطالله بالقول إن المتحف يعمل على "تطوير دائم للتطبيقات"، في مسعى إلى دمج المعرفة بالمتعة، مضيفة: "نريد أن يشعر الزائر بأن العلم ليس موضوعاً أكاديمياً جامداً، بل تجربة تفاعلية تحفّزه على الاكتشاف والدهشة". هكذا يتحوّل "ميم" من متحف للمعادن إلى مختبر للفضول الإنساني، يذكّر بأن ما يلمع في الصخور لا يقلّ بريقاً عما يضيء في عقول الباحثين.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية