
عربي
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته الشاملة لإنهاء الحرب على غزة، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، ثم وافق عليها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في 30 من الشهر ذاته باعتبارها تحقق الأهداف الإسرائيلية من الحرب، قبل أن تتبعه حركة حماس بإعلان موافقتها، يوم الجمعة الماضي، مع تشديدها على بعض التحفظات.
وتشمل الخطة في خطوطها العريضة، وقف القتال، وتبادل أسرى، وإدارة انتقالية، ونزع سلاح، وإعادة إعمار، وضمانات أمنية، مع تلميح لحل سياسي مستقبلي. ولئن أبدت حماس في ردها استعداداً واضحاً للتعاون في عدّة ملفات، خصوصاً وقف الحرب وتبادل الأسرى، وتسليم الإدارة المدنية للقطاع، لم تتوانَ عن إبداء تحفظها على نقاط سياسية حساسة، رابطةً موقفها منها بنقاش فلسطيني وطني قبل اتخاذ قرارات نهائية.
فيما يلي محاولة لتقديم إحاطة شاملة حول جوانب خطة ترامب بشأن غزة عن طريق طرح سؤال وجواب، والترتيبات التي ستلحقها:
- ما أبرز أهداف خطة ترامب لوقف الحرب على غزة؟
تهدف الخطة إلى إنهاء الحرب في غزة التي بدأت في السابع أكتوبر/تشرين الأوّل 2023 عقب عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس ونجح مقاتلوها بالوصول إلى مستوطنات إسرائيلية محيطة بالقطاع، وجاءت رداً على الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك اقتحامات المستوطنين الاستفزازية للمسجد الأقصى، قبل أن ترد إسرائيل بسلسلة من الغارات والعمليات الدموية وتطور مع الأيام إلى حرب إبادة قد تكون غير مألوفة في تاريخ الحروب البشرية الحديثة، لما تضمنته من جرائم حرب.
بعد يومين تكون الحرب قد أتمت عامها الثاني، وبالتالي تهدف الخطة لإنهاء هذه الحرب وضمان أن تكون غزة بحسب تعبيرات الخطة خالية من "الإرهاب والتطرف"، و"لا تُشكل "تهديداً لجيرانها"، وقابلة لإعادة الإعمار والتطور الاقتصادي.
- ما الخطوة الأولى بعد موافقة الطرفين على الخطة؟
يفترض عقب إعلان حماس وإسرائيل موافقتهما على الخطة، أن يبدأ الوقف الفوري لإطلاق النار، يليه انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، وتجميد لخطوط القتال، وتعليق للقصف الجوي والمدفعي. ورغم أن ما سبق منصوص عليه بالخطة، وقد رافقته مطالبات من الرئيس ترامب لإسرائيل بوقف قصفها، غير أن الأخيرة لا تزال حتّى اللحظة تقصف مناطق متفرقة في قطاع غزة، متسببةً بسقوط شهداء وجرحى ومزيداً من الدمار المهول.
- ماذا عن المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين؟
وفقاً للخطة، فإنه خلال 72 ساعة من إعلان الطرفين موافقتهما عليها، ينبغي أن يُطلق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين وعددهم 48، يُرجح أن يكون 22 منهم أحياء والبقية في عداد القتلى. وفي المقابل، ستفرج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن 15 جثماناً فلسطينياً مقابل كل جثة أسير إسرائيلي. وعقب انقضاء ما سبق، يُفترض أن يطلق سراح 250 أسيراً فلسطينياً يقضون حكماً بالمؤبد، فضلاً عن 1700 أسير آخرين بما يشمل أيضاً النساء والأطفال.
ومع ذلك، فإن ما منصوص عليه في الورق قد يجد صعوبة في التطبيق على أرض الواقع حرفياً؛ ففي حين تنص الخطة على 72 ساعة لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، صرّحت حماس بوضوح أنها ستلاقي صعوبة في تطبيق ذلك بالسرعة المطلوبة نظراً لتوزع الأسرى على عدّة مناطق، وفقدان الاتصال مع بعض الآسرين بسبب تعرض مناطق الاحتجاز للقصف، إلى جانب صعوبات لوجستية وفنيّة أخرى.
- ما هو مصير مقاتلي حماس بعد تنفيذ الاتفاق؟
طبقاً للخطة فإن من سيلتزم بالعيش وفقاً للواقع الجديد (التعايش، بحسب تعبير الخطة)، ويسلّم سلاحه "سُيمنح العفو"، ومن "يرغب بالمغادرة" سيؤمن له ممر آمن لوصوله إلى دول تستقبله. ومعنى ما سبق، هو أن من يرفض الواقع الجديد ولا يبدي استعداداً لتسليم السلاح، قد يصبح "هدفاً" بالنسبة لإسرائيل، وعرضة للملاحقة والقتل.
- من يدير قطاع غزة بعد الحرب؟
يفترض أن يُدار قطاع غزة، الذي أحالته الحرب الإسرائيلية على مدى عامين إلى أكوام ممتدة من الأنقاض، من لجنة تكنوقراط فلسطينية غير سياسية، تشرف عليها هيئة دولية مؤقتة تُدعى "مجلس السلام"، يترأسها ترامب ويشارك فيها قادة سابقون مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. أمّا مهمتها فستكون إدارة الحياة اليومية للفلسطينيين، والاهتمام بمسألة التمويل بهدف إعادة إعمار القطاع.
- ماذا بشأن الإعمار والتنمية الاقتصادية؟
تتطرق الخطة إلى إعداد برنامج تنمية اقتصادي بإشراف خبراء دوليين، وإنشاء منطقة اقتصادية خاصة، فضلاً عن تشجيع الاستثمار لتوفير فرص العمل، إلى جانب اعتماد مقترحات دولية لإعادة الإعمار.
- هل سيُنزع سلاح غزة وكيف، ومن الضامن لتنفيذ الخطة الأمنية؟
بناء للخطة، سيتم تفكيك البنى التحتية العسكرية كلياً، تحت إشراف دولي، يُرافق ببرامج لإعادة الإدماج، وسط مراقبة دقيقة لمنع إعادة التسلح. أمّا الضامن فهو الولايات المتحدة وشركاؤها العرب الذين سيُشكلون قوة دولية مؤقتة ستتولى تدريب الشرطة الفلسطينية، والتنسيق مع مصر والأردن وإسرائيل لضمان الأمن. ومع ذلك، لفتت صحيفة وول ستريت جورنال، أمس السبت، إلى أن الحركة ستوافق على نقل ما يُعرّف بأنه "سلاح هجومي" للتخزين في مصر لكنها تصر على الاحتفاظ بما يُعرف بـ"الآليات الدفاعية".
وطبقاً لما قالته مصادر عربية من دول الوساطة للصحيفة الأميركية، فإن "عز الدين حداد، الذي يُعتبر رئيس الجناح العسكري لحماس وقائدها الفعلي في القطاع بعد اغتيال الأخوين يحيى ومحمد السنوار، منفتح على تسوية، لكنه غير مستعد لتسليم الأسلحة الخفيفة، التي يراها "سلاحاً دفاعياً".
- ما هو موقف الخطة من أي احتلال إسرائيلي لقطاع غزة؟
بحسب ما يأتي في بنودها، يُفترض عدم ضم أو احتلال غزة، إلى جانب انسحاب تدريجي وفقاً لمعايير أمنية واضحة ومتفق عليها. وتلمح الخطة بصورة ضبابية إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلاً إذا نُفّذت "الإصلاحات" الفلسطينية، إلى جانب فتح "حوار سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين بشأن التعايش"، وحواراً بين الأديان "لتعزيز التسامح والتعايش"، وفقاً للتعبيرات الواردة بالخطة.
- ما هو موقف حركة حماس من الخطة؟
ردّت حركة حماس الجمعة 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بالموافقة مبدئياً على خطة ترامب، وسط ترحيبها بوقف الحرب فيما أبدت حذرها من بعض البنود، مبدية موافقة مشروطة مع تحفظات على قضايا جوهرية، وإعلاناً صريحاً لرفض للهيمنة أو الاحتلال الإسرائيليين.
- هل وافقت حماس على تسليم إدارة غزة، وما هي شروطها؟
نعم، وافقت الحركة على تسليم إدارة غزة إلى هيئة فلسطينية من التكنوقراط المستقلين، شريطة أن يكون القرار نتاج إجماع وطني فلسطيني وبدعم عربي وإسلامي. بالنسبة لحماس، فإن القضايا المتعلقة بمستقبل غزة والحقوق الوطنية تُناقش في إطار وطني شامل؛ والحركة ستكون جزءاً منه، لكنها ترفض اتخاذ قرارات أحادية الجانب في هذا الشأن.
- ما هي خطوط الانسحاب الإسرائيلية وفقاً للخطة؟
وفقاً لخريطة الانسحاب الأولي لجيش الاحتلال التي نشرها ترامب، لا تزال إسرائيل تحتل كامل مدينة رفح، وكذلك محور صلاح الدين (فيلادلفي) على الحدود بين القطاع ومصر، فضلاً عن مسافة تمتد ما بين 1500-3500 من جميع مدن القطاع وصولاً للحدود الفاصلة بين الأخير وإسرائيل. ويُعد الانسحاب الأوّلي لإتاحة المجال لحركة حماس لجمع الأسرى من أماكنهم وإطلاق سراحهم. وعقب ذلك من المفترض أن ينسحب الجيش من مناطق إضافية ليسلّمها لقوة عربية - إسلامية ستتولى إدارة السكان ونزع سلاح القطاع.
وطبقاً لخريطة الانسحاب الأصلية التي نُشرت بوصفها جزءاً من الخطة، سيواصل الجيش الإسرائيلي السيطرة على منطقة أمنية تمتد على جميع حدود قطاع غزة بما يشمل أيضاً محور صلاح الدين حتى "التأكد من عدم وجود أي تهديد من غزة".
- ماذا نعرف عن المفاوضات التي ستنطلق الاثنين في مصر وما أبرز النقاط الخلافية؟
من المفترض أن تنطلق المفاوضات حول تفاصيل ترتيبات تنفيذ الخطة غداً في مصر، حيث ستصل الوفود التي تمثل الحركة، والوفد الذي يمثل إسرائيل برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، غال هيرش، ونائب رئيس "الشاباك" المُشار إليه بالحرف "م" فضلاً عن ممثلي الجيش وجهاز "الموساد"، إلى جانب الوفد الأميركي الرفيع الذي سيقوده مبعوث الرئيس، ستيف ويتكوف. وفي الصدد، نقلت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية (كان ريشت- بِت)، عن مصادر مطلعة على المفاوضات قولها، أن النقاشات ستتركز غداً حول انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة؛ إذ إن خرائط الانسحاب هي واحدة من ثلاث قضايا خلافية مركزية بين الطرفين؛ تضاف إليها أيضاً قضية نزع سلاح حماس، والتباينات حول آليات وقف إطلاق النار وترتيبات ما بعد الحرب.
