قوات الدعم السريع تحتكر تجارة الصمغ في السودان
عربي
منذ أسبوعين
مشاركة
بدأت قوات الدعم السريع في إعادة هيكلة التجارة الحدودية بين السودان ودول الجوار، فارضة قيودا صارمة على حركة تصدير الصمغ العربي من المناطق الخاضعة لسيطرتها نحو تشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، وشددت الرقابة على الحدود ومنعت خروج أي شحنات إلى هذه الدول. ويرى اقتصاديون أن الخطوة تمثل تحولا نوعيا في رسم الخريطة الاقتصادية للإقليم والتعامل مع الموارد الاستراتيجية، خاصة الصمغ العربي الذي يُعد أحد أهم موارد السودان. لكن مصادر مطلعة أكدت لصحيفة "العربي الجديد" أن الإجراء ليس سوى مرحلة أولى لإعادة تشكيل الاتفاقات الحدودية السابقة بما يخدم توجه الحكومة الجديدة "تأسيس" بعد إعادة تشكيلها، خصوصا في ظل تفاقم عمليات تهريب الصمغ نحو دول الجوار. وأدت الحرب إلى تعطيل حركة التجارة الدولية للصمغ العربي وارتفاع أسعاره بنسبة 9%، وفقا لتقارير البورصات العالمية. وقد استفادت دول مثل تشاد والنيجر ومالي من هذا الوضع، حيث رفعت صادراتها لتعويض تراجع الإنتاج السوداني. ويبلغ سعر طن صمغ الهشاب حاليا نحو 3150 دولارا في الأسواق العالمية، مقارنة بـ2200 دولار قبل اندلاع الحرب، ما يعكس حجم الاضطراب الذي أصاب القطاع. وفي هذا السياق، قال محمد الخليفة، وهو أحد أعيان إقليم دارفور، إن الخطة تعني إلغاء جميع الاتفاقيات التي وقعتها حكومة السودان بشأن تجارة الحدود مع تشاد وليبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، والتي كانت تنظم عبر التبادل السلعي والإجراءات الجمركية والأطر المصرفية. وأصدرت قيادة الدعم السريع تعليمات مباشرة لقواتها بمنع تصدير الصمغ إلى دول الجوار، في محاولة لإحكام السيطرة على هذا المورد الاستراتيجي. لكن تجارا في شرق دارفور أكدوا أن الخطوة جاءت بعد فشل الدعم السريع في احتكار السلعة، إذ حاولت شراء شحنات ضخمة كانت متجهة إلى الحدود الغربية لكنها لم تنجح، واستمر التهريب. لذلك لجأت إلى فرض قيود أشد على المسارات والتسويق. وأوضح تجار آخرون أن هذه القوات منعت مرور أي شاحنة محملة بالصمغ نحو الجوار، ومن يخالف تُصادر شحناته، ما أضر بالمنتجين والمصدرين. مناطق إنتاج الصمغ والسيطرة عليه ويمتد حزام إنتاج الصمغ العربي في 13 ولاية سودانية، إلا أن معظم الإنتاج يأتي من ولايات دارفور وكردفان حيث تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة. وتُعد ولاية شرق دارفور من أبرز مناطق الإنتاج، حيث بلغت إنتاجيتها قبل الحرب نحو 65 ألف قنطار في مساحة 141 ألف فدان تقريبا، بحسب إحصاءات وزارة الزراعة. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024، منعت قوات الدعم السريع توريد المنتجات الزراعية والغابية، بما فيها الصمغ، من مناطق سيطرتها إلى ولايات يسيطر عليها الجيش في الشمال والشرق والوسط. هذا القرار، إلى جانب دخول مشترين جدد على الخط مرتبطين بشبكات تهريب، أدى إلى انهيار أسعار الصمغ في الأسواق المحلية. وقال تاجر رفض ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إن القرار تسبب في تكدس الصمغ بالأسواق، لكن عناصر الدعم السريع سرعان ما بدأوا بشراء المحاصيل القديمة والجديدة وتسويقها في تشاد وجنوب السودان، محاولين احتكار التجارة، وأشار إلى أنهم يدفعون أسعارا مرتفعة تصل إلى 300 ألف جنيه للقنطار، رغم أن سعره في السوق يراوح بين 120 و200 ألف فقط. كما شكا تجار من مصادرات وفرض رسوم باهظة، بينها 900 ألف جنيه عند البوابات و700 ألف في معابر مثل "أديكونق". وقال التاجر بابكر إسحاق إنه دفع ملايين الجنيهات أثناء نقله 30 طنا من الصمغ عبر دارفور وصولا إلى تشاد، ما دفعه لترك المهنة. وأكد تجار آخرون أن التهريب أصبح يمر عبر شرق دارفور ومعبر الرقيبات أو عبر منطقة تمساحة نحو بور بجنوب السودان. وأوضحوا أن مقربين من قوات الدعم السريع في دول مجاورة بدأوا بشراء كميات ضخمة تُجمع في جنوب دارفور ثم تُرحَّل إلى تشاد ومنها إلى النيجر، مشيرين إلى أن الشحنات قد تتجاوز 20 شاحنة تُخزن مؤقتا في منازل تابعة للعناصر المسلحة. أرباح بملايين الدولارات وبحسب فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، فإن قادة الدعم السريع في نيالا تغاضوا عن نهب الصمغ وغيره من الموارد باعتباره تعويضا للجنود وضمانا لاستمرار القتال. وأوضح التقرير أن التهريب يتم عبر معابر عدة في دارفور نحو تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، مشيرا إلى نهب نحو 3700 طن خلال النصف الأول من 2024. وأضاف التقرير أن قوات الدعم السريع تفرض رسوما تصل إلى مليون جنيه على كل شاحنة محملة بـ20 طنا. هذا بالإضافة إلى "زكاة" 100 ألف جنيه، وتكسب شهريا ما يقارب 20.5 مليون دولار من رسوم عبور الشاحنات، إذ تراوح الكميات السنوية المهربة نحو تشاد بين 50 و70 ألف طن. وتسببت الحرب في تعطيل حزام إنتاج الصمغ العربي بدارفور وكردفان، حيث تراجعت الأيدي العاملة وخرجت مساحات واسعة من الإنتاج. وأكد مزارعون أن الموسم الحالي تميز بـ"طق" محدود و"لقيط" ضعيف، وهو ما انعكس في انخفاض المعروض. من جانبه، أوضح عضو مجلس الصمغ العربي مصطفى السيد أن سعر الطن تجاوز ثلاثة آلاف دولار، بعدما كان يباع قبل الحرب بنحو ألفي دولار، مشيرا إلى أن الإنتاج قبل الحرب بلغ 50 ألف طن من صمغ الهشاب، لكنه شدد على أن الحرب لم توقف الصادرات رغم تكاليفها العالية، حيث ارتفع حافز السائقين ورسوم النقل بشكل فلكي، مع فرض الدعم السريع رسوما إضافية تبلغ مليون جنيه على كل شحنة، وأشار إلى أن بعض المنتجين يضطرون لدفع ملايين الجنيهات عند نقاط تفتيش الدعم السريع، فيما يعرض بعض الجنود مرافقة الشحنات وتأمينها مقابل مبالغ كبيرة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية