ما بعد رد حماس وموقف ترامب: الكرة في ملعب نتنياهو
عربي
منذ ساعتين
مشاركة
قال محللون فلسطينيون، إن الرد الذي سلمته حركة حماس للوسيطين قطر ومصر تعليقاً على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان دبلوماسياً ودقيقاً وذكياً في التعامل مع المشهد السياسي الحالي. ورأوا أن حالة الضغط التي كانت مصدرة تجاه الفلسطينيين وحركة حماس تحولت الآن لتنتقل باتجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعيش تحت ضغط كبير من ترامب من جهة ومن الأحزاب اليمنية من جهة أخرى. وكانت حركة حماس أعلنت في بيان، في وقت متأخر مساء أمس الجمعة، عن موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال الأحياء وجثامين الشهداء، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل. في المقابل، رد الرئيس الأميركي على ذلك بالدعوة المباشرة والواضحة للاحتلال الإسرائيلي إلى وقف قصف غزة فوراً والإشارة إلى رغبة حماس في ما وصفه بالسلام، عدا عن قيامه بنشر بيان الحركة كما هو عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشال". واكتفى مكتب نتنياهو بإصدار بيان، فجر السبت، قال فيه: "في ضوء رد حماس، تستعد إسرائيل لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب للإفراج الفوري عن جميع الرهائن"، مضيفاً: "سنواصل العمل بتعاون كامل مع الرئيس وفريقه لإنهاء الحرب وفقًا للمبادئ التي وضعتها إسرائيل، والتي تتوافق مع رؤية الرئيس ترامب". ورغم هذه المواقف، فإن حالة من عدم اليقين تبقى قائمة حول إمكانية تنفيذ كامل للاتفاق، في ظل التلاعب الإسرائيلي والاشتراطات المتكررة في ملف التفاوض ونزع سلاح حماس وخروج قيادتها من القطاع. ولم تأت الحركة بشكل واضح على ذكر الكثير من القضايا التي تعترض عليها في بيانها الرسمي، إلا أن حديث بعض قادتها بعد الإعلان عن الرد، حمل إشارات واضحة بشأن التفاوض على مثل هذه الملفات. ويُعتبر الملف الأبرز، إلى جانب قضية السلاح، هو ملف اللجنة المستقلة التي طلبت حركة حماس أن تكون لجنة وطنية فلسطينية، ما يعني رفض اقتراح ترامب بتشكيل مجلس سلام يترأسه شخصياً ويتولى إدارة غزة فيه رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير. رد حركة حماس "ذكي ومسؤول" من جهته، رأى مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، هاني المصري، أن ردّ حماس على خطة ترامب ذكي ومسؤول وإيجابي؛ إذ رحّبت حماس بالجهود الأميركية وقالت "نعم" واضحة، خصوصاً في ما يتعلق بالإفراج عن جميع المحتجزين ضمن صفقة تبادل، مع إبقاء باب التفاوض مفتوحاً حول التفاصيل والجدول الزمني والضمانات. وقال المصري لـ"العربي الجديد" إن الحركة رفضت الوصاية من خلال المطالبة بإدارة محلية فلسطينية في إطار توافق وطني، وتركَت مسألة الموقف من البنود المتعلقة بالحقوق الوطنية في ملعب الكلّ الوطني. وأضاف المصري أن "سبب هذا الترحيب المشروط بخطة تحقق معظم المطالب الإسرائيلية بصيغة نعم ولكن، دون قبول أو رفض كامل، هو أن الرفض يُعدّ بمثابة انتحار سياسي وعسكري، لأنه يمنح إسرائيل غطاءً إقليمياً ودولياً لمواصلة الإبادة بأشدّ ضراوة". واعتبر المصري أن القبول المطلق يعني الاستسلام من دون ضمانات لوقف الحرب ومنع التهجير والانسحاب وإعادة الإعمار، مشيراً إلى أن القبول المقترن بالمطالبة بإيضاحات وتفصيلات والتفاوض على آليات التنفيذ يلقي الكرة مجدداً في ملعب نتنياهو ويعيده إلى دائرة العزلة بعدما صوّر نفسه منتصراً وعازلاً لحماس، ويمنح الحركة هامشاً يساعدها على السعي لوقف الحرب من دون تحمّل مسؤولية استئنافها إن وقع. ووفقاً لمدير مركز مسارات، فإن رهان حماس يقوم على أن ما يهم ترامب بالدرجة الأولى هو تحقيق إنجاز شخصي يرضي ذاته ويعزز فرصه في الحصول على جائزة نوبل للسلام، وهذا يمكن أن يتحقق عبر صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب، بينما تبقى القضايا الأخرى ثانوية بالنسبة له، وهي بطبيعتها ستُحسم على الأرض وفق موازين القوى والتوافقات الإقليمية والدولية، فهذه الحرب، في الغالب، لن تنتهي باتفاق نهائي بل ستُضاف إلى قائمة الحروب غير المكتملة. نتنياهو والمشهد بدوره، قال مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، أحمد الطناني، إنه من المبكر الإفراط في التفاؤل على اعتبار أن نتنياهو ليس ساذجاً ولا قليل الحيلة والقدرة وهو مؤثر جداً، على الرغم من محدودية المساحة المتاحة في ضوء الموقف العلني لترامب. واعتبر الطناني في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه من الممكن أن ينتزع نتنياهو موقفا جديدا، وسيراهن طبعاً على وضع صعوبات تدفع حماس لاتخاذ موقف يستفز ترامب، لافتاً إلى أن المشهد وجسر الهوة الآن مرتبطان بديناميكية الوسطاء وحجم الحراك، مع إشارة مهمة لمحورية التحرك التركي وتأثير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ترامب. وبيّن الطناني أن رد حماس جاء دبلوماسياً ومركزاً على الجوهر السياسي، وساعياً أيضاً لنفي الاتهامات الموجهة لها، لا سيما من الرئيس الأميركي ترامب، حول استخدام الأسرى كدروع بشرية، موضحاً أن الحركة أكدت بوضوح أن الاحتفاظ بالأسرى لا يهدف إلا للوصول إلى صفقة شاملة وكاملة، بعيدًا عن أي أهداف جانبية. وأكد المتحدث أن ما ورد في رد حماس لا ينسجم مع حسابات نتنياهو أو اليمين الإسرائيلي، الذي يسعى إلى فرض شروط استسلام تشمل تجريد المقاومة من السلاح وتمكين الاحتلال من تنفيذ ذلك مباشرة. وبالتالي، من غير المتوقع أن يحظى الرد برضا الاحتلال. مسارات في الحرب إلى ذلك، يعتقد مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد عطاونة، أن الحرب على غزة باتت أمام مسارات مختلفة لم تشهدها من قبل، وذلك لاعتبارات عدة أبرزها الرد الذي قدمته حركة حماس والموقف الأميركي الإيجابي تجاهه. وقال عطاونة لـ"العربي الجديد" إن حماس في ردها قطعت الطريق على حكومة الاحتلال وعلى أي طرف يريد الاستمرار في الإبادة الجماعية، وفي ذات الوقت حافظت على المسار الوطني وعلى موقع قطاع غزة في المشروع الوطني وعلى القضايا الوطنية الكلية وطموحات الشعب الفلسطيني. وأشار عطاونة إلى أن هناك موقفاً أكثر جدية هذه المرة من الإدارة الأميركية، وهذا اتضح بالموقف السريع الذي نُشر بعد بيان حركة حماس على موقع البيت الأبيض ووزارة الخارجية، ودعوة ترامب إلى وقف الحرب فوراً، بالأحرى أمر إسرائيل بوقف قصف قطاع غزة فوراً. ورأى أن المواقف العربية التي صدرت حتى الآن، مواقف قطر ومصر وعدة دول عربية وأوروبية، تعبر عن مسؤولية عالية، إذ رحبت بموقف حماس ودعموه وهذا يعطي قدراً أعلى من الجدية هذه المرة. غير أن عطاونة استدرك بالإشارة إلى: "التحديات الكبيرة هي حول الاستمرارية، حول مدى جدية الأطراف وقدرتها على الضغط لاستمرارية هذا المسار، وصولاً إلى إنهاء هذه الحرب الدموية، والحفاظ على وقف إطلاق نار دائم".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية