يوبيل جمعية حماية البيئة الذهبي
عربي
منذ ساعة
مشاركة
حين يصل الإنسان إلى عمر الخمسين يظل ينثر طاقته الإيجابية على من حوله، وما حوله. حينها يكون الدماغ قد وصل إلى مستويات الأداء القصوى، ذلك لأن قدرة الدماغ على التعلُّم تظل قوية حتى العقد السابع من العمر كما يقول الخبراء. كما تعني الخمسون عاماً الانتقال بين شتى المراحل، من التعلّق بالوالدين إلى الفطام، والتعلّم من الأقران، ومراحل التعليم المختلفة، وتعني لقاء الآلاف من البشر، وتلقّي مزيد من الخبرات، والتزوّد بما يعبر مع الإنسان البرزخ. أما خمسون عاماً من عمر التنظيمات المدنية البيئية فتعني عبور الآلاف من أصحاب الخبرات والمعارف والطاقات والتجارب الجديرة بالتوثيق والتعلُّم منها، وتعني أن يصبح ذلك التنظيم مدرسة، وجامعة علوم ومعارف تخرج فيها الآلاف ممن يناط بهم الإمساك بخيوط حاضر ومستقبل الانسان والبيئة. لكن أن يكون التنظيم معنياً برفع مستوى المعرفة البيئية فذاك شأن آخر، وتحدٍ يفوق كافة التحديات الماثلة، خاصة في زمن كانت فيه مفردة البيئة نفسها غريبة على الأسماع، كما عُدّ العمل في هذا المجال ضرباً من الترف المعرفي والتوجهات النخبوية، حتى كان مؤتمر استكهولم 1972، والذي رمى بأول حجر في بركة الواقع البيئي الساكنة، رافعاً شعار "أرض واحدة"، في إشارة واضحة إلى أن البيئة كلٌ لا يتجزأ، وعرّف البيئة بأنها "رصيد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما، وفي مكان ما، لإشباع حاجات الانسان وتطلعاته". التقطت القفاز مجموعة من السودانيين المهمومين بالقضية، ليتم تكون أول تنظيم بيئي، وهو الجمعية السودانية لحماية البيئة، والتي خرجت من رحم جمعية العلوم في جامعة الخرطوم عام 1975، وكانت البداية مع محاولات جادة لترسيخ المفهوم، وتسكينه في وجدان العاملين في شتى ضروب الحياة، والمؤسسات ذات البعد البيئي. وعملت المجموعة على تجاوز تحديات عديدة على رأسها مقارعة الأنظمة السياسية لكل ما هو مدني، وتمثل التحدي في إثبات أن القطاع المدني هو الضلع الثالث في مثلث الدولة، مع القطاعين العام والخاص، وأنه لابد من تساوي الفرص والامكانات. وُجدت الجمعية السودانية لحماية البيئة لتبقى، وقد عبرت زمناً يصعب فيه صمود التنظيمات إلا بتوفر الإيمان القاطع بالقضية، والقدرة الفذة على حقن هذا الإيمان في أجيال لاحقة، وهذا ما تم خلال الخمسين عاماً الماضية من عمرها (1975 – 2025)، والتي جاء الاحتفاء بها في زمن تجسدت فيه القسوة على البيئة والموارد، وعلى التنظيمات، بل على البشر أنفسهم. تحاول الجمعية في يوبيلها الذهبي إشعال شمعة في ظل العتمة القاسية، احتفاء بما مضي، وإيماناً بأن ما سيأتي سيكون أفضل رغم كل شيء، فشكراً لكل من ظلوا يمسكون بجمرة حلم أن يكون حق العيش في بيئة سليمة ماثلاً، ومعمولاً عليه، ومصوناً ومحروساً بالمبادئ الانسانية. (متخصص في شؤون البيئة)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية