من يقف وراء وسم #برلمان_منتهي_الصلاحية  معارضة شعبية أم توجيه سياسي؟
تدقيق حقائق
منذ 3 أسابيع
مشاركة
اطلقت حسابات وهمية في 21 يوليو 2025 حملة مناهضة للبرلمان اليمني على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #برلمان_منتهي_الصلاحية ردا على تحركات البرلمان وتشكيل لجان تفتيش في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا والتي رفض استقبالها علانية المجلس الانتقالي الجنوبي .عمل فريق منصة مُسند على تحليل الحملة والتحقق من اهدافها ومسار انطلاقها وأبرز منشطي هذه الحملة وكيف ومن أين تمت ادارة الحملة .وبناء على تحليل رقمي للحملة باستخدام ادواتmeltwater فقد سجّلت حملة #برلمان_منتهي_الصلاحية حجمًا مرتفعًا من المنشورات خلال يوم انطلاقها المحدد في 21 يوليو 2025، إذ بلغ عدد المنشورات أكثر من 6000 منشور ، ما يعكس نمطًا واضحًا من الحشد الرقمي الموحد.  بهدف التأثير على اداء البرلمان الذي رحبت به بعض المحافظات مثل تعز ومارب والمهرة وشبوة .وقد تركزت ذروة نشر الحملة بين الساعة الخامسة والثامنة بتوقيت اليمن في يوم انطلاقها ، وهو توقيت يتوافق مع أنشطة داخلية، علماً أن الحملة تمت إدارتها و تنشيطها من أطراف على صلة مباشرة بالسياق المحلي وتوجه المجلس الانتقالي الرافض لتحركات البرلمان التي هدفت للتفتيش عن مصير الموارد وكشف الفساد.هذا التوقيت المحدد، إلى جانب التكرار المرتفع للوسم نفسه، يشير إلى أن الحملة كانت منظمة وموجهة ضمن نمط تعبئة رقمية مركزية تهدف لتقويض شرعية البرلمان اليمني الذي وصل الى عدن لمباشرة مهامه وبدعم حكومي وسعودي.تأطير الحدثعلى وقع تحركات البرلمان اليمني المعترف به دوليًا، وتشكيله لجانًا ميدانية لتقصي أوضاع المحافظات وتفتيش أداء السلطات المحلية، اندلعت حملة رقمية مناهضة استهدفت وجوده وشرعيته، حملت عنوان "#برلمان_منتهي_الصلاحية".رفض المجلس الانتقالي الجنوبي علنًا استقبال هذه اللجان في المناطق الخاضعة لنفوذه، مثّل الشرارة الأولى لتصعيد رقمي واسع على منصات التواصل الاجتماعي.وصول الحملة:سجّلت الحملة الرقمية خلال فترة رصدها من 21 حتى 25 يوليو 2025، إجمالي 9,090 منشورًا تم تداولها على منصة "إكس"، بمتوسط يومي بلغ 649 منشورًا. أما على مستوى التفاعل، فقد حققت الحملة 20.6 ألف تفاعل، بمعدل يومي يقدّر بـ 1,470 تفاعلًا، في مؤشر على حشد رقمي مكثف عند انطلاقها. وعلى صعيد الانتشار، وصل مدى الحملة إلى جمهور واسع تجاوز 83.1 مليون حساب، بمتوسط يومي للانتشار بلغ نحو 5.93 مليون، وهو رقم مرتفع بشكل استثنائي بالنظر إلى قصر مدة النشاط، مما يعكس استخدام أدوات أو حسابات ذات تأثير كبير في الترويج للوسم.بعد الإطلاق.. رشقة منشورات مباغتة تكشف عن إعداد مُسبقعند الساعة 4:55 مساءً بتوقيت اليمن، في يوم 21 يوليو 2025، دوّى الوسم #برلمان_منتهي_الصلاحية كقذي فة رقمية مباغتة على منصة "إكس"، معلنًا انطلاق حملة منسّقة تحمل طابعًا سياسيًا شديد التركيز. خلال الدقائق العشر الأولى، تجاوز عدد المنشورات المرتبطة بالوسم حاجز 190 نشرة، في سلوك نادر الحدوث على مستوى الحملات العضوية، كشف منذ اللحظة الأولى عن وجود إعداد مسبق، وتوقيت إطلاق مضبوط بعناية.البيانات التي حللها فريق منصة "مُسند" أظهرت تراجعًا متسلسلًا في معدلات النشر خلال الساعة التالية، انخفضت النشرات إلى 95، ثم 68، وصولًا إلى 37 نشرة لكل عشر دقائق. هذا النمط المتدرج في التراجع ليس عشوائيًا؛ بل يُعد سلوكًا معروفًا في الحملات الرقمية المنظّمة، حيث تُطلق "الدفعة الأولى" من المنشورات بشكل متزامن لتحقيق أعلى قدر من الظهور اللحظي، وإيهام الجمهور بأن الوسم يحظى بتفاعل شعبي واسع.التحليل الزمني هذا يُشير بوضوح إلى وجود "بنك نشرات" أُعد سلفًا، ونُفِّذ بإشراف أو بتوجيه مباشر في لحظة بعينها. ذلك يعزز من فرضية أن الحملة لم تكن رد فعل عفوي، بل عملية رقمية مدروسة تحمل أبعادًا سياسية وأيديولوجية مرتبطة بسياق رفض البرلمان اليمني من قبل أطراف ذات موقف معلن من تحركاته الأخيرة.حسابات مفرطة النشاط.. شبكة تضخيم لا تتحرك عشوائيًالم تكن الحملة مجرّد تفاعل تلقائي من مستخدمين متفرقين، بل أظهرت بيانات التحليل الرقمي نمطًا واضحًا من التضخيم المُمنهج، تمّ عبر مجموعة من الحسابات ذات النشاط الكثيف، والتي تصدّرتها حسابات ذات طابع تنظيمي لافت.في مقدمة هذه الشبكة، برز حساب @almrhale الذي نشر وحده 981 نشرة مرتبطة بالوسم خلال فترة قصيرة، في رقم يُعد استثنائيًا حتى في الحملات الرقمية المنسّقة. هذا الحجم من النشر والتكرار، جعل من الحساب محور بث رقمي يُضخ الرسائل عبره بشكل مكثّف، تتفرّع منها باقي الحسابات نحو جمهور أوسع.إلى جانبه، ظهرت حسابات تحمل أسماءً عشوائية أو رموزًا غير مألوفة، مثل @5SuiOfpKCLg0b4d و@QahrAbw12975، والتي سجلت أيضًا معدلات نشر مرتفعة خلال الفترة الزمنية نفسها. هذا النمط من التسمية والنشاط، غالبًا ما يرتبط بالحسابات غير الأصلية أو الموجّهة برمجيًا ضمن حملات التضليل أو الاستهداف السياسي المنظم.لكن اللافت أكثر، كان دور حساب "أبو أمير" (@abuamir900)، الذي تجاوز مهمة النشر إلى تنظيم المحتوى وتوزيعه، حيث لعب دورًا بارزًا في إطلاق النشرات المركزية وإعادة توجيهها نحو موجات ترويج متزامنة. ويُعد من الحسابات التي ظهرت مرارًا في حملات رقمية مشابهة استهدفت شخصيات ووزارات من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ما يشير إلى نمط مكرر في الاستهداف والتوقيت.التحليل التقاطعي بين محتوى النشرات وتوقيتها كشف عن تشابهات بنيوية في النصوص، وتقارب ملحوظ في وقت النشر، بما يعزز الاستنتاج بأن الحملة لم تكن تلقائية، بل خضعت لإدارة مركزية واضحة تتحكم في سردية الرسائل وإيقاع انتشارها.نسخ ولصق ومنشورات مكررة.. تكتيك التضخيم الوهميلم يقتصر تضخيم الحملة على كثافة النشر فحسب، بل اعتمد بشكل كبير على نمط مكرر من النسخ واللصق، بما يُشير إلى تنسيق مركزي في إدارة المحتوى وتوزيعه. أظهرت بيانات الرصد أن عددًا كبيرًا من المنشورات كانت متطابقة حرفيًا، الأمر الذي يعكس غياب التفاعل الطبيعي، ويؤكد وجود تعليمات مسبقة بإعادة نشر صيغ محددة.فعلى سبيل المثال، تكررت إحدى المنشورات أكثر من 54 مرة بالنص نفسه دون تغيير، كما برزت حسابات مثل @AngerYouth و @Aljanub_alearab ضمن قائمة المستخدمين الذين ساهموا في تكرار المنشورات نفسها أكثر من 30 مرة، في مؤشر واضح على استراتيجية تعتمد على التضخيم الرقمي عبر المحتوى المكرر.هذا النمط من التكرار الممنهج، إلى جانب التوقيتات المتقاربة في النشر، يعزز فرضية أن المشاركين لم يكونوا فاعلين مستقلين، بل جزءًا من شبكة منظمة تلقت توجيهات دقيقة بإعادة نشر مواد محددة، بهدف صناعة وهم التفاعل الشعبي والتأثير على الرأي العام.مشاعر الحملة تُعبّر عن توجه واضحتكشف مراجعة العينة الأعلى تكرارًا من نشرات الحملة أن الخطاب العام للحملة كان سلبيًا بشكل مكثف ولافت، حيث اتّسمت غالبية المنشورات بطابع هجومي مباشر، اتخذ من البرلمان اليمني هدفًا للتقليل والتشكيك.اللافت أن المفردات المستخدمة لم تكن محايدة أو تحذيرية، بل انزاحت نحو سخرية حادة وهجوم رمزي، من خلال عبارات متكررة مثل: "منتهي الصلاحية"، "لا شرعية له"، "معتوه"، "لا يمثل الجنوب"، وهي توصيفات تعكس مستوى مرتفعًا من الاحتقان السياسي والرمزي تجاه البرلمان وممثليه.كما أن محتوى الحملة خلا من أي دعوات إصلاحية أو صيغ نقدية بنّاءة، بل بدا منصبًا على نزع الشرعية بالكامل من المؤسسة البرلمانية، وهو ما يؤكده التحليل المشاعري الذي أظهر أن أكثر من 70% من المحتوى اتخذ نبرة سلبية موجهة.هذا النمط من الخطاب يشي بأن الحملة لم تكن مجرد تعبير عن تذمّر شعبي، بل حملة موجهة تفريغيًا، هدفها ضرب رمزية البرلمان سياسيًا ومعنويًا في سياق صراع القوى داخل اليمن.من يدير الحملة؟ الإمارات مركز التوجيه.. واليمن واجهة التضخيمكشفت البيانات الجغرافية المرتبطة بالحملة عن مشهد معقّد، ظاهره يمني، وباطنه إماراتي. فعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من النشرات بدت وكأنها قادمة من حسابات متمركزة في اليمن، إلا أن تحليل نمط الحسابات يُظهر أنها في معظمها وهمية , تُستخدم كواجهة للتضخيم الرقمي دون أن تكون ذات نشاط حقيقي أو عضويفي المقابل، أظهرت الإمارات بوصفها المركز الفعلي لقيادة وتوجيه الحملة، من خلال حسابات معروفة بنشاطها السياسي الممنهج، والتي سبق أن شاركت في حملات رقمية تستهدف جهات رسمية ضمن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. من أبرز هذه الحسابات، على سبيل المثال، حسابات مثل @abuamir900 و@Defancesouth، والتي لعبت دورًا تنظيميًا مباشرًا في بث المحتوى وتوجيه النسق العام للحملة.كما برزت السعودية كمصدر ثانوي للمحتوى، لكن دون نشاط تنظيمي ظاهر كما في الحالة الإماراتية. اللافت أيضًا، أن دولًا بعيدة وغير مرتبطة بالشأن اليمني – مثل الكاميرون وكوريا الشمالية – ظهرت ضمن قائمة المواقع الجغرافية للحسابات المشاركة، وهو ما يُعد من المؤشرات الكلاسيكية لاستخدام خوادم VPN أو بروكسيات لتضليل أنظمة التتبع، وتوسيع نطاق الانتشار الوهمي.هذا التقاطع الجغرافي بين المصدر الحقيقي (الإمارات) وأدوات التضخيم (الحسابات الوهمية في اليمن)، يقدّم قرينة إضافية على أن الحملة لم تكن تلقائية أو عفوية، بل جاءت ضمن هندسة اتصالية موجهة تستهدف تقويض البرلمان في سياق سياسي إقليمي متشابك.شبكة بث مركزي.. "عقد توزيع" تُدير الحملة من نقطة تحكم واحدةأبرز ما كشفه التحليل الشبكي لحملة #برلمان_منتهي_الصلاحية هو الطبيعة الهرمية والمنظمة لشبكة النشر، والتي بدت أشبه بـ"خطة توزيع مركزي"، تنطلق من حسابات محورية محدودة، وتتفرع نحو العشرات من الحسابات الفرعية التي تعيد النشر دون تعديل أو تعليق.الرسوم البيانية المستخرجة عبر برنامج  Gephi أوضحت تشكُّل "عُقَد مركزية" مثّلت مصدر الإطلاق الأولي للمحتوى، أبرزها الحسابات: @almrhale، @3abersbeel12، و@Defancesouth. هذه الحسابات كانت بمثابة المحاور التي تدفقت منها النشرات، وتلقّت أكبر عدد من عمليات إعادة النشر خلال الساعات الأولى من الحملة.آلية النشر هذه تعتمد على حساب واحد ينشر ثم تعيد عشرات الحسابات – وغالبًا تكون موجهة أو وهمية – إعادة التدوير، تُعد من السمات البارزة للحملات المنسقة رقميًا. وتؤكّد أن الحملة لم تكن مبنية على تفاعل عضوي أو نقاش مجتمعي مفتوح، بل على توزيع منظَّم للمحتوى وفق سلسلة قيادة رقمية تسيطر على إيقاع الخطاب العام.هذه البنية الشبكية، وفق تحليل فريق "مُسند"، تُعد علامة مميزة للحملات المدفوعة أو الموجهة سياسياً، وتكشف عن نية مسبقة في تشكيل رأي عام افتراضي مزيف يضخم أثر الرسالة السياسية للحملة ويمنحها زخمًا اصطناعيًا.الهوية البصرية: صور موحّدة تعكس خطابًا موَجهًالم تكتفِ الحملة بإغراق الفضاء الرقمي بالمحتوى النصي، بل اعتمدت على موجة منظمة من الصور الموَحّدة بصريًا، جرى تداولها بشكل مكثّف ومتزامن ضمن مئات النشرات، ما يشير إلى تحضير مسبق لمكتبة وسائط داعمة، أُعدّت خصيصًا لتعزيز الرسائل الخطابية للحملة.الصور التي تم تحليلها حملت رموزًا وشعارات صريحة ترفض البرلمان اليمني، وأخرى تعبر عن مواقف داعمة للجنوب، وكلها صُمّمت بنمط رمزي متكرر يعتمد على الألوان الداكنة، والخطاب التوجيهي المباشر، ما يؤكّد وجود محاولة لبناء هوية بصرية موحدة لم تكن عفوية، بل بدت وكأنها جزء من استراتيجية اتصالية تهدف لتثبيت رموز ومعانٍ محددة في ذهن الجمهور.يُعد هذا النمط من استخدام الوسائط البصرية إحدى السمات التقليدية للحملات السياسية المنسقة، حيث يُستثمر الجانب البصري في تعزيز الرسائل الأيديولوجية، وخلق حالة من التأثير الجمعي المتماهي مع المشهد، وهو ما حصل في هذه الحملة تحديدًا، التي رافقتها لافتات رقمية جاهزة، أعيد تدويرها بشكل جماعي ومكثّف دون تغيير يُذكر.الخاتمة والاستنتاجاتتُظهر حملة #برلمان_منتهي_الصلاحية ملامح واضحة لحشد رقمي منظم، تم التخطيط له بعناية من حيث التوقيت والمحتوى وتوزيع الأدوار الشبكية. فمنذ لحظة انطلاقها الدقيقة عند الساعة 4:55 مساءً بتوقيت اليمن، اتّسمت الحملة باندفاع مكثّف في الدقائق الأولى، ما يعكس وجود استعداد مسبق وتنسيق مركزي في لحظة الإطلاق.التحليل الشبكي أظهر وجود عُقد مركزية من الحسابات المحورية التي تولّت مهمة النشر المكثف، بينما انخرطت مجموعات أخرى في إعادة النشر بشكل متزامن، مدعومة بمحتوى موحّد يتكرر نصيًا وبصريًا. هذا النمط من التشابه في النصوص والصور وتوقيت النشر يعكس بوضوح إدارة مركزية تقف خلف الحملة.أما على المستوى الجغرافي، فقد بدت اليمن كمنطقة الإطلاق الأساسية، غير أن تحليل نمط الحسابات كشف أن نسبة كبيرة منها تحمل سلوكًا وهميًا، أنشئ لغرض التضخيم الرقمي فقط. وفي المرتبة الثانية مباشرة، برزت الإمارات كمركز رئيسي للمحتوى والتوجيه، ما يعزز من فرضية الدور المحوري لحسابات نشطة في أبوظبي سبق أن أدارت حملات مشابهة ضد جهات في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.كما أظهرت البيانات وجود نشاط من دول بعيدة وغير معتادة في السياق اليمني، مثل الكاميرون وكوريا الشمالية، ما يُشير إلى استخدام أدوات لإخفاء المواقع الحقيقية وتضليل أدوات التتبع.بالمجمل، تُمثل هذه الحملة نموذجًا متكاملًا لحملات التضليل المنسقة، التي تعتمد على التكرار، والتنظيم الزمني، والبث الشبكي الهرمي، بهدف تقويض رمزية المؤسسات، وصناعة انطباع جماهيري زائف عبر أدوات رقمية ممنهجة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية