
قد يستغرب البعض وقاحة السفير الأميركي لدى إسرائيلي مايك هاكابي في تهكمه على حق الفلسطينيين بدولة مستقلة بسؤاله: "هل يجب أن تكون في يهودا والسامرة؟"، مفضلاً تطهيراً عرقياً ضدهم نحو "دولة إسلامية بدل الضغط على تل أبيب". كذلك قد يدهشون من سطحية والنائب الجمهوري الأميركي تيد كروز واستعلائيته، ليس بشأن إيران فحسب، بل بتبرير دعمه للاحتلال بتعاليم دينية، رغم جرائمه المتنافية مع الأديان نفسها ومع القوانين الدولية.
تاريخياً بقي الهدف من منهجية تيار الإنجيليين الصهاينة، بقراءة متطرفة ومحتكرة للدين، بشأن الوقوف مع "أمة إسرائيل"، هو ترسيخ فكرة التعجيل بقدوم المخلص، ولو بترهيب عقول المواطنين في أميركا وبعض أوروبا المنتقدة للاستعمارية الصهيونية واستلابها. ويبدو أن غطرسة القوة تزيد اليوم من تلك التصريحات، ربما عن قصد، في سياق محاولة تسريع "الصدام الديني"، مع الطرف المقابل الذي لا يقل عقائدية، أي المسلمين عموماً. هاكابي، كغيره في معسكر فاشيي الصهيونية الدينية ورهط بنيامين نتنياهو، يعتقد أن دونالد ترامب ونتنياهو مرسلان من "االله" لتنفيذ المهمة، المستندة إلى غطرسة عنف الأبرتهايد والإبادة والتطهير العرقي.
في المنطقة العربية، أقله رسمياً، يجري الاستخفاف بمآلات السياسات المبنية على رؤى ونبوءات تلمودية-توراتية؛ بما فيها اقتحام متزايد برعاية رسمية للأقصى وإقامة "صلوات تلمودية"، في جزء من تحقيق "بناء الهيكل" المزعوم على أنقاضه. فالبطش بأسلحة أميركا في المنطقة، وباستعارات توراتية متزايدة، حتى عند التيار الصهيوني "العلماني"، يقابلها استهداف من بعض الأنظمة لمن يحاولون التصدي ولو لفظياً للتيار الصهيوني والإنجيلي الخلاصي المتصهين. والمشهد المتسامح في الإقليم وعالمياً مع ثقافة الإبادة والحماسة للعنصرية والقتل الجماعي باسم "وعد الرب"، لا يمكن إلا أن يزيد عمق الاحتقانات، التي قد تنفجر مستقبلاً.
كذلك ظلت الحركة الوطنية الفلسطينية تؤكد أن صدامها هو مع المشروع الصهيوني وليس مع اليهود، وإلى حد طرحها حل "الدولة الديمقراطية الواحدة" منذ 1971، بالطبع دون المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين التاريخية. وكذلك واصل الجانب العربي مبادراته السياسية على أساس قانون وقرارات دولية، بشأن إنهاء الاحتلال والدولة الفلسطينية. مقابل ذلك، وغيره، أصر ويصر تيارا الإنجيلية الصهيونية والصهيونية الدينية على جعل الدين نقطة ارتكاز لمزيد من توسيع الاستعمار والمذابح والإبادة. في كل الأحوال، فإن وقع مواصلة وتراكم الاستدعاء المنهجي للتوراتية - التلمودية لن يكون بسيطاً عند مئات ملايين من هم في مقابله، ممن لا يقلون إيماناً وتضحية. هذا إلى جانب ما يختمر مع كل جريمة بحق فلسطين، وغيرها.

أخبار ذات صلة.
