أوروبا تفتح باب التنازلات التجارية لاسترضاء ترامب وتفادي حرب جمركية
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

فتحت أوروبا باب التنازلات التجارية على مضض في محاولة لتفادي حرب جمركية شاملة مع الولايات المتحدة، مع اقتراب المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض رسوم عقابية على واردات الاتحاد الأوروبي. وفيما يسعى القادة الأوروبيون خلال قمة بروكسل، اليوم الخميس، إلى احتواء التصعيد، تتبلور داخل أروقة المفاوضات رؤية "مرنة" قد تفضي إلى اتفاق غير متكافئ يسمح لترامب بإعلان نصر تفاوضي، مقابل إعفاء قطاعات أوروبية حيوية من العقوبات.

ورغم إدراك الأوروبيين أنّ اتفاقاً على قاعدة "صفر رسوم جمركية" لم يعد واقعياً، فإنّ الجهود تنصبّ حالياً على صيغة قابلة للهضم سياسياً، تبقي على بعض الرسوم الرمزية، مع قائمة إعفاءات تشمل الفولاذ والسيارات والصيدلة والطيران، بما يحمي الشركات الأوروبية من أسوأ السيناريوهات. وتوصف هذه الصيغة داخل أروقة المفوضية باتفاق "جبنة الغرويير"، الذي يحتوي على كثير من الثقوب، لكنه يتيح خروجاً تفاوضياً قبل انقضاء مهلة 9 يوليو/ تموز، التي لوّح بعدها ترامب برسوم تلقائية تصل إلى 20% على المنتجات الأوروبية.

وقال المستشار الالماني فريدريش ميرز فور وصوله إلى بروكسل، بحسب ما أوردته وكالة فرانس برس: "أؤيّد المفوضية في كلّ الجهود المبذولة للتوصّل سريعا إلى اتفاق تجاري". ويصرّ ميرز الذي يقود أكبر اقتصاد في أوروبا على تسريع وتيرة العمل، حتّى لو اقتضى الأمر قبول اتفاق غير متكافئ يضطر بموجبه الأوروبيون لتحمّل بعض الرسوم الجمركية من دون مقابل من جانبهم. وكان ميرز قد انتقد الاثنين نهج المفوضية الأوروبية للتفاوض "المعقّد جدّا" في رأيه، وطلب منها التركيز على أربعة أو خمسة مجالات أساسية. ومن المرتقب التطرّق إلى هذه المسألة مساء خلال مأدبة عشاء لرؤساء الدول والحكومات ستشكّل مناسبة لرئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين التي تدير المفاوضات مع واشنطن لعرض الخطوط الحمر.

وأكد رئيس الوزراء البلجيكي بارت دو ويفر من جهته: "لا ننجر للاستفزاز ونحافظ على الهدوء"، داعياً إلى تفادي حرب تجارية مع الولايات المتحدة. وقال: "نفاوض على أمل التوصّل إلى اتفاق"، لكن "إذا لم يكن الحال كذلك، فسنعتمد بدون شكّ تدابير مضادة". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صعّد النبرة، أمس الأربعاء، في ختام قمّة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي أقرّ خلالها الأوروبيون زيادة في نفقاتهم الدفاعية بنسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي، تلبية لرغبة الرئيس الأميركي. وقال: "لا يمكننا أن نقول بين الحلفاء إنه لا بدّ من مزيد من الإنفاق" في مجال الدفاع "ونشنّ في المقابل حرباً تجارية في كنف حلف الناتو. هذا هراء". وتكثّفت المباحثات مع واشنطن في الأسابيع الأخيرة.

والخميس، قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي تعود تبني مواقف استفزازية: "المشكلة أن لدينا من الجانب الأميركي مفاوضاً لا مثيل له، فيما الاتحاد الأوروبي لديه زعماء قليلو الاقتدار". ويسود الانقسام التكتّل الأوروبي بدوله السبع والعشرين مختلفة المواقف. ويجاهر رئيس الوزراء المجري بقربه من ترامب الذي تربطه علاقة وطيدة أيضاً برئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني. ومطلع مايو/ أيار، هدّد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على واردات أميركية تبلغ قيمتها 95 مليار يورو، من بينها سيّارات وطائرات، في حال فشلت المفاوضات التجارية مع ترامب. لكنّه خفف لاحقا من حدّة وعيده.

وتنتهز الولايات المتحدة هذه المفاوضات التجارية أيضاً للسعي إلى الاستحصال على تنازلات في ما يخصّ اللوائح التنظيمة الأوروبية، لا سيّما في المجال الرقمي، إذ تعتبر واشنطن أنها تستهدف خصوصاً عمالقة التكنولوجيا الأميركيين، من قبيل "آبل" و"غوغل" و"ميتا". وتسعى الإدارة الأميركية إلى تليين إجراءات تنفيذ التشريعات التي ترمي إلى الحدّ من حالات استغلال السلطة من عمالقة التكنولوجيا في ما يتعلّق بالمنافسة والمحتويات الإلكترونية والذكاء الاصطناعي على سبيل المثال. وأعرب الأوروبيون عن استعدادهم لمناقشة معايير مشتركة مع الأميركيين، لكن النصوص التشريعية التي أتت ثمرة نقاش ديمقراطي تبقى خطّا أحمر بالنسبة إليهم. وأكّدت فون ديرلاين الاثنين أنّ "مسار اتّخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي" مسألة "لا يمكن المساس بها البتة".

(فرانس برس، العربي الجديد)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية