طلاب مخيمات إدلب... كفاح الدراسة وتقديم الامتحانات
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

بدأ طلاب مخيمات إدلب السورية، على غرار طلاب باقي محافظات سورية، امتحانات شهادتي التعليم الأساسي العام والشرعي والثانوية المهنية، وهم يواجهون صعوبات كبيرة.

في ظل شجرة زيتون قريبة من الخيمة التي تقيم فيها عائلته، جلس عبد الرزاق المصطفى ممسكاً كتاب التربية الإسلامية كي يتحضر للامتحان بعد يوم شاق من تقديمه اختبار مادة العلوم العامة في بلدة كلي بريف إدلب الشمالي، وهو يفضل الدراسة خارج الخيمة، ويسير على طرقات ترابية خطّتها أقدام نازحي مخيم جبالا الذي ينتمي إليه، بينما يراجع النصوص في الكتاب للتأكد من أنه حفظها بشكل جيد.

وتحدث عبد الرزاق لـ"العربي الجديد" عن حاله وحال باقي طلاب الصف التاسع في المخيم، وقال: "خرجت من منطقتي عندما كان عمري عشر سنوات. درست قليلاً هناك، ثم أتيت إلى المخيمات، وتابعت في ظل ظروف صعبة دراستي في الصفوف الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع". تابع: "حاول والدي أن يساعدنا جميعاً، وكان يعطينا مصروفاً بسيطاً أثناء الدراسة، لكنني ذهبت للعمل، وأخي كان قد قطعت أصابعه في ماكينة فرم، فقررت أن أساعده، وأخذت مكانه لبعض الوقت في العمل، كي يحصل على راحة".

وبينما حل عبد الرزاق محل شقيقه في العمل، أتيحت لشقيقه فرصة أن يدرس منهج الصف التاسع، إذ يعتبر أن هذه التضحية واجب تجاه شقيقه، وقال: "نجح  شقيقي وانتقل إلى الصف العاشر، وأنا لحقت به بعد ذلك. أتمنى أن أنجح خصوصاً أن الدراسة صعبة جداً في المخيمات، ليس فقط بالنسبة لي، بل لطلاب كثيرين يعيشون في خيام وسط البرد الشديد في الشتاء، والحرّ لا يُطاق في الصيف، وجميعنا لا نستطيع التركيز على الدراسة في هذه الظروف".

وأكد عبد الرزاق أنه يحلم بمستقبل جيد، وأن يتابع دراسته ويحصل على الشهادة الثانوية ويلتحق بالجامعة، لكنه يرى أن مستقبله غامض، و"الشيء الذي لا أحبه أننا تهجّرنا من قريتنا حيث كانت الدراسة ممكنة. هنا أحاول أن أتعلم داخل الخيام أو الكرافانات، لكن التقدم في الدراسة بطيء جداً. في الصف الخامس، كنت أخذ مادتي اللغة الإنكليزية والدين، ولم أستطع إنهاء المنهج، وفي المخيم، أنشأت بعض الجمعيات الخيرية مدارس، وتابعت المواد كي أقدم امتحانات التعليم الأساسي".

وعن سبب مساعدته لأخيه، قال: "أحببت أن أساعده لأن أصابعه مبتورة، ولن يستطيع أن يمارس مهنة يدوية في المستقبل. أريد أن ينجح في التعليم، وأن يحصل على الشهادة الثانوية ثم يدرس في الجامعة ويجد وظيفة جيدة لا تحتاج إلى جهد جسدي كبير. لا أريده أن يتعب في أعمال مثل حمل الحجارة أو الطوب التي لا يقدر عليها".

 

وبالانتقال إلى محمد الإبراهيم الذي يفضل الدراسة داخل الخيمة، الذي قال لـ"العربي الجديد": "رغم الظروف الصعبة ووجودي في خيمة متواضعة لا توفر مساحة خاصة له، أضع الكتب التي لا أستخدمها في كيس بلاستيكي كي أحتفظ بها: "أحب المدرسة كثيراً لكنني واجهت صعوبات في بعض المواد، مثل الفيزياء والكيمياء والعلوم، واحتجت إلى دروس خاصة فيها، لكن عائلتي لم تملك القدرة المادية لتأمينها فحصل تقصير". تابع: "لو أن وضعنا المعيشي أفضل لكانت لدي غرفة خاصة وأخرى أضع فيها كتبي وأقلامي ودفاتري. كنت سأدرس بهدوء في غرفة لها جدران جيدة للقراءة وإضاءة مناسبة ومنظر مريح، وليست باردة في الشتاء أو حارة جداً في الصيف، لكن ليس لدينا إلا هذه الخيمة حيث لا أستطيع التركيز أو القراءة، وعندما أحاول الدراسة يأتي أحد الأطفال فيزعجني، فأنسى كل ما قرأته".

وتحدث أيضاً عن أن "أكثر ما أحلم به هو أن أعود إلى قريتي، وأن تكون لدي غرفة خاصة أغلق بابها وأجلس فيها لأقرأ ساعة وأنا مرتاح، لا يقاطعني أحد، أما هنا، فالوضع مأساوي، لا يمكن أن أدرس كما ينبغي، لو كانت لدي غرفة لها باب لكنت أغلقتها وجلست كي أدرس على راحتي، وأتجنب أي ازعاج، علماً أنني أعيش مع ستة أشخاص في الخيمة، ويساعدنا أخي الكبير في المصاريف، ولولاه لما استطعنا العيش، فهو من يتحمل المسؤولية. وعموماً يضطر طلاب المخيم إلى قطع مسافة نحو ثلاثة كيلومترات للوصول إلى مركز الامتحانات، ونحصل غالباً على توصيلة باستخدام دراجة نارية، وقد تتاح لنا فرصة العودة بالطريقة نفسها".

وتقدم لامتحانات شهادتي التعليم الأساسي العام والشرعي والثانوية المهنية أكثر من 398 ألف طالب وطالبة توزعوا على 2216 مركزاً للامتحانات على مستوى سورية في أول أيام دورة الامتحانات الحاسمة. وتزامن انطلاق الامتحانات مع قطع خدمات الاتصالات والإنترنت في مناطق قريبة من المراكز الامتحانية لضمان نزاهة الامتحانات ومنع محاولات الغش، بحسب ما أعلنت وزارة الاتصالات، في حين ستبقى خدمات الاتصال الأرضية مفعلة. وتستمر امتحانات التعليم الأساسي والثانوي المهنية حتى 9 يوليو/ تموز، في حين تبدأ امتحانات الشهادة الثانوية في 12 يوليو، وتنتهي في الـ31 من الشهر نفسه للفرع الأدبي، وفي 3 آب/ أغسطس للفرع العلمي، وفي الرابع من الشهر نفسه للفرع الشرعي.
 

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية