ملفات "منتدى قطع الرؤوس" الإسرائيلي لاغتيال علماء النووي الإيرانيين
عربي
منذ ساعتين
مشاركة

انضم عالم إيراني آخر، اليوم الجمعة، إلى قائمة الاغتيالات الإسرائيلية التي تستهدف العلماء الإيرانيين بزعم ارتباطهم بالملف النووي الإيراني، ليرتفع العدد إلى عشرة على الأقل، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على إيران الأسبوع الماضي. وفي حين تحدّثت وسائل إعلام عبرية أن الاغتيال نُفّذ بواسطة مُسيرّة استهدفت شقة في وسط العاصمة طهران، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الجمعة، تفاصيل حول "منتدى قطع الرؤوس" الإسرائيلي، المتخصص برصد ومراقبة العلماء الإيرانيين، ومنحهم درجات يُحدد من خلالها أولويات وطرق اغتيالهم، وحدد ذلك للضربة الإسرائيلية الافتتاحية لإيران، والتي أسفرت عن اغتيال قيادات هيئة الأركان وعدد من العلماء، الذين رأت إسرائيل بأن اغتيالهم "يساهم في عرقلة الملف النووي، ومن الصعب على إيران تعويضهم".

ملفات منتدى قطع الرؤوس

أُطلق اسم "منتدى قطع الرؤوس"، وهو اسم غير رسمي، في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي على مجموعة ضمت نحو 20 ضابطاً، اجتمعوا في سلسلة مناقشات بدأت في نهاية عام 2024، وراجعوا خلالها ملفات جميع العلماء المشاركين في مشروع إيران النووي. لكن العمل بدأ فعلياً قبل ذلك بعامين، في نهاية عام 2022، تحت الاسم الرمزي "نارنيا"، حيث بدأوا في إعداد القائمة، وتحديد أساليب "قطع الرأس العلمي" لمشروع النووي الإيراني، بحسب الصحيفة.

جرى وضع أكثر من 100 اسم لعلماء نوويين إيرانيين على طاولة غرفة مغلقة في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، حيث كان على الضباط أن يقرروا من هم الأهم من بينهم. وكشف رئيس فرع الملف النووي الإيراني في قسم الأبحاث في "أمان"، والذي أطلقت عليه الصحيفة الاسم المستعار "يوتام"، إلى جانب ضباط آخرين، عن المعايير التي استخدموها لتصنيف العلماء، من خلال أربع درجات.

أشرف "يوتام" على أجزاء كبيرة من المواد التي جمعتها جميع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عن العلماء الإيرانيين، ومن بينهم العالم النووي فريدون عباسي دواني، الرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والذي اغتالته في 13 يونيو/ حزيران 2025 في غارة إسرائيلية استهدفت العاصمة طهران، بعد أن فشلت محاولة اغتياله قبل نحو 15 عاماً. يقول "يوتام" إن "المعرفة هي أهم عنصر في تجميع قنبلة نووية. وقد اخترنا أولئك الذين سيُسبب إبعادهم عن اللعبة أكبر ضرر لمنع الإيرانيين من الحصول على واحدة كهذه"، زاعماً "كنا نعلم أن هناك ثمناً سيدفعه المدنيون، سواء من جانبنا أو من الجانب الآخر، لذلك حرصنا على اختيار الأكثر أهمية فقط".

ركز "يوتام" وزملاؤه على العلماء الإيرانيين المنتمين إلى "مجموعة السلاح"، كما أطلق عليها المنتدى الإسرائيلي، والتي تُشكل "الجانب الخفي والعسكري وغير القانوني من المشروع النووي الإيراني"، في إشارة إلى العلماء القادرين على تطوير قنبلة نووية. يقول "يوتام" إنهم حددوا أولويات الاغتيال، وفق معادلة "أهم العلماء، بناءً على مساهمتهم الفعلية، بحيث إن بدونهم من الصعب على إيران تطوير أسلحة نووية".

وأضاف "يوتام" وفريقه إلى أرشيف النووي الإيراني الذي لدى إسرائيل، والذي كان مُحدّثاً حتى عام 2003، المواد التي جمعوها، عن مئات العلماء النوويين الإيرانيين: "أعددنا ملفًا عن كل واحد منهم، وسألنا أنفسنا إن كان عالم سيُؤخّر اغتياله القدرات الإيرانية ويُعطّلها. وهكذا، ومن بين قائمة تضم أكثر من 100 مرشح (للاغتيال)، وصلنا إلى المراحل النهائية". وكان واضحاً للمنتدى أن جميع "الأهداف" المدرجة في القائمة التي أعدها، أو على الأقل معظمها، يجب ضربها في المرحلة الأولى من الهجوم، في ظل "ظروف مفاجأة"، لكي لا يتمكن الآخرون من الاختباء، علماً أن إسرائيل تراقب منذ سنوات هؤلاء العلماء، لـ"فهم ما يفعلونه، ولاعتبارات عملياتية".

تشير مصادر الصحيفة إلى أن الدافع لسلسلة الاغتيالات هذه ظهر لدى كبار المسؤولين في الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، ولدى الموساد، وهيئات أخرى في المؤسسة الأمنية، "بعد الهزيمة التي ألحقها الجيش الإسرائيلي بحزب الله (في لبنان)، والتي أعقبها الهجوم على إيران وتدمير نظام دفاعاتها الجوية في أكتوبر (تشرين الأول)، ثم في ديسمبر (كانون الأول) انهيار نظام (بشار) الأسد"، وما أعقبه تدمير إسرائيل منظومة الدفاعات الجوية السورية تجنباً لوقوعها بيد النظام الجديد. دفعت سلسلة الأحداث العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين للاعتقاد بأن ثمة فرصة سانحة لمهاجمة إيران، بحيث سيصعّب عليها الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم، وكذلك تنسيق ردّ متعدد الجبهات من شأنه أن يضرّ بإسرائيل.

يقول "يوتام" في هذا السياق: "في هذه المرحلة، بدأنا نستعدّ لهذا الحدث. كنا نبحث عن علماء ذوي معرفة واسعة في مجال الأسلحة النووية. كلما كانت معرفة الشخص فريدة أكثر، زادت صعوبة استبداله، وهذا سيتسبب في تأخير أكبر (للمشروع). وهكذا حصل الأشخاص (العلماء) على درجات أعلى". بذلك، اجتمع "منتدى قطع الرؤوس"، الذي كان يقرر مصير العلماء على بُعد آلاف الأميال، وقرر من سيُصنّف في المستوى الأول الأعلى، ومن سيُصنّف في المستويات الثاني حتى الرابع. وقُدّمت توصيات المنتدى إلى لجنةٍ تضم ثلاثة مسؤولين كبارا من قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية كانت تتخذ قراراتها بالإجماع، ومنها رُفعت أسماء العلماء الذين جرى تحديدهم للقيادة العسكرية العليا، ومن ثم إلى القيادة السياسية.

ومن بين حوالي 100 اسم، وُضع 10 علماء كأهداف في الموجة الأولى من الغارات الجوية على طهران الخميس الماضي. من بينهم، صُنِّف أربعة علماء فقط ضمن الفئة الأولى للمشروع النووي، كان أحدهم فريدون عباسي، إلى جانب العالم أكبر متلي زاده، وسعيد برجي، ومنصور عسكري.

عمليات اغتيال سابقة

يعود تقرير الصحيفة العبرية إلى اغتيالات سابقة "غيّرت" شكل "مجموعة السلاح" النووي الإيراني بقيادة محسن فخري زاده. وأوضح التقرير أن هذا بدأ "عندما جرى استهداف أعضاء المجموعة بوحدات سرية من قتلة تم تجنيدهم في إيران وتدريبهم ليصبحوا عملاء سريين فتّاكين. طريقة عمل القتلة كانت على النحو التالي: كان سائق دراجة نارية يتعقّب سيارة أحد العلماء في شوارع طهران، ثم يُشهر مسدساً ويطلق النار، أو يثبّت عبوة ناسفة صغيرة على باب السائق أسفل النافذة، ويبتعد عن المكان، ثم يضغط على زر التفجير".

في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، وقعت عملية اغتيال مزدوجة في قلب طهران. وكتبت الصحيفة في وصفهما: "دراجتان ناريتان، على كل منهما راكبان، لاحقتا سيارتي شخصيتين بارزتين في مشروع إيران النووي. أحدهما كان العالم مجيد شهرياري، الذي كان يقود سيارة بيجو 206 في طريقه إلى مكتبه القريب من مكتب فخري زاده، حين قام أحد راكبي الدراجات بتثبيت عبوة ناسفة صغيرة على باب السيارة، كانت محشوة بكريات معدنية. ابتعدت الدراجة، ثم سُمع انفجار هائل. وجّهت العبوة شظايا الانفجار والكريات المعدنية إلى داخل السيارة، ولم يكن لدى شهرياري أي فرصة للنجاة، وقُتل على الفور".

أما الهدف الثاني في حينه، فكان عباسي، نائب رئيس "مجموعة السلاح"، فخري زاده. بدا أن المنفذين حاولوا الوصول إلى الهدفين في توقيت متزامن، حتى لا يُنذر الانفجار الأول الآخرين، لكن المحاولة فشلت وسُجل فارق زمني من عدة دقائق بين العمليتين. وقبل نحو أسبوع، قُتل عباسي في الهجوم الإسرائيلي.

قبل اغتياله، عملت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) على سد الفجوات المطلوبة لتنفيذ المهمة. وفي نهاية عام 2022، جرى تعزيز الوحدات البحثية التي تتابع الملف الإيراني، وبالتوازي بدأت سلسلة من العمليات، التي تقول أوساط إسرائيلية إنها ساعدت في الحصول على فهم أعمق لما يجري داخل مشروع إيران النووي وأجزاء أخرى من منظومتها الأمنية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري رفيع من خارج شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) قوله إن "لهذه العمليات، وللبحث الذي جرى منذ ذلك الحين وحتى اليوم، دور هائل في النجاح، على الأقل من الناحية العسكرية، وفي تحقيق أهداف الضربة الافتتاحية وما تلاها. ناهيك عن الرعب الشديد الذي بثّته في القيادة الإيرانية، حيث فرّ قادتها إلى منازل ومخابئ، وارتكبوا في الطريق كل الأخطاء الممكنة".

وفي الضربة الافتتاحية، نُفذت عملية اغتيال مزدوجة: أولاً رؤوس البرنامج النووي، وثانياً كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين. ووفق التقرير العبري، عمل فريقان منفصلان في سرية تامة، لدرجة أن عدداً كبيراً من وزراء الحكومة الإسرائيلية، وحتى معظم هيئة الأركان العامة، لم يكونوا على علم بوجودهما.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية