الإخلاء الفوري عملية معقدة بالمدن المكتظة... خسائر جسيمة
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

تتصاعد حدة التهديدات والتصريحات المقلقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، وصولاً إلى حد دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 17 يونيو/حزيران الجاري إلى "إخلاء طهران فوراً"، الأمر الذي فاقم الإرباك والذعر، وسط مخاوف من مخاطر حصول تسرب إشعاعي، والتداعيات الكارثية على شعوب المنطقة.
وتتوالى التهديدات الإسرائيلية التي تدعو إلى إخلاء مناطق ومدن في إيران، ما يثير التساؤلات حول الأطر والآليات المعتمدة في تنفيذ عمليات إجلاء آمنة لأعداد هائلة من السكان في مدن شديدة الاكتظاظ. فالعاصمة طهران يتجاوز عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، وتتركز فيها معظم المقرات الإدارية والسياسية، كما تضم منشآت عسكرية واقتصادية ضخمة. 
وتُعدّ الكوارث الطبيعية إحدى المخاطر الكبرى على المدن المكتظة بالسكان، إذ تكون لديها مستويات عالية من قابلية التضرر. ويشرح مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، أن خطط الإخلاء تشير إلى الترتيبات الموضوعة مسبقاً لتمكين نقل الناس والممتلكات مؤقتاً إلى أماكن أكثر أمناً، قبل أو أثناء أو بعد وقوع حدث خطير من أجل حمايتهم. 
ويرى الأستاذ المساعد في الجامعة اللبنانية، حبيب إبراهيم صادق، أن عمليات الإجلاء وتأمين المأوى المؤقت للهاربين من الكوارث الطبيعية أو الحروب مسألة معقدة". ويقول لـ"العربي الجديد": "لا توجد حلول كاملة، لأن الأخطار متدرجة، خاصة في الحروب والصراعات، واستعمال أسلحة دمار شامل، إن كانت نووية أو كيميائية، يطرح إشكاليات عديدة".
يضيف صادق: "كانت الحروب سابقاً تتراكم بالتدرج، إذ كان يُجلى سكان المناطق المعرضة للخطر بناء على خطط مسبقة لإيواء الأشخاص في أماكن ومبانٍ عامة ومدارس وملاعب، وهي تجربة عالمية شهدتها دول عديدة، مثل الولايات المتحدة واليابان، وخلال الكوارث الطبيعية تختلف المسألة بين دولة وأخرى، لا سيما في الدول التي تمتلك خططاً مسبقة لعمليات الإجلاء، إن لناحية تأمين الحماية والنقل أو توفير المأوى والرعاية الصحية والغذاء ومقومات الحياة الأساسية".
يتابع: "في الحروب الراهنة، سواء في التجربة اللبنانية أو الفلسطينية، أو مؤخراً في إيران، نلحظ أن الحرب تحصل بشكل مفاجئ، وهذه الدول لا تمتلك برامج لنقل السكان من أماكن الخطر، أو حتى تأمين المقومات الأساسية لهم. أثبتت التجارب وجود مشاكل وثغرات، خصوصاً أن نوعية الأسلحة المستخدمة لا تنفع معها الملاجئ، فعندما ينهار المبنى تنتفي فائدة الملجأ، بل يصبح مثل القبر للهاربين إليه".

ويؤكد صادق: "في حالة طهران، لا يمكن إجلاء نحو 10 ملايين فرد دفعة واحدة، وهناك استحالة لتأمين أماكن بديلة، لأن الحرب تطاول كل المدن. يبقى سؤال مدى القدرة على إجلاء هذا العدد الهائل من الأشخاص، إنها عملية مستحيلة. خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي والغرب، جهّزت الدول قسماً من مدنها بمجموعة من التدابير، من بينها ملاجئ نووية ضمن شبكة مرتبطة بعضها تحت الأرض، تشكل تقريباً ثلث المدينة في بعض التجارب، إضافة إلى تأمين الوصول إلى مخزون من الطعام يكفي لسنة أو سنتين في حال حدوث حرب نووية. لكن هذه التدابير اختفت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي".
ويشدد: "نعيش حالياً حروباً تستخدم فيها وسائل دمار متطورة تمتلك قدرات هائلة على التدمير، علماً أن كل سلاح يسعى إلى قتل الإنسان هو محرّم دوليّاً. عملية الإجلاء أو الإخلاء تبقى منقوصة في كل التجارب، ولا نشهد سوى محاولات لتخفيف نسبة الخطر أو الخسائر، علماً أن الخسائر ستحصل في المدن المكتظة، إذ لا تستطيع أي دولة الإجلاء بكبسة زر، إنما تحدث العملية بشكل متدرّج من خلال تأمين بدائل للإيواء، كما حصل في الحرب السورية، حيث أقيمت مخيمات، ولولا مساعدات المنظمات الدولية، لوقعت مشكلة كبيرة، ولبقي هؤلاء الأشخاص في العراء، خصوصاً عندما تكون الدولة في عداد الدول التي تعاني من صعوبات اقتصادية".

ويتابع صادق: "تدفعنا التوجيهات المعمارية نحو القول إن الحل الوحيد يكمن في ذهاب المدنيين إلى الأماكن المفتوحة، وإقامة خيام أو بيوت جاهزة تؤمن الحد الأدنى من الرعاية الصحية والمأوى والغذاء والمياه، هذا طبعاً في حال امتلاك الدول ميزانيات كافية، أو من خلال مساعدات إقليمية أو دولية، ويفترض أن تكون هذه الأماكن المفتوحة تحت الحماية الدولية حتى لا يجرى مهاجمتها. لكن التجربة الفلسطينية أثبتت العكس، إذ هُجّر مئات الآلاف من أهالي غزة من الشمال إلى الوسط والجنوب، والعكس، وجرى قصفهم في المخيمات المفترض أن تكون محمية".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية