
في ظل تصاعد المواجهة الإقليمية واتساع رقعة العمليات العسكرية، أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أنها تستنفد جميع الاحتياطيات والإمكانات المالية المتاحة قبل اتخاذ خطوة إعادة فتح الموازنة العامة، في محاولة لتمويل الحملة العسكرية الجارية ضد إيران. فقد عرضت الوزارة، يوم أمس، أمام لجنة المالية في الكنيست، طلبًا لتحويل 3 مليارات شيكل (نحو 800 مليون دولار) من الأموال المخصصة للنفقات الدفاعية غير المتوقعة إلى وزارة الأمن. كما طالبت بزيادة إضافية قدرها 700 مليون شيكل، سيتم اقتطاعها من موازنات مختلف الوزارات، وعلى رأسها الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
ووفق ما أفادت به صحيفة "غلوبس" الاقتصادية، فإن الجزء الأكبر من هذه التحويلات سيُخصّص لتغطية نفقات القوى البشرية في الجيش، التي ارتفعت بشكل كبير حتى قبل بدء العملية الإيرانية، خاصة بعد تعبئة غير مسبوقة شملت نحو 450 ألف جندي احتياط، على خلفية اتساع المعارك في قطاع غزة وتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية. وكانت الحكومة قد خصّصت في وقت سابق 10 مليارات شيكل احتياطيا دفاعيا، لكن معظم هذا المبلغ استُهلك خلال الأشهر الماضية لسدّ فجوات مالية في موازنة الحرب المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط أزمة اقتصادية خانقة وتراجع حاد في النشاط الاقتصادي.
ورغم التحويلات المقترحة، تُجمع التقديرات على أن مبلغ 3.7 مليارات شيكل لن يكفي لتغطية نفقات الحرب. وتفيد مصادر غير رسمية بأن العملية العسكرية ضد إيران قد تصل تكلفتها إلى مليار شيكل يوميًا (نحو 265 مليون دولار)، بينما كانت المؤسسة الدفاعية قد تجاوزت موازنتها الأصلية بنحو 20 مليار شيكل حتى قبل التصعيد الأخير. وتستعد وزارة المالية لإطلاق مسار تشريعي معقد لإعادة فتح الموازنة ورفع سقف الإنفاق، وهو مسار يتطلب عقد جلسات حكومية مطولة للتفاهم مع أحزاب الائتلاف، ثم تمرير التعديلات في ثلاث قراءات داخل الكنيست، وسط تحديات كبيرة في لجنة المالية.
ضغوط اقتصادية متزايدة
تأتي هذه التحركات المالية في وقت تشير البيانات الرسمية إلى انكماش اقتصادي في الربع الأول من عام 2025، بسبب تعطل قطاعات الإنتاج، خصوصًا في المناطق الحدودية، وتراجع الاستهلاك المحلي، مع تزايد الإنفاق الدفاعي على حساب الخدمات العامة. وقد حذر مراقبون من أن إعادة فتح الموازنة قد تفجر صراعات داخل الائتلاف الحاكم، خاصة بين وزارات الخدمات المدنية ووزارة الدفاع. ووفق تصريحات أدلى بها وزير المالية الإسرائيلي، يوم أمس، فقد بلغ عجز الموازنة 134 مليار شيكل (نحو 36 مليار دولار)، لافتًا إلى أن كل الأموال التي حصلنا عليها من الولايات المتحدة أُنفقت خلال أيام قليلة فقط منذ بدء الحرب مع إيران.
تكاليف حرب لا تُحتمل
وبحسب تقديرات نشرها موقع "فايننشال إكسبرس"، فقد أنفقت إسرائيل نحو 5 مليارات دولار خلال الأسبوع الأول من الحرب، بمعدل يومي بلغ 725 مليون دولار. وشملت العمليات الهجومية وحدها إنفاقًا يقدر بـ593 مليون دولار يوميًا، في وقت بلغت تكاليف الإجراءات الدفاعية، مثل اعتراض الصواريخ ونشر الاحتياط، نحو 132 مليون دولار إضافية يوميًا.
وفي تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، قُدّرت نفقات إسرائيل خلال أول 48 ساعة من الهجمات ضد إيران بنحو 5.5 مليارات شيكل (1.45 مليار دولار). وأكّد هذا الرقم العميد المتقاعد رام أميناح، المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي صرّح في إبريل/نيسان الماضي بأن الدفاع عن إسرائيل ليوم واحد ضد الهجمات الإيرانية قد يكلّف ما بين 4 و5 مليارات شيكل.
الإنفاق الدفاعي يبتلع الاقتصاد
وقد ارتفعت ميزانية الدفاع الإسرائيلية من 60 مليار شيكل في عام 2023 إلى 99 مليار شيكل في 2024، مع توقعات ببلوغها 118 مليار شيكل (نحو 31 مليار دولار) في عام 2025. وبهذا تكون نسبة الإنفاق العسكري قد اقتربت من 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة لا تتخطاها سوى أوكرانيا، التي تخوض حربًا شاملة ضد روسيا منذ عام 2022. ويحذّر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذا النسق التصاعدي في النفقات الدفاعية، في ظل تراجع النمو وازدياد العجز، قد يضع الاقتصاد الإسرائيلي على حافة الانهيار، إذا ما طال أمد الحرب مع إيران أو توسعت جبهاتها.

أخبار ذات صلة.
