قلق في قطر جراء استهداف حقول الطاقة الإيرانية
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

تشهد قطر ومنطقة الخليج عموماً، حالة من الترقب الحذر في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، خاصة مع استهداف منشآت الطاقة الإيرانية، وتحديداً حقل "بارس" الجنوبي للغاز، وهو الجزء الإيراني لحقل الشمال القطري أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.
ونددت الدوحة رسمياً باستهداف الطيران الإسرائيلي هذا الحقل، وأكدت أن إمدادات الغاز من جانبها لا تزال تتدفق بشكل طبيعي، مع استقرار إنتاج الغاز في حقل الشمال المشترك.

واستنكر مستشار رئيس مجلس الوزراء المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الثلاثاء الماضي، "الاستهداف غير المحسوب للمنشآت النووية ولمنشآت الطاقة في المنطقة"، موضحاً أنه "سيكون لهذه الخطوة غير المحسوبة تبعات وتأثيرات كبيرة جداً على أسواق الطاقة العالمية والأمن الإقليمي بشكل عام، وخاصة ما يتعلق بمياه الخليج التي نعتمد عليها ليس كونها مصدراً للمياه فقط في المنطقة، بل لكونها مصدراً للطاقة العالمية".

ورغم استمرار الإمدادات، عبّرت الدوحة عن قلقها من أن أي تصعيد إضافي أو استهداف جديد قد يهدد أمن الطاقة العالمي، خاصة أن قرابة 25% من صادرات الغاز و30% من صادرات النفط العالمية تمر عبر الخليج ومضيق هرمز، ما يجعل المنطقة مركزاً حساساً لأي اضطرابات.

واعتبر خبراء ومحللون أي تعطيل لإمدادات الطاقة أو إغلاق لمضيق هرمز سيؤدي إلى عجز حاد في السوق العالمية للنفط والغاز، مع توقعات بارتفاع الأسعار إلى ما فوق 100 دولار للبرميل، ما يضغط على الاقتصاد العالمي ويهدد بحدوث ركود، مع تضرر خاص للدول المصدرة عبر الخليج مثل قطر، إذ ستتحمل هذه الدول أعباء مالية إضافية سواء عبر ارتفاع تكاليف التأمين والشحن أو تقلبات أسعار الطاقة العالمية، ما ينعكس على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.

حقل الشمال المشترك

يقول الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة قطر، جلال قناص، في حديث مع "العربي الجديد" إن المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران، نقلت التوترات المزمنة من مرحلة "الحرب بالوكالة" إلى صدام عسكري علني، يهدد بنسف التوازن الهش في منطقة الشرق الأوسط، وقلب خريطة إمدادات الطاقة العالمية.
وأشار إلى أن المخاوف تتصاعد في العواصم الخليجية، خصوصاً في الدوحة، من أن تتحول هذه الحرب إلى تهديد حقيقي لأمن الطاقة، وسلاسل التوريد، واستقرار الاستثمارات في واحدة من أهم المناطق الاقتصادية في العالم.
ولفت إلى أن أحد أخطر جوانب التصعيد تمثّل في التهديد الإسرائيلي للجانب الإيراني من حقل الشمال المشترك، ورغم أن التهديد اقتصر على الجزء الإيراني، إلا أن أي تطور ميداني أو استهداف عسكري قد يطاول البنية التحتية المشتركة، سيخلق بيئة غير مستقرة تعيق عمليات التوسعة وحتى الإنتاج في الجانب القطري.
وبالرغم من هذا الخطر، يرى قناص أن قطر قد تجني أرباحاً قصيرة الأجل نتيجة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، إذ تبحث أوروبا وآسيا عن بدائل آمنة للطاقة بعيداً عن أي تهديدات في مضيق هرمز أو منشآت إيرانية، وهذا قد يعزز موقع الدوحة مورّداً رئيسياً وموثوقاً للطاقة على المدى القريب.
أما على المستوى الخليجي الأوسع، فيرى أستاذ الاقتصاد أن "سلاسل التوريد النفطية والغازية تشكل أبرز نقاط الهشاشة في ظل أي تصعيد عسكري، فمن المعروف أن أكثر من 30% من النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز، الذي هددت طهران مجدداً بإغلاقه في حال تعرضها لهجوم. وإذا قررت إسرائيل استهداف منشآت أو ناقلات إيرانية في الخليج، فقد يؤدي ذلك إلى شلل مؤقت في التجارة العالمية للطاقة".

وأوضح أن هذا السيناريو سيرفع تكاليف النقل والتأمين البحري على جميع دول الخليج، بما فيها قطر، ويزيد من المخاطر الاستثمارية في المنطقة، كما أن شركات الشحن العالمية قد تصنف الخليج "منطقة حرب"، ما يرفع كلفة التشغيل ويُضعف تنافسية الاقتصاد غير النفطي.

تأثر بورصة الدوحة

بعيداً عن الغاز والطاقة، تأثر السوق المالي بالحرب الإسرائيلية على إيران، وانعكس ذلك على ثقة المستثمرين. وشهدت بورصة قطر هبوطًا حادًا بنسبة 2.9% في أول يوم لعملها بعد بدء إسرائيل هجماتها الجوية متأثرة بحالة الهلع التي ضربت الأسواق الخليجية، وتراجعت أسهم كبريات الشركات القطرية، وعلى رأسها "ناقلات"، وبنك قطر الوطني، الذي سجل هبوطاً تجاوز 3.3% في يوم واحد.
وحسب المستشار والمحلل المالي، رمزي قاسمية، فإن أسواق الخليج، ومنها بورصة قطر، تلقت صدمة التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة وتراجع المؤشر القطري بأكبر وتيرة انخفاض منذ جلسة السادس من إبريل/ نيسان الماضي، وسط تراجعات جماعية للقطاعات كافة، إلا أن البورصة تمكنت من استيعاب أثر تلك الأحداث نتيجة بروز فرص استثمارية دفعت بعض المحافظ للدخول بأسعار جذابة، بالمقابل أظهرت الأسهم الدفاعية مثل "الخدمات" و"الأغذية" تماسكاً نتيجة تأثر أرباحها بدرجة أقل بالأوضاع الجيوسياسية.
ويرى قاسمية في حديثه لـ"العربي الجديد" أن أداء البورصة سيعتمد خلال الفترة القادمة على التطورات السياسية في المنطقة بالإيجاب أو السلب، وأن أكثر القطاعات تأثراً تلك المرتبطة بالتصدير كشركات قطاع النقل مثل "ناقلات" و"ملاحة"، كذلك أسهم قطاع الصناعة المعتمدة في أرباحها على التصدير، خاصة إلى دول اليابان والصين وكوريا الجنوبية.
وحول تأثير الحرب على الاقتصاد القطري، يتوقع قاسمية ارتفاع أسعار النفط والطاقة مع زيادة تكاليف النقل والتأمين، مما يضغط على هوامش الربحية، جراء تأثر سلاسل الإمداد وتقليص حركة التجارة العالمية.

وأفاد محلل الأسواق المالية، أحمد عقل، بأن أهم تأثيرات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على سوق الأوراق المالية في قطر، تتمثل قي الضغط النفسي الذي سيطر على المتداولين، خوفاً من اتساع رقعة الحرب ودخول الولايات المتحدة الأميركية ولو بشكل غير مباشر، والوصول إلى أي نتائج أكثر سلبية على مستوى أسعار النفط، لا سيما أن إيران لاعب أساسي في إنتاج النفط والغاز، وتهديدها بإغلاق مضيق هرمز الممر الاستراتيجي لتوريد الطاقة، ما يترك آثاراً سلبية على التجارة العالمية وسلاسل التوريد والمواد الأساسية وفي مقدمتها النفط ومشتقاته.
وأوضح أن ارتفاع أسعار النفط يترك أثراً مباشراً على التضخم وزيادة أسعار الكثير من المنتجات، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لخفض أسعار الفائدة لتقليص التضخم.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد" لفت عقل إلى تحركات رؤوس الأموال وخروجها من السوق، وخاصة على مستوى المحافظ، مع ضغط على عمليات البيع جراء حالات الهلع الجماعي التي تصيب المستثمرين (المتداولين) وفق قاعدة أن رأس المال جبان يبحث عن ملاذات آمنة، وهنا يرى المحلل المالي أن بريق الذهب الذي ارتفعت أسعاره بقوة منذ بدء الهجمات الإسرائيلية، جذب المستثمرين الذين سحبوا أموالهم من السوق المالي لصالح المعدن الأصفر.
ورغم العديد من المخاطر أقر عقل بوجود فرص محتملة في بورصة قطر لبعض الشركات والقطاعات التي قد تستفيد من ارتفاع الأسعار، وتفتح مجالات جديدة للاستثمار مستقبلاً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية