
أعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عن رفضها الشديد وتحفظها الكامل تجاه إعلان السلطات اليونانية فتح مناقصة دولية لمنح تصاريح لاستكشاف الهيدروكربونات واستغلالها في مناطق بحرية تقع جنوب جزيرة كريت، مشيرة إلى أن بعض هذه المناطق تقع ضمن مياه متنازع عليها مع ليبيا.
وفي بيان رسمي صادر عن الوزارة اليوم الخميس، وصف الخطوة اليونانية بأنها "انتهاك صريح للحقوق السيادية الليبية"، مشددة على أن أي أعمال استكشافية أو تنقيبية في تلك المناطق لن تكون مقبولة ما لم يُتوصل إلى تفاهم قانوني مسبق يحترم قواعد القانون الدولي والاتفاقيات المعتمدة في قضايا ترسيم الحدود البحرية.
وأكد البيان أن ليبيا لطالما سعت إلى جعل البحر المتوسط منطقة تعاون وسلام وتنمية مشتركة بين الدول المتشاطئة، داعياً إلى الابتعاد عن السياسات الأحادية التي من شأنها تصعيد التوترات وتعقيد الأوضاع الإقليمية في حوض المتوسط. وفي ختام البيان، دعت وزارة الخارجية الليبية الحكومة اليونانية إلى التحلي بروح المسؤولية والاحتكام إلى الحوار والتفاوض البناء سبيلاً وحيداً للتوصل إلى حلول عادلة ومنصفة تحفظ مصالح جميع الأطراف وتعزز الاستقرار الإقليمي.
يأتي الموقف الليبي الرافض بعد نحو ثلاث سنوات من توقيع اتفاقية التعاون في مجال الهيدروكربونات بين طرابلس وأنقرة، التي أُبرمت في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وتمنح تركيا صلاحيات واسعة للتنقيب عن الموارد الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بليبيا في البحر المتوسط، وكذلك في مناطق داخل أراضيها البرية.
وتنص الاتفاقية على منح تركيا امتيازات للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية والاقتصادية الليبية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في المجالات العملية والتقنية والقانونية والتجارية في قطاع الطاقة، وتطوير مشاريع مشتركة في مجالات الاستكشاف، الإنتاج، النقل، التنقيب عن النفط والغاز.
وكانت تركيا قد رفضت في عام 2019 حق اليونان في إنشاء منطقة اقتصادية خاصة في مناطق بحرية تشمل جنوب جزيرة كريت وبعض الجزر اليونانية الأخرى، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي والبحري في شرق المتوسط.
ويُعتقد أن المياه الواقعة جنوب جزيرة كريت غنية برواسب الغاز الطبيعي، ما يجعلها ذات أهمية استراتيجية متزايدة، خاصة في ظل محاولات اليونان تأمين احتياجاتها من الوقود في وقت تشهد فيه أوروبا توترات متصاعدة مع روسيا وتحديات متواصلة في أمن الطاقة.
وتسعى أثينا إلى تسريع مشاريع التنقيب عن الغاز باعتبارها خطوة نحو تقليل الاعتماد على الإمدادات الروسية وتعزيز موقعها مركزاً إقليمياً للطاقة في شرق المتوسط.
تجدر الإشارة إلى أن ليبيا تشهد منذ مارس/آذار حالة من الانقسام السياسي، حيث تتنافس حكومتان على السلطة: الأولى هي حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، والتي تأسست عام 2021 في إطار عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة، والثانية هي حكومة الاستقرار الوطني برئاسة أسامة حماد، والمدعومة من قبل مجلس النواب المنعقد في شرق البلاد.
هذا الانقسام السياسي الداخلي يضع تحديات إضافية أمام ليبيا في التعامل مع الملفات السيادية والبحرية، ويؤثر على قدرتها على التفاوض أو الدفاع الموحد عن مصالحها البحرية أمام الأطراف الإقليمية والدولية.
