
يقف عدد من المثقفين المعارضين للنظام الإيراني بوضوح ضد الاعتداء العسكري الإسرائيلي على إيران. وبعد مرور أسبوع على الحرب المفاجئة التي بدأتها إسرائيل ضدّ إيران، بدأت أصوات العديد من المعارضين السياسيين والمثقفين الإيرانيين، داخل إيران وخارجها، تعلو في التعبير عن إدانتهم لبعض الأصوات المؤيدة لإسرائيل، والدعوة إلى التلاحم والتصدي لهذا الهجوم المدعوم أميركيّاً وأوروبيّاً.
يتحدث الأكاديمي الإيراني الأميركي حميد دباشي، أستاذ الدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك، في هذه المقابلة الخاصة مع العربي الجديد، عن الهجوم على إيران، الذي يرى فيه محاولة إسرائيلية لتشتيت الانتباه عن الإبادة الفلسطينية. ويعتبر أن إسرائيل تواجه اليوم الروح التي لا تُقهر لحضارة قديمة واعية بذكرياتها منذ غزو الإسكندر، وأن هذا "العمل الدنيء" سيُغيّر وجه منطقتنا تماماً في الاتجاه المعاكس لما خطّط له الإسرائيليون.
ويستبعد دباشي سقوط النظام، رغم أن الدولة، بحسب وصفه، "مثل القنفذ الذي فقد أشواكه الدفاعية"، لكنها ستدافع عن نفسها بكل قوة. ويهاجم وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وأوروبا، خصوصاً صحيفة نيويورك تايمز، التي يصف غرف الأخبار فيها بأنها "أخطر آلة أيديولوجية"، ويرى فيها امتداداً لـ"الهسباراه" الإسرائيلية.
ويفتح صاحب كتاب "هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟" النار على مواقف الدول الأوروبية الغربية ودعمها السياسي لإسرائيل، الذي يهدف، في رأيه، إلى "تبييض صورة الإبادة الجماعية الفلسطينية". كما يصف المستشار الألماني بـ"الرجل الغبي والعنصري"، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي قال فيها إن إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عن الغرب.
ويشير دباشي إلى عريضة أطلقها عدد من المثقفين الإيرانيين المعارضين في الداخل والخارج، تدعو إلى الدفاع عن وحدة الأراضي الإيرانية، معتبراً أن الخلاف مع النظام هو خلاف داخلي، ومفضلاً أن تُعاني إيران تحت وطأة الاستبداد الفاسد للنظام الإسلامي الحاكم، على أن تُدمَّر تحت القنابل الإسرائيلية.
■ كيف تلقيت خبر الهجوم الإسرائيلي على إيران، وكيف تتابع هذه الأيام هذا العدوان على بلدك؟
- تلقيت الخبر من خلال مجموعة المصادر الإخبارية المعتادة لدي، وتشمل مصادر إيرانية وعربية وآسيوية أخرى، باللغات الفارسية والعربية والإنكليزية — بالإضافة إلى "العربي الجديد"، والجزيرة، وميدل إيست آي — كما أتابع أيضاً نيويورك تايمز وبي بي سي وغيرها من المصادر الأميركية والأوروبية، لأرى كيف يُحرّفون الخبر فوراً — مثل استخدام مصطلح "الضربة الاستباقية" لتبرير العدوان العسكري السافر الذي تقوم به مستعمرة المستوطنين الإسرائيلية ضد دولة ذات سيادة.
أتابع الأمر حالياً أيضاً من خلال التواصل المباشر مع الأصدقاء والعائلة والزملاء في إيران، أو في المنفى في أوروبا، وكذلك مع أصدقاء مقرّبين في العالم العربي والإسلامي.
أنا لست مهووساً بالأخبار — ولا أقضي أكثر من نصف ساعة تقريباً في متابعة الأخبار من وسائل الإعلام الكبرى — إلا عندما أقرأها كما يفعل الأنثروبولوجي، بهدف فهم مرضية وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وأوروبا. فهي بلا شك أكثر الأجهزة الأيديولوجية انحطاطاً وابتذالاً في تشويه الحقيقة لخدمة مشاريعهم الإمبريالية. لذلك، لا تقرأ نيويورك تايمز للحصول على الأخبار، بل لترى كيف يلوون عنق الخبر. وهم يزعمون أن صفحتهم الافتتاحية مستقلة عن غرفة الأخبار، لكن الحقيقة أن غرفة الأخبار لديهم هي أخطر آلة أيديولوجية على الإطلاق. أما صفحات الرأي، مثل مقالات توماس فريدمان أو بريت ستيفنز، فهي مبتذلة وسطحية إلى حدّ لا يحتاج حتى إلى تحليل.
■ ما هو الهدف الرئيسي بحسب اعتقادك لهذا الهجوم؟ هل الأمر يتعلق بالمشروع النووي فقط أم يتجاوز ذلك نحو إضعاف النظام الإيراني أو إسقاطه؟
- الهدف الرئيسي من هذا الهجوم هو صرف انتباه العالم عن الإبادة الجماعية في فلسطين. منذ ما يقرب من عامين، تعمل الصهيونية الإبادية على ذبح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم في غزّة، ولكن أيضاً في بقية فلسطين. وقد ثارت صرخة عالمية ضدّ المستعمرة الاستيطانية بسبب فظائعها المزمنة التي كانت مكشوفة للعيان. قادة المستعمرة الاستيطانية فارون من القانون الدولي. ولذلك، تواصل إسرائيل مهاجمة جميع الدول المجاورة لفلسطين — سورية ولبنان واليمن، والآن إيران — في أي مكان وفي كل مكان، باستثناء الأنظمة العربية الحاكمة الفاسدة. تجدر الإشارة إلى أنه بينما يتجه انتباه العالم الآن نحو الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، فإن قتل الفلسطينيين في غزّة يتواصل بوتيرة متسارعة يومياً. إن ذريعة مهاجمة إيران واهية تماماً: فدولتها العسكرية، التي تُعد مستودعاً عسكرياً لجميع أنواع القنابل النووية والبيولوجية والتقليدية، تُشير بأصابع الاتهام إلى دولة لا تمتلك قنبلة ذرية وموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي.
ولكن الأمر لا يقتصر على إسرائيل. إنها صحيفة نيويورك تايمز — الامتداد الأميركي للهسباراه — التي تقود مجموعة كاملة من المشهد الإعلامي الأميركي والأوروبي في تصنيع الأعداء لإسرائيل لتبرير سلوكياتها القاتلة. أما بالنسبة للإطاحة بالنظام، وهو ما يزعمون أيضاً أنهم يسعون إليه، فهو حلم بعيد المنال. ضع في اعتبارك أن "سباه" (الحرس الثوري الإيراني) تم تصميمه على غرار عمليات حرب العصابات وليس جيشاً تقليدياً. إنّهم منظرو الحرب غير المتكافئة. لقد خُدعت إسرائيل وحلفاؤها الأميركيون معتقدين أن حماس أو حزب الله أو الحوثيين قد هُزموا — وهم ليسوا كذلك — هذه المنظمات هي التعبيرات السياسية لقواعدها الشعبية — وليست عملاء لحكومة أجنبية.
إسرائيل نفسها دولة حامية عسكرية بلا جذور، لذلك تعتقد أن العالم كله كذلك. لكنه ليس كذلك. لكن إسرائيل تواجه الآن شيئاً أقوى بكثير من النظام الحاكم في إيران. إنها تواجه الآن الروح التي لا تُقهر لحضارة قديمة واعية تماماً بذكرياتها التاريخية. من غزو الإسكندر عام 334 قبل الميلاد إلى الانقلاب العسكري الأميركي-البريطاني عام 1953، لدينا ذاكرة تاريخية عريقة لا تُنسى، وفي سياقها تُصبح هذه المستعمرة الأوروبية الصغيرة البائسة أقل شأناً من لا شيء. سننضم إلى عائلاتنا وأصدقائنا الفلسطينيين وغيرهم من العرب في تعليم الصهيونية التواضع. في هذه المقاومة للعسكرة، يُعتبر إخواننا وأخواتنا الفلسطينيون قدوتنا المطلقة. لقد انضمت إسرائيل للتو إلى ما يقرب من 100 مليون إيراني بوصفهم فلسطينيين شرفاء يقاومون حربها البائسة. سيُغير هذا العمل الدنيء وجه منطقتنا تمامًا في الاتجاه المعاكس لما يعتقد هؤلاء الصهاينة المُبيدون أنهم يفعلونه.
■ كيف تُقيّم الرد الإيراني على الاعتداءات الإسرائيلية؟ وإلى أي مدى يمكن لإيران التصدي لهذا الهجوم المدعوم أميركياً وغربياً؟
- لقد كانوا يستعدون لهذه المواجهة منذ زمن طويل، وسيدافعون عن أنفسهم بكل ما أوتوا من قوة. لكن، بالطبع، لا يوجد ما يضاهي مستودعاً عسكرياً ودولة حامية مدعومة بقوة الجيش الأميركي والجيوش الأوروبية. تذكّروا أن إسرائيل دولة حامية. اليهود جزء لا يتجزأ من أي دولة يعيشون فيها حول العالم.
إنه عمل معادٍ للسامية بشكل مذهل أن نتوقع من جميع اليهود أن يحزموا أمتعتهم ويذهبوا للعيش في دولة يهودية. اليهود الأميركيون أميركيون، واليهود المصريون مصريون، واليهود الإيرانيون إيرانيون.
إسرائيل مجرد مستودع عسكري مرفوع عليه علم — لا يفعلون شيئاً سوى التخطيط لكيفية قتل الناس، وكيفية اختراع أسلحة أكثر فتكاً، أو كيفية التجسّس على الناس — ثم بيع هذه التقنيات حول العالم. إسرائيل هي المجمع الصناعي العسكري الشهير، باختصار.
الشعوب والدول والثقافات حول العالم، بما في ذلك سكانها اليهود، يعيشون حياة كريمة. لديهم حياة طبيعية. لذا، ولله الحمد، ليس لدينا قاعدة عسكرية مزدحمة كهذه في أي مكان آخر في المنطقة تُضاهي إسرائيل.
غادر عدد لا يُحصى من الإسرائيليين الشرفاء فلسطين بحثاً عن حياة كريمة وطبيعية يستحقونها بجدارة. إن مكافحة معاداة السامية الخبيثة واجب أخلاقي على كل إنسان لضمان أن يعيش جيراننا اليهود بيننا بسلام وازدهار.
إيران تحت استبداد نظامها خيرٌ من فنائها تحت القنابل الإسرائيلية
■ هل ينجح بنيامين نتنياهو في جر الولايات المتحدة إلى هذه الحرب؟ وما هي سيناريوهات دخول الولايات المتحدة مباشرة في الحرب؟ وما هي مصالح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ذلك؟
- شاركت الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الدول العربية بالفعل بنشاط في الشؤون اللوجستية والاستخباراتية وغيرها من الأمور المتعلقة بهذا الغزو. ويواجه ترامب، الذي يتخذ هذا القرار بشكل أكثر صراحة وعدوانية في الوقت الحالي، عقبة داخلية، حيث سئم جزء كبير ممن كانوا يمثلون قاعدته الانتخابية من جرّ إسرائيل للولايات المتحدة إلى حرب تلو الأخرى. وتُشيطن صحيفة نيويورك تايمز هذه الحركة بوصفها "انعزالية" أو "يمينية متطرفة". ولكن من وجهة نظرهم، فهم مجرد أميركيين لا يرغبون في التورط في حرب إسرائيلية دائمة. وهذا حدث مهم في السياسة الأميركية. ويدرس ترامب كيفية عدم إبعادهم.
■ ماذا سيحصل داخل المجتمع الإيراني في حال أدى الهجوم المستمر على إيران إلى سقوط النظام؟ وكيف سيؤثر ذلك على المنطقة؟
- من المبكر جداً الجزم بذلك. فالناس الآن في حالة ذعر ويهربون من طهران. القيادة السياسية والعسكرية للدولة في حالة من الفوضى. لا أعتقد أنَّ النظام سيسقط. الدولة تتصرّف الآن كقنفذ وكل أشواكها الدفاعية معطلة. الملكيون وأمثالهم واهمون للغاية إذا اعتقدوا أنهم يستطيعون الهبوط في إيران على أجنحة الطائرات المقاتلة الإسرائيلية وحكم ذلك البلد.
صحيح أن النظام لا يحظى بشعبية كبيرة لدى شريحة واسعة من المجتمع، لكن هذه الشريحة المعارضة ذاتها تكره ما تفعله إسرائيل. صور وسير ذاتية لشبان وشابات وأطفال أعزاء لقوا حتفهم تحت القنابل الإسرائيلية متداولة على نطاق واسع. هناك حركات انفصالية في كردستان وبلوشستان موّلتها إسرائيل بنشاط لخلق مشاكل للنظام الحاكم. لهذه الحركات الانفصالية مظالم مشروعة ضد الحكومة المركزية، تُستغل بوسائل غير مشروعة وتمولها وتسلحها إسرائيل. هناك عجز وفساد واسع النطاق داخل أجهزة الدولة. لقد غادر الإيرانيون الأكثر موهبة ورعاية وطنهم في تحدٍ للنظام الحاكم، لكن هذه القوى ذاتها تكره إسرائيل وعملاءها الملكيين الآن أكثر بكثير من غضبها على النظام الحاكم.
■ ما هو المستقبل الذي ينتظر إسرائيل بعد الهجوم على إيران على ضوء ما يحصل في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر عام 2023؟ هل نحن في عصر الهيمنة الإسرائيلية الكاملة؟
- على الإطلاق لا. إسرائيل دولة حامية منبوذة – رفضتها كل دولة محترمة ومتحضرة في جميع أنحاء العالم – باستثناء الدول الأوروبية التي أنشأتها والولايات المتحدة التي تدعمها في السلطة لحماية مصالحها الإقليمية والعالمية. حوالي تسعة ملايين إنسان محاصرون داخل كذبة وهمية مفادها أن فلسطين المحتلة هي بلدهم. عاش اليهود دائماً في فلسطين، وسيكون لهم دائماً وطن في فلسطين بجوار جيرانهم الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين. وهذا لا علاقة له بأيديولوجية الإبادة الجماعية الأوروبية التي تسمي نفسها الصهيونية، والتي دعمت الإرث الاستعماري الأوروبي في فلسطين. لطالما كانت إسرائيل وستظل حامية عسكرية غريبة في العالم العربي والإسلامي. في خطوة معادية للسامية بشكل عميق ولا رجعة فيها، تُبقي الولايات المتحدة وأوروبا إسرائيل محاصرة داخل تلك الكذبة باعتبارها البؤرة الاستعمارية الأمامية لمصالحهما الاستراتيجية الإقليمية والعالمية. لم يكن لإسرائيل ولن يكون لها أبدًا شخصية مستقلة تطالب بأي هيمنة لنفسها في المنطقة.
خلافنا مع النظام الحاكم لا علاقة له إطلاقاً بالدفاع عن إيران
■ أنت مثقف وشخصية معارضة للنظام الإيراني منذ سنوات طويلة. كيف تقرأ موقف المعارضة الإيرانية مما يجري حالياً، وإلى ماذا تدعو في هذه الأيام؟
- انضممتُ اليوم إلى لائحة من كبار المثقفين الإيرانيين المعارضين المقيمين داخل إيران أو خارجها، مُوقّعين على وثيقة دعمٍ واضحةٍ لا لبس فيها للدفاع عن وحدة أراضي وطننا. إن خلافنا الجوهري مع النظام الحاكم لا علاقة له إطلاقاً بالدفاع عن وطننا والإدانة المُدوية للصهاينة المُجرمين الذين يقودون حملةً عسكريةً ضد بلدنا لصرف الانتباه عن أعمالهم الإجرامية في فلسطين.
لسنا وحدنا. يكتب السجناء السياسيون من داخل زنزانات الجمهورية الإسلامية رسائلَ عامةً يدافعون فيها عن سيادة وطننا ويدينون إسرائيل. إيران وطننا. إنه ملكٌ لكل مواطن إيراني. لا يملك النظام الحاكم في إيران ولا الملكيون المُتخلفون من الخارج أي حقٍّ شرعيٍّ أو كاملٍ في وطننا. صراعنا هو صراعٌ داخليٌّ بين إخوةٍ وأخواتٍ ذوي رؤى مُختلفةٍ لبلدنا. أُفضّل أن أرى إيران تُعاني تحت وطأةِ الاستبداد الفاسد للنظام الإسلامي الحاكم على أن تُدمَّر تحت القنابل الإسرائيلية. لا مجال للمقارنة. أدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، واستئناف الحوار الدبلوماسي لإيجاد حل عادل ومنصف وهادف لقضية البرنامج النووي الإيراني. نحن بحاجة إلى نزع سلاح نووي إقليمي يشمل إسرائيل التي تعتمد، بوقاحة سافرة، على قنابلها النووية لترسيخ تفوقها العسكري في المنطقة. وإيران، كغيرها من الدول، لها الحق في امتلاك برنامج نووي سلمي.
■ غابت إدانات الدول الأوروبية الغربية لهجوم إسرائيل على إيران، في الوقت الذي يبررون ذلك بـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، فيما قال المستشار الألماني بوضوح في معرض حديثه عن إيران: "إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابةً عنا". كيف تقرأ مواقف الدول الأوروبية الغربية أيضاً على ضوء مشاهد الإبادة الجماعية المستمرة في غزّة؟ هل انتهى عصر القانون الدولي؟ في أي عصر نعيش؟
بالطبع، لا يُدين الأوروبيون الغربيون إسرائيل. لقد خلقوا إسرائيل موقعا استعماريا لحماية مصالحهم الشائنة في المنطقة. التصريح الأبرز هو تصريح المستشار الألماني فريدريش ميرز بأن "إسرائيل تقوم بالأعمال القذرة نيابةً عنا" — الرجل غبيّ وعنصريّ بشكل مذهل في آنٍ واحد، لدرجة أنه لا يُدرك حتى ما يُقال عنه من إهانة معادية للسامية — استمعتُ إلى النص الأصلي الألماني لأنني لم أُصدّقه — يقول في الواقع "Drecksarbeit!". الهدف السياسي من هذا الدعم هو تبييض صورة الإبادة الجماعية الفلسطينية التي لم يُؤيدها هذا السياسي البسيط فحسب، بل حتى كبار الفلاسفة الألمان مثل يورغن هابرماس علناً. وكتبتُ عن ذلك مقالًا بعنوان "بفضل غزة، انكشفت الفلسفة الأوروبية على أنها مُفلسة أخلاقياً". لم يكن القانون الدولي مقصوداً أبداً أن يشمل السلوك الإجرامي للغطرسة الإمبريالية الأوروبية أو الأميركية التي صاغتها لشرعنة هيمنتها العالمية. قال السيناتور الأميركي ليندسي غراهام ذلك بفظاظته المعتادة: البشرية جمعاء تواجه مصيرها بمفردها. نحن مسؤولون عن حماية إنسانيتنا من هؤلاء المتوحشين الذين تنكروا بزيّ حُكّام الحقيقة والعدالة.
