
تهديدات إيرانية متصاعدة بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، تزامناً مع تحركات بحرية حذرة وتصعيد عسكري واسع في منطقة الشرق الأوسط. فما التداعيات المرتقبة؟ اليوم مجدداً، حذّر عدد من نواب البرلمان الإيراني، من أن إغلاق مضيق هرمز بات خياراً مطروحاً "ومشروعاً" في حال تصاعد التوتر العسكري ودخول الولايات المتحدة رسمياً في الحرب إلى جانب إسرائيل، معتبرين أن أمن المضيق مرتبط ارتباطاً مباشراً بالمصالح الحيوية الإيرانية.
في التفاصيل، أكد عضو هيئة رئاسة لجنة الأمن القومي، بهنام سعيدي، أن إيران تمتلك سلسلة خيارات للرد، من ضمنها تعطيل الملاحة في المضيق، مشدداً على أن طهران "تتصرّف بناءً على تطورات المشهد، وستستخدم أدوات الضغط حين تقتضي الحاجة"، حسب ما نقلته عنه وكالة مهر وصحيفة "الغارديان". وفي السياق ذاته، صرّح النائب علي يزديخاه بأن إيران لن تمسّ بحرية الملاحة إلا إذا تم الاعتداء على مصالحها الأساسية، مؤكداً أن أي تدخل أميركي مباشر لمصلحة إسرائيل "سيمنح طهران كامل الحق في التصعيد واستخدام أوراقها".
شريان الطاقة والتجارة العالمي على المحك
تُقدّر أهمية مضيق هرمز، الذي يفصل إيران عن عُمان ويربط الخليج العربي بخليج عُمان، بعبوره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية اليومية، وأكثر من 40% من نفط العالم المنقول بحراً، إضافة إلى كميات هائلة من الغاز الطبيعي المُسال، لا سيما من دولة قطر. ووفق بيانات "بلومبيرغ"، مرّ عبر المضيق في 2024 نحو 16.5 مليون برميل نفط يومياً، ما يكرّس مكانته كأحد أهم الممرات البحرية للطاقة عالمياً.
وتشهد المنطقة، منذ أسبوع، تصعيداً عسكرياً خطيراً بدأ بعدوان جوي واسع شنّته إسرائيل على منشآت ومواقع داخل إيران، ما أدى إلى مقتل 224 شخصاً وإصابة أكثر من 1200 آخرين، بينهم قيادات عسكرية وعلماء نوويون، بحسب مصادر إسرائيلية. وردّت طهران بهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى في الداخل الإسرائيلي، لتنتقل بذلك الأزمة من "حرب الظل" إلى مواجهة مفتوحة.
مؤشرات ملاحية وتحذيرات من إغلاق مضيق هرمز
وقد أفادت مصادر ملاحية، الأربعاء، بأن سفناً تجارية باتت تتجنّب المرور عبر المياه الإيرانية قرب المضيق، مفضّلة الإبحار بمحاذاة السواحل العُمانية لتقليل المخاطر. كما أبلغت الوكالات البحرية السفن بتوخي الحذر من التداخلات الإلكترونية والتشويش المتزايد في منطقة المضيق والخليج، وفقاً لما أوردته وكالة رويترز.
ونقل تقرير لـ"نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين أن تلغيم مضيق هرمز أو زرع ألغام بحرية بات خياراً محتملاً من طهران في حال تصعيد المواجهة. وبحسب محللين غربيين، فإن إيران تملك ما يصل إلى 6000 لغم بحري، قادرة على نشر مئات منها يومياً، ما يمكن أن يؤدي إلى "شلّ الملاحة فوراً"، ويصعّب على القوات الأميركية أو الدولية تأمينه سريعاً.
ونقلت "الأناضول" أمس، عن الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي أن إغلاق المضيق سيؤدي إلى قفزة في أسعار النفط فوق 100 دولار، وربما تصل إلى 130 دولاراً، خاصة إذا ترافق ذلك مع تهديدات في باب المندب من جانب الحوثيين. واعتبر أن ذلك سيمثل صدمة مزدوجة للاقتصاد العالمي ويدفع البنوك المركزية لإعادة النظر في سياساتها النقدية.
أما المختص باقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، فقد اعتبر أن تنفيذ طهران لهذا الخيار سيكون "انتحاراً اقتصادياً"، نظراً لاعتمادها الذاتي على تصدير النفط، خاصة إلى الصين، لكنه أكد أن "ورقة إغلاق هرمز" تبقى أداة ردع قوية.
هذا ودعا محللون إلى تحرّك دبلوماسي دولي عاجل لخفض التوتر، خصوصاً مع تزايد الحديث عن رد عسكري أميركي محتمل في حال تم تعطيل الملاحة، ووجود الأسطول الخامس الأميركي في البحرين الذي يتابع الموقف عن كثب. وتبقى تطورات الساعات المقبلة مرهونة بقرارات عسكرية وسياسية على أعلى المستويات في واشنطن وطهران وتل أبيب، بينما تراقب الأسواق وممرات الملاحة بحذر مشوب بالتوتر.
