إيناس فرحات.. قصة فلسطينية قتل الاحتلال أبناءها السبعة وأصابها بجروح
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس الأربعاء، وبينما كانت مدينة غزة تغفو على أملِ هدنة هشّة، دوّى صوت الموت في حي الزيتون جنوبي المدينة، مُعلِناً استشهاد سبعة من أبناء الفلسطينية إيناس فرحات، في جريمة إسرائيلية جديدة تهزّ الضمير الإنساني. وتحوّل بيت عائلة الأب منصور إلى كومة من الركام الذي ابتلع أجساد الأبناء بعد أن كانوا يحلمون فيه فقط بحياة آمنة وكريمة، ينتهي فيها جنون الحرب المستعرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفور وصول جثامين الشهداء إلى المستشفى، أُطلق على والدتهم، إيناس، لقب "الخنساء"؛ وهو اللقب الذي يطلقه الفلسطينيون على الأم المكلومة التي فقدت أكثر من ابن أو ابنة خلال الحرب. ويُشار إلى أن هذا اللقب كان قد أُطلق سابقاً على والدتها، أم نضال فرحات، التي استشهد ثلاثة من أبنائها قبل الحرب، فيما استُشهد ابنها الرابع خلال العدوان.

وأصيبت إيناس خلال القصف الإسرائيلي المباغت والذي لم يسبقه أي تحذير أو تنبيه بجروح بليغة، فيما لا تعرف حتى اللحظة تفاصيل المصيبة التي حلّت بأبنائها، حيث تمتنع عائلتها وبتوصية من الأطباء عن إخبارها باستشهاد أبنائها، حرصاً على عدم تدهور حالتها الحرجة.

وتخيم داخل مستشفى المعمداني في مدينة غزة حالة من الذهول والصدمة بين أفراد العائلة المحيطين بسرير العناية الذي ترقد عليه الأم المكلومة، بينما لم تسعفهم الكلمات أو اللغة للتعبير عن هول المصيبة التي حلت بهم فجأة ومن دون أي سابق إنذار.

وتقول الفلسطينية إنعام فرحات (43 سنة) وهي شقيقة إيناس بعد أن استجمعت قواها إن شقيقتها اضطرت إلى النزوح برفقة عائلتها إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وقد عادت بعد وقف إطلاق النار، والذي سُمِح بموجبه بعودة النازحين إلى بيوتهم، لتجد بيتها محروقاً بالكامل.

وتبين فرحات في حديث مع "العربي الجديد" أن شقيقتها ورغم الألم الذي أصابها لخراب منزلها، قالت: "المال معوّض، المهم أن أبنائي بخير"، إلا أن القصف المباشر للمنزل فجر أمس الأربعاء أفقدها كل أبنائها، ولم ينج منهم سوى ابنها أحمد، حيث كان خارج المنزل لحظة استهدافه".

وعن تفاصيل ما جرى، تقول فرحات بصوت مخنوق: "الساعة الثانية فجراً، وبينما كانت العائلة نائمة، استهدفت الطائرات الحربية المنزل من دون أي سابق إنذار، ما تسبب باستشهاد سبعة من أبناء شقيقتي على الفور، إلى جانب إصابتها بجروح حرجة في مختلف أنحاء جسدها". وتلفت فرحات إلى أن أسرتها تلقت اتصالاً هاتفياً يفيد بقصف منزل عائلة شقيقتها على رؤوس من بداخله، مضيفة "بدأنا بالاتصال بالجميع من دون أن نتلقى أي رد، ما دفعنا إلى الخروج حوالي الساعة الثالثة فجراً إلى مستشفى المعمداني، لنفاجأ باستشهاد معظم أفراد الأسرة، إلى جانب استشهاد أشخاص داخل مخيم النزوح المجاور للبيت جراء شدة القصف".

وتتابع "رأيت شقيقتي غارقة في دمها وقد أصيبت بكسر في الجمجمة وإصابات بليغة في الرأس والوجه وكسور في القدمين، حينما رأينا المشهد انتابنا شعور بأنها ستفارق الحياة من شدة الجروح الغائرة والتي لا يمكن لجسد تحملها، وقد تم التعامل معها طبياً على الفور إلى أن استقرت حالتها".

ووفقاً للخالة المتألمة، فقد استشهد إثر القصف ثلاثة من أبناء شقيقتها وأربعة من بناتها، وهم "الابن البكر محمد (23 سنةً) وكان متفوقاً في دراسته، والابنة بيسان (20 سنةً) وكانت تدرس البرمجيات، والابنة أسيل (17 سنةً) والابنة سما والتوءمان زيد وسعد (10 سنوات) والابنة لما (6 سنوات) ولم ينج من القصف سوى ابنها أحمد (21 سنة)".

ولا تعرف إيناس حتى اللحظة باستشهاد أبنائها، باستثناء معرفتها باستشهاد ابنها البكر محمد، والذي كانت تنادي عليه منذ اللحظة الأولى لدخولها المستشفى، وتقول فرحات "لحظة معرفتها باستشهاد محمد لم تتوقف عن البكاء، وهو ما دفعنا إلى إخفاء خبر استشهاد بقية أبنائها، خشية تدهور حالتها الصحية".

وتقول فرحات إن إجابة أفراد العائلة للأم المكلومة والتي لا تتوقف عن السؤال عن بقية أبنائها بأنهم مصابون في غرف أخرى، حيث يقول الأطباء إن البكاء المستمر قد يفاقم من سوء إصابتها في العيون، فيما ينتاب الأم الجريحة شعور دائم بأن أسرتها ليست بخير". وتتخوف العائلة على حالة إيناس الصحية جراء الجروح الخطيرة التي أصيبت بها، كذلك من هول الصدمة التي يمكن أن تصيبها بعد معرفة مصير أبنائها وبناتها، وتقول فرحات "تمنت شقيقتي لو أن الأضرار اقتصرت على الخسارة المادية للبيت، دون أن تفقد أياً من أفراد أسرتها".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية