صواريخ إيران في صالات التداول... لماذا لم تنهَر بورصة تل أبيب؟
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

أنهت بورصة تل أبيب (TASE) جلسة تداولات اليوم الخميس على ارتفاع محدود، رغم الاستهداف المباشر الذي تعرّض له مبناها في منطقة رمات غان فجراً بصواريخ إيرانية، وسط تصعيد نوعي متبادل في الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل والمستمرة من 7 أيام. وبحسب الموقع الرسمي للبورصة، أغلق مؤشر "تل بوند المركب" عند مستوى 411.00 نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.14% عن جلسة أمس الأربعاء، بعد تداولات بلغت قيمتها أكثر من 556 مليون شيكل (152.3 مليون دولار). ورغم أن القصف طاول منشأة رمزية في النظام المالي الإسرائيلي، فإن أنظمة التداول الإلكترونية ظلت فعالة، بدعم فني من هيئة الأوراق المالية والبورصة. وأسهم ذلك في امتصاص الصدمة، ومنع انهيار السوق خلال الجلسة اليومية.

ويرى محللون أن صعود مؤشرات بورصة تل أبيب رغم القصف الإيراني يعكس ردة فعل منسقة بين المستثمرين والبنك المركزي، الذي أعلن استمرارية عمل أنظمة الدفع والتسوية دون تأثر. كذلك فإن السيولة المحلية، وخصوصاً من صناديق التقاعد والبنوك، دعمت الاتجاه الصعودي عبر تعزيز الطلب على الأسهم الممتازة، ما خفف من أثر الانفجار المادي على المعنويات السوقية. ويمثل مبنى بورصة تل أبيب رمزاً مركزياً للاقتصاد الإسرائيلي، ويقع في قلب منطقة الأعمال الحديثة. ووفق المحللين، فإن استهدافه يُعَدّ رسالة استراتيجية من طهران، مفادها أن مراكز المال والقرار الاقتصادي لم تعد خارج نطاق الرد الإيراني. وقالت إيران إن استهداف بورصة تل أبيب جاء في سياق "الرد المتكافئ" على الضربة السيبرانية التي استهدفت منصة "نوبيتكس" للعملات الرقمية، التي تُعَدّ أداة أساسية لطهران في تجاوز العقوبات الأميركية عبر التحويلات الرقمية العابرة للحدود. 

"حماية شكلية"

وتشير بيانات البورصة، التي رصدها موقع "العربي الجديد" إلى أن السوق الإسرائيلية تعتمد كثيراً على القطاع العقاري، الذي يمثل 68.57% من الوزن الكلي للمؤشر. يأتي بعده القطاع المالي بنسبة 29.20%، ثم قطاع التكنولوجيا بنسبة ضعيفة لا تتجاوز 2.23%، وهو ما يعكس ضعف التنوع في طبيعة السوق. وفي السياق الأمني الحالي، يُعَدّ اعتماد السوق على العقارات أمراً محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً أن شركات مراكز التسوق مثل أزريلي وميليسرون هي من أكثر المتضررين من تعليمات الإغلاق. لكن غياب الإفصاحات الرسمية أخفى حتى الآن التأثيرات الفعلية. وقد يترتب عن هذا الصمت نتائج صادمة في الجلسات المقبلة.

أما على مستوى الأوراق المالية الأكثر نشاطاً، وبحسب تحليل "العربي الجديد" للبيانات الرسمية، فقد تصدرت سندات ألوني هيتس B13 قائمة التداول بقيمة تجاوزت 18 ألف شيكل (4931 دولار)، تبعتها أوراق من قطاعي العقارات والبنوك مثل أزريلي B7 وديسكاونت بنك B7. هذا النشاط رغم الضربة يشي "شكلاً" بوجود رهانات استثمارية من المؤسسات المحلية على صمود السوق. كذلك إن التركز في تداولات البنوك الكبرى يعكس "شكلاً" ثقة نسبية بقدرة القطاع المالي على امتصاص التوتر. ويعكس ارتفاع أسعار تلك الأوراق بنسبة راوحت بين 0.25% و0.54%، على الأرجح، سياسة شراء موجهة لحماية المؤشر من الانخفاض الحاد. هذه التحركات لا تعني بالضرورة تفاؤلاً حقيقياً، بل قد تكون "حماية شكلية".

اختبار لنظام التداول

وسجل مؤشر تل بوند المركب أداءً مستقراً طوال الجلسة، حيث راوحت النقاط بين 410.40 و410.96، وأغلق عند 410.88 بزيادة يومية قدرها 0.11%. ومع ذلك، فإن حجم التداول اليوم الخميس بلغ نحو 556 مليون شيكل (152.3 مليون دولار)، ما يُعتبر أقل من المعدل في الأيام التي شهدت نشاطاً عادياً. كذلك يُلاحظ أن المؤشر حافظ على منحى تصاعدي طفيف طوال الأسبوع، مدعوماً باستقرار معنويات المستثمرين المحليين رغم التصعيد العسكري. وتظهر بيانات البورصة ارتفاعات مستمرة لخمسة أيام متتالية، ما يعزز فرضية أن السوق لا تزال تعمل بفعل تدفقات محلية أكثر من محفزات اقتصادية واقعية.

وأظهرت بيانات إغلاق جلسة اليوم الخميس أن القيمة السوقية الإجمالية للمؤشر بلغت 383.9 مليار شيكل (105.2 مليارات دولار)، وهو ما يعزز مكانة السوق في الحفاظ على ثقلها المالي رغم التوترات. إلا أن هذه المؤشرات الإيجابية لا تُخفي أن ما حدث اليوم اختبار سياسي - اقتصادي لنظام التداول، في ظل استهداف صاروخي لمبنى البورصة نفسه. ويبدو أن غياب الخسائر البشرية ضمن الطاقم الفني ساعد في استمرار الجلسة بشكل طبيعي، كذلك إن تدخل بنك إسرائيل وهيئة الأوراق المالية بالطمأنة أسهم في تهدئة الأسواق. لكن من غير الواضح بعد مدى استمرارية هذا الاستقرار إن تفاقمت الأزمة.

تصحيحات قاسية محتملة

وخلص تحليل "العربي الجديد" إلى أن جلسة الخميس نموذج لما يُسمى بـ"الاستقرار الزائف"، حيث تستمر المؤشرات بالصعود رغم وجود أزمات مادية ومالية غير مفصح عنها. فالسوق لم تنهَر، لكنها أيضاً لم تظهر مرونة صحية مبنية على بيانات واقعية وشفافية مؤسسية. وصمدت المؤشرات الرقمية، لكن المعلومات النوعية عن الشركات المتضررة لا تزال غائبة. وإذا بقيت هذه الهوة بين الأداء الظاهري والواقع التشغيلي، فقد تفاجأ السوق في الجلسات المقبلة بتصحيحات قاسية. ويعزز نتائج التحليل ما كشفته صحيفة "كالكاليست" العبرية، قبل يومين عن امتناع عشرات الشركات عن الإبلاغ عن الخسائر التشغيلية الناتجة من القصف أو تعليمات الإغلاق.

وبحسب صحيفة "كالكاليست"، فإن شركات مثل ميليسرون، أزريلي، بيج (العاملة في مراكز التسوق الكبرى)، بالإضافة إلى فوكس، كاسترو، جولف (قطاع التجزئة)، أوقفت أنشطتها جزئياً أو كلياً، لكنها لم تصدر أي بلاغ إلى المستثمرين. الأمر نفسه ينطبق على شركات الطاقة مثل "دور ألون"، التي تعتمد على الوقود المكرر من مصافي بازان -التي تعرضت بدورها لأضرار- لكنها لم تفصح عن ذلك في نظام بورصة تل أبيب. ويثير هذا الصمت تساؤلات جدية عن مدى التزام هذه الشركات قواعد الإفصاح الإجباري في ظل ظروف حرب، ويطرح علامات استفهام حول دور هيئة الأوراق المالية التي اكتفت بتذكير الشركات بمبادئ الإبلاغ دون إلزامها بذلك فعلياً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية