
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، بأعمال تجريف وحفريات على شكل خنادق قرب مثلث الرماضين جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية، طاولت مداخل عدد من المنشآت التجارية، في خطوة تُعدّ امتداداً لسياسة ممنهجة تستهدف المحلات التجارية المخطرة، خصوصاً أنها واقعة في المناطق المصنفة (ج) في أقصى جنوب الضفة، بمحاذاة الخط الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948.
وقال مدير بلدية الرماضين أنيس الزغارنة، في حديث مع "العربي الجديد"، "إن عدداً من آليات الاحتلال اقتحمت البلدة صباحاً، وشرعت الجرافات العسكرية بتنفيذ حفريات عميقة تشبه الخنادق أمام أبواب المحال التجارية الواقعة في شارع (مثلث الرماضين) عند مدخل البلدة، على طول الطريق بمسافة قرابة 500 متر وذلك دون أي إنذار مسبق". وأكد الزغارنة أن هذه الإجراءات جاءت ضمن سياسة تضييق متصاعدة، شملت جولات متكررة نفذتها الشرطة الإسرائيلية داخل السوق، ترافقت مع تهديدات مباشرة لأصحاب المحال بإغلاق منشآتهم، بذريعة عدم حيازتهم أوراقاً ضريبية إسرائيلية للبضائع المعروضة.
والمنشآت المستهدفة محال تجارية متخصصة في بيع الملابس، وقطع غيار السيارات، والخضار، والمواد التموينية، وتشكل مصدر رزق رئيسياً لعشرات العائلات الفلسطينية في المنطقة. وأفاد الزغارنة بأن قوات الاحتلال أطلقت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، لتفريق المواطنين وأصحاب المحلات، ومنعهم الاقتراب من المنطقة. وبحسب مصادر محلية لـ"العربي الجديد، فقد أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أصحاب المحال التجارية بتغريمهم بغرامات قد تصل إلى نحو 28 ألف دولار، في حال قيامهم بأعمال صيانة وتعبيد للطريق أمام محالهم.
الاحتلال ينفذ عمليات تجريف في الشارع الرئيس في بلدة الرماضين جنوب الخليل. pic.twitter.com/fpCG7fNYbI
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 19, 2025
وتقع المنطقة ضمن التصنيف الأمني الإسرائيلي (ج)، وتخضع لسيطرة الاحتلال الكاملة، إذ تبرر سلطات الاحتلال إخطارات الهدم وعمليات التجريف بذريعة "تعديات على الشارع العام، والقرب من الخط الالتفافي"، وحاجز "ميتار" المؤدي إلى الداخل المحتل، رغم أن المحلات مقامة منذ سنوات طويلة. وتأتي عملية التجريف والحفر اليوم، بعد ثمانية أيام فقط من توزيع إخطارات هدم على أكثر من 30 منشأة تجارية في الرماضين، بتاريخ 11 حزيران/يونيو الجاري، ولكن قبل التنفيذ الفعلي، لم تترك سلطات الاحتلال مجالًا لأصحاب المنشآت للاستئناف أو التظلم، وهو ما يعتبره السكان نوعًا من "التمثيل القانوني الشكلي" الذي لا يحميهم من الجرافات، ويمهد في أي لحظة لتنفيذ الهدم، بحسب الزغارنة.
ولفت مدير بلدية الرماضين إلى أن البلدة باتت ساحة مفتوحة لعمليات هدم متكررة وغير مبررة، طاولت في الأشهر الأخيرة المحال التجارية، والمنازل، وحتى المنشآت الزراعية، مما يُنذر بأزمة معيشية حقيقية تهدد مئات العائلات وتدفعهم نحو هجرة أرضهم. واستعرض الزغارنة أبرز موجات الهدم السابقة، مشيراً إلى أن الرماضين شهدت في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2024، واحدة من أكبر عمليات الهدم خلال السنوات الأخيرة، حين هدم الاحتلال أكثر من 40 منشأة تجارية ومنزلاً قيد الإنشاء. وسبق ذلك هدم منازل، وبركسات زراعية، وآبار مياه، وأشجار مثمرة في منطقتي أم سدرة والتينة التابعتين للبلدة، وهي كلها أملاك تعود لمواطنين من البلدة، جرى تدميرها بذريعة "البناء دون ترخيص"، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
واعتبر الزغارنة أن ما يجري في الرماضين لا يمكن قراءته أحداثاً معزولة، بل على أنه جزء من سياسة ممنهجة تستهدف البيئة الاقتصادية والاجتماعية للسكان الفلسطينيين، في محاولة لإضعاف صمودهم ودفعهم إلى الرحيل الطوعي. وأشار إلى أن البلدية قدّمت سابقاً مخططات هيكلية وتنظيمية لمواقع المنشآت، لكن الاحتلال رفض التعامل معها أو مناقشتها.
