
في إطار الجهد لتنظيم البنية الإدارية والعسكرية، وتوحيد الهيكلة والبيانات في المؤسسة العسكرية في وزارة الدفاع السورية، عقد وزير الدفاع مرهف أبو قصرة اجتماعاً مع شعبة التنظيم والإدارة، وفق ما أعلنت الوزارة اليوم الأربعاء، بحث خلاله الترتيبات الإدارية والبنية التنظيمية للقوات المسلحة، بما يضمن ضبط الهيكلية، وآليات إصدار الهويات، وبطاقات حمل السلاح، إلى جانب عدد من الملفات التنظيمية الأخرى، وفق ما ورد عبر صفحة الوزارة.
تنظيم على مراحل
وبخصوص العملية التنظيمية، يرى الباحث والضابط المنشق السابق رشيد حوراني، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن العملية التنظيمية في الجيش والقوات المسلحة أو في وزارة الدفاع، بدأت على مراحل، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى هي إجراء جرد لكافة الأسلحة الموجودة لدى الفصائل بالدرجة الأولى، ومن ثم تنظيم هذه الأسلحة ضمن وحدات عسكرية مختصة. ويبيّن أن المرحلة الثانية بدأت بتنظيم العناصر، وإجراء جرد نظامي، وإعداد ذاتيات للمقاتلين الموجودين في الفصائل، موضحاً أن هذه المرحلة مرت بعدد من العثرات، منها عدم رغبة بعض العناصر في الاستمرار بالعمل العسكري، ووجود عدد من العناصر غير الملتحقين وفق القوائم.
ويوضح حوراني أنه خلال هذه العملية، تم ضبط كافة العناصر، وإعداد الذاتيات الخاصة بهم في وزارة الدفاع، أي ذاتية مركزية في وزارة الدفاع، من قبل شعبة التنظيم والإدارة، ويضيف: "حالياً يجري العمل على اتجاهين، الأول هو الإعلان عن تنسيب عناصر جديدة لصالح وزارة الدفاع ضمن الوحدات العسكرية المتعددة، والأمر الثاني هو استيعاب الضباط المنشقين أفرادا لا كتلا". ويقول حوراني: "تم تحديد مقابلات للضباط المنشقين في مقرات في الشمال السوري، ويجري الضباط المنشقون مقابلات في إدارة شؤون الضباط يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وهذا الإجراء مفتوح لتلافي صعوبات السفر، أو لمن هم من الضباط خارج سورية ويتمكنون من الحضور إلى إدارة شؤون الضباط في دمشق، لإجراء المقابلة والاطلاع على اختصاصهم، ومن ثم تعبئتهم في المكان الذي يناسب اختصاصهم، ليتم فرزهم في أقرب وقت ممكن إلى المكان الذي يناسب اختصاصهم وإقامتهم".
ويذكر حوراني أنه خلال المرحلة السابقة أُعدت هيكلية عسكرية للوحدات الميدانية والفرق العسكرية التي وصلت تقريباً إلى ما يقارب 100 ألف بين قادة وعناصر ومقاتلين، ويضيف: "يجري العمل على إنشاء الإدارات والكوادر البشرية المتخصصة بالإدارات، مثلاً، شعبة التنظيم والإدارة هي بمثابة إدارة القوى البشرية في كل الجيوش، وهي موجودة في كل جيوش العالم. لذلك، تم اجتماع بين وزير الدفاع وشعبة التنظيم والإدارة، لأنها مسؤولة عن القوى البشرية في الجيش بشكل عام.
ويردف حوراني بالقول: "بعد الوصول إلى الذاتيات المركزية في شعبة التنظيم والإدارة، يجري العمل حالياً على دراسة إصدار بطاقات عسكرية خاصة بالملتحقين بالمؤسسة العسكرية، وبطاقات حمل السلاح، لأن العناصر السابقة في الفصائل، بشكل خاص، كانت لكل منها بطاقة عسكرية خاصة بها. هذه البطاقات سيتم التخلص منها، واعتماد بطاقة موحدة لكافة العاملين في وزارة الدفاع السورية".
تخبط في مرحلة التأسيس
من جهته يرى الباحث السياسي أنس الخطيب، أن هناك تخبطاً وخللاً في عملية بناء المؤسسة العسكرية السورية، وضعفاً في المعايير، وتجاوزات للتراتبية العسكرية، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن الجيوش النظامية في مرحلة التأسيس أو إعادة البناء تحتاج إلى الانضباط وفق المعايير الأكاديمية التي تصاحب كل مرحلة من مراحل التأسيس، ليكون المخرج النهائي جيشاً احترافياً.
ويمكن القول إن الجيش السوري يعاد بناؤه بشكل جذري للمرة الأولى منذ 1946، وفق ما بيّن الخطيب، قائلاً: "لكن إعادة البناء هذه تواجه عدداً من التحديات، كنقص الموارد والتنافس الداخلي، وتتأثر بشكل سلبي بعدم الاستقرار السياسي والأمني الحاصل في البلاد، بالإضافة إلى نقص الخبرة والتدريب، خاصة أننا نتحدث عن عملية انتقالية من الحالة الفصائلية والمليشياوية خارج إطار الدولة، إلى حالة الجيش النظامي".
ويلفت الخطيب إلى وجود أخطاء تزيد من تعقيدات عملية التأسيس، كتجاوز التراتبية العسكرية، وطريقة تجنيد الأجانب، وإعطاء بعضهم رتباً عسكرية عالية، كذلك منح رتب عسكرية عالية لمدنيين وعسكريين دون محددات علمية أكاديمية، مع ضعف في الاستفادة من الضباط المنشقين في تولي المناصب داخل الجيش، أو الاستفادة من الخبرات، رغم وجود بعض المحاولات لسد هذا الخلل، لكنها ليست بالمستوى المطلوب، مضيفاً: "عليه، لابد من مراجعة علمية شاملة لخطط واستراتيجيات عملية إعادة بناء الجيش السوري".
وكان وزير الدفاع السوري كشف عن أن نحو 130 فصيلاً عسكرياً دخل ضمن الهيكلية التنظيمية للوزارة، بعد توضيح الهيكلية العسكرية لهم، لافتاً إلى أن هذه الفصائل تخضع، بما فيها من وحدات، للبنية التنظيمية للوزارة، وأشار إلى أن بعض الفصائل مُنحت مهلة لمدة عشرة أيام لإتمام الالتحاق بالوزارة، باستثناء مناطق شمال شرقي سورية، كون المنطقة تخضع لاتفاق مختلف تنفذه تمضي الوزارة في تنفيذه.
