
تواجه الحكومة في العراق ضغوطاً ومطالبات من أطراف سياسية حليفة لإيران بإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة مع الولايات المتحدة الأميركية، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على إيران، واختراق الأجواء العراقية بموافقة "ضمنية" من جانب واشنطن، الأمر الذي يحرج حكومة بغداد، التي أعلنت أخيراً تضامنها مع إيران ضد إسرائيل.
ومنذ بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران فجر الجمعة الماضي، انتهك الطيران الإسرائيلي الأجواء العراقية، ومن ثم الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة العراقية، التي قدّمت بدورها شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل بهذا الشأن. وتفرض الاتفاقية الموقعة بين بغداد وواشنطن عام 2008 على الأخيرة دعم الأمن العراقي وتطوير قدراته القتالية، بما يشمل التدريب والتسليح، وحماية أجوائه، فضلاً عن التعاون في مكافحة الجماعات الإرهابية التي تهدد العراق.
وبحسب نواب من قوى سياسية تعارض أساساً الوجود الأميركي في العراق، خصوصاً من ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، فضلاً عن تظاهرات سُجلت في بغداد والمحافظات الجنوبية أخيراً، فإن الاتفاقية الأمنية "باتت غير مجدية، ويجب على الحكومة إلغاؤها، فضلاً عن ضرورة إخراج القوات الأميركية من العراق". وقال النائب عن كتلة "الصادقون"، الجناح السياسي لجماعة "عصائب أهل الحق" محمد البلداوي: "علينا إعادة النظر بكل الاستراتيجيات الأمنية والمواضيع المتعلقة بالأمن الداخلي العراقي"، مؤكداً في تصريح صحافي أمس الثلاثاء، أن "الكيان الصهيوني يسعى لجرّ العراق إلى ساحة المعركة، من خلال اختراق أجوائه واستخدام أراضيه لاستهداف إيران".
وشكك البلداوي في إمكانية "استخدام الأراضي العراقية لإطلاق طائرات مسيّرة (تطلق باتجاه إيران)، إذ إن الكيان الصهيوني أنشأ منذ فترة منظومات تجسس وشبكات عملاء في مختلف البلدان من ضمنها العراق، وقد أُلقي القبض على بعضها في حينه، وما زال يعمل على توسيع هذه الشبكات". من جانبها، دعت النائبة عن تحالف الإطار التنسيقي" حنان الفتلاوي، إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، وقالت في مداخلة لها في جلسة البرلمان "التداولية" التي عُقدت أمس الثلاثاء، لبحث ملف العدوان الإسرائيلي على إيران، إن "السيادة العراقية همّ لكل عراقي، ويفترض بنا أن نعمل على تحقيقها. ندعم الحكومة باتخاذ كل الإجراءات الدبلوماسية والقانونية لحفظ أجوائنا"، مشددة على أنه "آن الأوان لأن نلغي الاتفاقية مع الجانب الأميركي، لأنه لا يلتزم ببنودها، وقد باتت اتفاقية أحادية الجانب يفيد منها الكيان الصهيوني، والقواعد الأميركية بالعراق توفر الحماية للمحتل".
آن الأوان ان نلغي الاتفاقية مع الجانب الأمريكي …
— د. حنان الفتلاوي (@hanansmohsin) June 17, 2025
مداخلتي اليوم في جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة العدوان الصهيوني على الجمهورية الاسلامية وانتهاك سيادة العراق.. pic.twitter.com/bAA0otHTKI
توجه في العراق لإعادة تقييم اتفاقية الإطار الاستراتيجي
وفي السياق، أكد مسؤول حكومي عراقي أن "الضغوط بدأت تتصاعد مع استمرار الهجمات الإسرائيلية، واتساع تأثيرها على إيران"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "القوى السياسية ضمن تحالف الإطار، تريد من الحكومة موقفاً واضحاً إزاء بقاء القوات الأميركية، وإزاء الاتفاقية". وأكد أن "تلك القوى تتهم الحكومة بالسكوت على تعمد واشنطن عدم تسليح العراق بأنظمة دفاعات جوية لحماية أجوائه من أي انتهاكات، كما أن واشنطن قد تستخدم قواعدها في العراق لضرب إيران، أو صد صواريخها الموجهة نحو إسرائيل"، مشيراً إلى أن "الموضوع بات محرجاً بالنسبة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي يريد أن يبعد العراق عن أي صراع خارجي".
وأكد أن "تلك الأطراف الضاغطة تلقت وعودا بإعادة تقييم الاتفاقية الأمنية، والالتزام بإخراج القوات الأميركية بالموعد المقرر". وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أكد في اتصالٍ بادر بإجرائه الأحد، مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تضامن العراق "حكومةً وشعباً" مع إيران في مواجهة "العدوان الصهيوني السافر"، وقد جدد حرص العراق على أمن إيران واستقرارها، باعتبارهما "جزءاً لا يتجزأ من أمن المنطقة واستقرارها"، مشدداً على أهمية منع اتساع نطاق الحرب. وأشار إلى الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية على مختلف المسارات لوقف خروقات الأجواء العراقية من جانب الاحتلال الإسرائيلي.

أخبار ذات صلة.
